وجه رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سماحة آية الله الإمام الشيخ عبد الأمير قبلان رسالة بحلول العام الجديد استهلها بقوله تعالى: والعصر ان الانسان لفي خسر الا الذين امنوا وعملوا الصالحات....، فالانسان في حالة من الخسارة الدائمة بإنقضاء عمره ، وكل يوم يمضي إنذار لدنو الأجل ، وهذه الخسارة تتحول الى فوز اذا اقترنت حياة الانسان بالعمل الصالح ، مما يحتم ان يتعظ الجميع ويعوا أنهم محكومون بالموت باعتباره مصيراً محتوما لا مفر منه، حيث يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الإنسان إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ). من هنا فإن الإنسان مدعو إلى تحويل حياته إلى حالة من الفوز الدائم بالانتصار على شهواته والتزام طاعة الله ، فكل عمل يقوم به الإنسان يحدد مصيره وعاقبته، والله لا يضيع اجر العاملين، لذلك فإن ليلة رأس السنة مناسبة مؤاتية لقيام كل منا بجردة حساب لحياته فيصلح شأنها ويصحح مسيرتها وأحوالها ، وعلينا ان نجهد لتكون ايامنا حافلة بالطاعات، فلا يجوز احياء رأس السنة وغيرها من الايام في اجواء الفسق والفجور واللهو المحرم والتنجيم تحت عنوان التوقعات والاسراف في التبذير واطلاق الرصاص ابتهاجاً، فكل هذه الاعمال تنافي تعاليمنا الدينية وقيمنا الاخلاقية، وحري بالمؤمنين ان يجددوا كل يوم طاعتهم لله وينتهزوا فرص الخير فانها تمر مر السحاب.
وطالب الامام قبلان قادة العرب والمسلمين ان يصححوا مسيرتهم السياسية في التزام نهج الحق ونصرة المظلوم ومحاربة الباطل المتمثل بالطغيان والعنف والإرهاب، فيوقفوا نزيف الدم في اليمن ويدعموا انتاج حل سياسي ينقذ شعبه من الحصار والقتل والمرض، ولا يجوز ان يغفل الجميع عن معاناة شعب البحرين المضطهد والمظلوم، وعليهم ان يصوبوا البوصلة باتجاه نصرة فلسطين ودعم شعبها البطل في انتفاضته ومقاومته، فلا يجوز السماح باستفراد هذا الشعب ليصبح فريسة الوحشية الصهيونية التي تستهدف العرب والمسلمين في مقدساتهم ورمزية دينهم، فالقدس عاصمة فلسطين، وهي عربية الهوية ايمانية الانتماء ، ولايمكن ان تكون عاصمة لكيان غاصب قائم على الباطل والظلم والشر، ولايجوز لاي سلطة ان تمنح اعترافاً بشرعية هذا الكيان الذي نعتبره عدوا للدين والانسان والوطن، وكل تعامل معه او اعتراف به عمل محرم بكل المعايير الدينية والاخلاقية والانسانية.
واستنكر الارهاب التكفيري المتنقل من حلوان في مصر الى بطرسبورغ في روسيا، في اعمال ارهابية نستنكرها بشدة بوصفها اجراما موصوفا يطال المصلين في كنائسهم والابرياء المدنيين في حياتهم، كما استهدف مؤخرا مسجد العريش في سيناء، فهذه التفجيرات الارهابية اعمال همجية لا تمت الى الدين بصلة، وهذا الارهاب بات افة عالمية عابرة للحدود والدول فهي عدو للانسانية جمعاء، ولابد تتضافر الجهود للحد من مخاطر انتشارها ومحاربة منابعها ومكافحة مدارسها وتجفيف مصادر تمويلها.
وطالب الشيخ قبلان السياسيين في لبنان بالاحتكام الى القانون والقضاء ليكون لنا دولة مدنية تقوم على بناء المؤسسات و احترام القانون و التزام الدستور بعيداً عن منطق المحسوبيات والمحصاصات الذي اثبتت التجارب عقم فشله، وعليهم ان يجسدوا شراكتهم في الحكم من خلال مراعاة الميثاق الوطني والعمل بالدستور والنأي بالدولة عن حسابات المحاصصة وتهميش واقصاء اي مكون سياسي او طائفي، ولاسيما ان المؤسسة العسكرية هي انجح مؤسسة وطنية وهي رمز وحدتنا وموضع افتخارنا لما حققته من انجازات ينبغي استحضارها وتعميمها على سائر المؤسسات، فالجيش والمقاومة هما سياج حماية لبنان وشعبه، وعلى الجميع ان يتضاموا في مواجهة عدو لبنان الاول المتمثل بالارهابين الصهيوني والتكفيري. ولبنان المنتصر على الارهاب يتطلع الى المستقبل المشرق لابنائه الذين استطاعوا ان يتجاوزوا الازمات وينتصروا على المشاكل بفعل تضامنهم وتشاورهم والتزامهم الحوار وسيلة لتذليل العقبات وانجاز التفاهمات والاستحقاقات، فاللبنانيون مطالبون اليوم بالعمل لتحصين وحدتهم بتضامنهم وتعاونهم في مسيرة النهوض بالواقع المتردي الذي ادخل غالبية اللبنانيين في خانة الفقر، وعليهم ان ينتفضوا على الفساد والهدر ومنطق المحاصصة من خلال مشاركتهم الكثيفة في الانتخابات المقبلة واختيار الاكفأ والافضل من اصحاب الخبرات المشهود لهم بالنزاهة والاهلية لتحمل مسؤولية خدمة الناس والوطن.
وتوجه قبلان بالشكر الى الجيش والقوى الامنية على سهرهم لحفظ الامن والاستقرار، املاً ان يكون كل اللبنانين عوناً لجيشهم في توفير الامن وعدم مخالفة القوانين، متمنياً ان يحمل العام الجديد معه تباشير الخير والوئام والامن والسلام للبنان والعرب والمسلمين.