إلى الأصدقاء اليوميين الذين يتفاعلون مع ما نكتب سواء من "المليكيين " أو من الشاتمين الذين يحاولون أن يكونوا على قدر من المسؤولية في تعاطيهم مع القضايا الوطنية والقومية من خلال اصطفافاتهم السياسية والطائفية في محور من المحورين المتقاتلين من لبنان الى اليمن واتصالاً بسورية والعراق وفلسطين والبحرين وما هو أبعد من ذلك في ارتباط دولي بإحدى الدول النافذة من أميركا الحاكمة للعالم الى روسيا الساعية وراء قوّة تطعم اقتصادها المنهك وظروفها المثقلة بالأزمات .
إلى إخوة ورفاق لا نعرفهم ولكن نقرأ تعليقاتهم المثيرة للجدل والداعية الى إعادة النظرة في طبيعة العقل الحزبي والطائفي والمذهبي لتصحيح الخلل القائم في علاقتنا اللبنانية – اللبنانية والقائمة على عصبية مُفرطة ومهددة للأمن الاجتماعي والساعية وراء أجواء ليست لمصلحة أحد على الاطلاق خاصة و أننا جربنا الحروب التي لم تفعل أيّ فعل على مستوى الهوية الطائفية للبنان ولم تشطب أحداً من المعادلة وبقيّ الاختلاف قائماً بين اللبنانيين كوحدات اجتماعية وكشبكات سياسية ولم يُنجز أي طرف مشروع وضع لبنان في سلّة واحدة .
إقرأ أيضًا: ممانعة وتطبيع
لقد حاول اليساريون جعل لبنان جزءًا من المنظومة الإشتراكية في العالم ولم يفلحوا كما لم يستطع اليمين اللبناني في إبقاء النظام في عهدة الغرب وفي حضانة المارونية السياسية وخرجت المقاومة الفلسطينية منه عارية من كل شيء بعد أن حاولت" فلسطنة" لبنان ولم تنجح الوصاية السورية في ضم لبنان إلى المحافظات السورية بعد أن أرهقته بمزيد من الفتن الداخلية وهربت مسرعة منه بقرار أميركي جدي ولم يتمكن حزب الله رغم قوته الكاملة من السيطرة المطبقة على لبنان فبدا فريق 8 آذار أوهن من أن يقود وحده السفينة السياسية وكانت تجربته بلسانه مرّة في أحادية السلطة كما لم يتمكن تيار المستقبل من تحقيق شعار واحد من شعارات ثورة الأرز وتوزع فريق 14 آذار هنا وهناك بعد أن فشل في الحكم والممارسة السياسية وفي قيادة جمهور أكبر بكثير من قدراته وهكذا حال إيران والسعودية فكلتا الدولتين واهنتين في مسك قرار لبنان والأمثلة في هذا المجال كثيرة وهي لا تختصر على من ذكرنا .
لذا تبدو محاولة التعاطي مع الاعتدال أقرب للتقوى السياسية لأن التطرف في الفعل مؤداه الخراب والدمار وإبقاء منطق الحرب اللاغية والعبثية وحدها السائدة والمعطلة لقيام وطن متعاف من أورام التطرف الخبيث فحبذا لو نعيد رسم صورة جديدة لردود الأفعال منسجمة مع قيم الإعتدال باعتبار أن الخلاف لا يُفسد في الود قضية و أن من حقنا قول ما نراه مُحقاً ومن حق من يخالف ما نراه أن يردّ ولكن بعيداً عن الشتم والتهوين والتخوين والإرتقاء إلى أدب الإختلاف وهذا ما سيدفع إلى عقلنة الخلاف وسيفيدنا كل بحسب موقعه ودوره في إتاحة فرص سياسية جديدة لقوى و أطر إجتماعية باحثة عن وطن بمواصفات وطنية وعن دولة بمعايير الدولة الديمقراطية والتي تحمي الخلاف كونه طبيعة بشرية ومعياراً من معايير الدولة الحديثة. عساها تكون سنة إستجابة ويمن وخير وبركة للبنان الجديد .