واصل الجانبان الأميركي والروسي تنازع «النصر» على تنظيم «داعش» في سورية والعراق، وفيما قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن استعاد «قرابة مئة في المئة» من الأراضي الخاضعة للتنظيم، قلّل مسؤولون روس من دور التحالف ضد «داعش»، ووصفوه بـ «الثانوي». ميدانياً، عاد القصف العنيف ليتصدّر المشهد في الغوطة الشرقية لدمشق، آخر معاقل المعارضة قرب العاصمة، حيث وُثق مقتل 29 شخصاً، بينهم أطفال، خلال الساعات الـ48 الماضية.

ويتصدر الملف السوري المحادثات المرتقبة بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره التركي رجب طيب أردوغان في باريس الجمعة المقبل، إذ أفاد مصدر في مكتب الرئاسة الفرنسية بأن من بين الأزمات الإقليمية التي يعتزم الزعيمان مناقشتها، سيكون هناك تركيز خاص على سورية. يأتي ذلك بعد أيام من إطلاق أردوغان تصريحات عنيفة ضد الرئيس السوري بشار الأسد، إذ وصفه بأنه «إرهابي»، وأكد أنه «يستحيل استمرار جهود السلام في سورية ما لم يترك السلطة». وكان ماكرون صرّح في وقت سابق بأن بلاده ستدفع من أجل إجراء محادثات سلام تضم كل الأطراف السورية، بما في ذلك الأسد، ووعد بطرح «مبادرات» مطلع السنة الحالية.

وفي موسكو، قلّل رئيس لجنة السياسة الإعلامية والتعاون مع وسائل الإعلام، عضو لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي ألكسي بوشكوف، على «فايسبوك» أمس، من شأن ما قاله الرئيس الأميركي في خطابه الأسبوعي مساء أول من أمس عن «تحقيق نجاح تاريخي في الحرب ضد داعش» واستعادة «قرابة مئة في المئة» من الأراضي الخاضعة له، واعتبر أن هذه الأقوال «لا تتفق مع الواقع ولا تمت له بصلة، وهي زائفة وجاءت لأغراض سياسية».

في الوقت ذاته، رأى النائب الأول لرئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس الشيوخ فرانز كلينتسيفيتش، أن «ترامب سيُذكر في قاع التاريخ كرئيس للولايات المتحدة في زمن الانتصارات العظيمة لروسيا في سورية». كما قال نائب رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس النواب الروسي (الدوما) ألكسي شيبا، إن نَسْب ترامب الفضل إلى التحالف في تحرير أراضٍ سورية وعراقية من «داعش» ما هو إلا «محاولة لمصادرة النصر»، واصفاً دور التحالف في المعركة ضد «داعش» في سورية بأنه «ثانوي»، خصوصاً في السنوات الأخيرة «حين كان الأميركيون يقومون بنشاطات تهدف إلى دعم المسلحين».

وكان النظام السوري جدّد اتهام التحالف بتأمين خروج مسلحي «داعش» من مناطق القتال في دير الزور. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أول من أمس، بأن مروحيات أميركية نقلت مجموعة من مقاتلي «داعش» من مخيم السد جنوب مدينة الحسكة إلى «جهة مجهولة»، مشيرة إلى أن هذه المجموعة هي ذاتها التي نقلها التحالف قبل فترة من قرى الشعيطات في ريف دير الزور الشرقي.

على الصعيد الميداني، لم تكد الغوطة الشرقية لدمشق تلتقط أنفاسها بعد إجلاء محدود لـ29 مريضاً من بين حوالى 500 بحال حرجة فيها، حتّى تجدد القصف العنيف والمعارك القاسية. وعلى رغم أن الغوطة الشرقية لدمشق تقع ضمن اتفاق خفض التوتر الذي توصلت إليه محادثات آستانة في أيار (مايو) الماضي، إلا أن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» وثّق مقتل 29 شخصاً في الساعات الـ48 الأخيرة، من ضمنهم أطفال، نتيجة قصف جوي ومدفعي تعرضت له مدن الغوطة وبلداتها.