تعدت الإحتجاجات التي إنطلقت بمدينة مشهد يوم الخميس الماضي إلى مدن عدة ومنها أصفهان وكرمنشاه وقزوين ورشت وقم وتجاوزت الشعارات حدودها الحكومية لتصل إلى النظام والمرشد الأعلى وتمحورت الشعارات حول المشاكل الإقتصادية والفساد التي تعاني منها البلاد.
وليست تلك الإحتجاجات هي الأولى من نوعها بعد إنتصار الثورة الإيرانية وتشهد المدن الكبرى الإيرانية بين سنوات وسنوات تظاهرات شعبية تطالب بمكافحة الفساد المستشري في أجهزة الدولة والنظام.
وتفاقم الفساد في ظل العقوبات الإقتصادية الدولية ضد إيران بسبب برنامجها النووي والحصار الذي فرضته الولايات المتحدة ومازالت تستمر في فرضها على إيران بعد توقيع الإتفاق النووي.
داخليًا تركت الإحتجاجات التي أطلقت يوم الجمعة تأثيرها على السوق المالي الإيراني حيث شهدت بورصة طهران للأسهم المالية هبوطا ملحوظا بداية الدوام يوم السبت اليوم وثم تحسن بعد ساعات.
هذا وكان عدد من المتظاهرين في جميع المدن لم يكن هائلا يهدد النظام اطلاقا فضلا عن أن هناك مساحة من الحرية السياسية والإجتماعية النقابية في إيران تجعل من اليسير تجاوب النظام للمطالب التي تعبر عنها عامة المتظاهرين ولكن ما يطمئن النظام هو أن الطبقة الوسطى لا تتبنى تلك الإحتجاجات وهي تعول على حكومة الرئيس حسن روحاني وتعلق عليها آمالها وتقف موقف الداعم السند لها.
إقرأ أيضًا: خصوم روحاني يشعلون نار الفتنة
وفي المقابل هناك فئات من المتشددين أطلقوا منذ شهور حملة "أنا نادم من التصويت لصالح روحاني" بينما هم لم يصوتوا لروحاني، وإنما كانوا يريدون ضرب شعبية روحاني ولكنهم فشلوا في مخططهم خاصة بعدما جدد الرئيس السابق محمد خاتمي دعمه للرئيس روحاني واعتبر حملة الندم مؤامرة يجب الصمود في وجهها.
ونفس الموقف كرره إسحاق جهانغيري المعاون الأول للرئيس، الذي حذر يوم الأمس خصوم الرئيس من مغبة تلك المؤامرات.
خارجيًا ودوليًا رحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالإحتجاجات في إيران معتبرًا أن محتجي إيران فاض بهم الكيل من فساد الحكومة وتمويله للإرهاب وإهدار أموال الشعب.
ولكن الشعب الإيراني يعرف جيدا أن القوة الدفاعية التي تحظى بها إيران هي ضمان لأمنها واستقرارها فضلا عن أن الولايات المتحدة وفق إعتراف الرئيس ترامب هي التي ولدت داعش وأخواتها وتلك الجماعات الإرهابية ما زالت مدعومة من قبل الولايات المتحدة.
إقرأ أيضًا: موجة إعتقالات واسعة بين صفوف مقربي أحمدي نجاد
حتى موضوع التدخل الإيراني في سوريا واليمن لم يعد موضوعا للإحتجاج حيث يرى الإيرانيون بأنه إذا كان يحق للولايات المتحدة أن تقطع آلاف الكيلومترات لتدخل الأراضي السورية وتتدخل فيها عسكريا فكيف لا يحق لإيران أن تدعم حليفها في سوريا؟ من أعطى لأميركا الحق في التدخل في سوريا وحرم إيران منها؟!
الإحتجاجات والتظاهرات التي شهدتها البلاد يوم الجمعة الماضي لم تكن تستهدف إسقاط النظام وإنما كانت لإصلاح الإدارة ومكافحة الفساد والتخفيف من الغلاء المتوقع في العام التالي، حيث أن هناك توقعات مخيفة لإرتفاع أسعار المحروقات التي سيترك تأثيرها على جميع مرافق الحياة كارتفاع سعر البنزين 50 في المائة على سبيل المثال.
المواطنون يريدون إرسال رسالتهم التي تطالب الحكومة بالكف عن رفع الأسعار لأن كاهلهم لا يتحمل المزيد من الغلاء.
أما ترحيب الولايات المتحدة ومطالبتها العالم بدعم الإحتجاجات في إيران فلن تؤثر على النظام الإيراني إلا إيجابيًا حيث أن الشعب رأى بأم عينيه بأن الولايات المتحدة لا تريد خيرًا للشعب الإيراني.
التعويل على التفاؤلات الساذجة التي تبشر بسقوط النظام الإيراني لحد الآن هو تعويل في غير مكانه، إيران أقوى من الإنهيار.