اتخذت السلطة الفلسطينية أمس، خطوة إضافية في طريق ترسيخ الحضور الدولي والانضمام إلى المنظمات والاتفاقات الدولية، في أعقاب قرار الرئيس الأميركي الاعتراف بالقدس «عاصمة لإسرائيل»، تجلت في تسليم صكوك الإنضمام إلى الاتفاقات والمعاهدات الدولية.
وأعلنت أنها ستطلب من الاجتماع الوزاري العربي في عمان الشهر المقبل، «عقاب الدول التي تنقل سفارتها إلى المدينة المقدسة وصولاً إلى قطع العلاقات». في المقابل لوّحت إسرائيل بـ «جزرة المساعدات» إلى الدول التي ستمضي على خطى ترامب.
وفي القاهرة دعا البرلمان العربي إلى عقد قمة عربية طارئة لتجنيد الطاقات كافة من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وعاصمتها الأبدية القدس. وشدد على ضرورة إنهاء الانقسام.
وكان أعلن أول من أمس، أن اللجنة الوزارية المصغرة التي تضم وزراء خارجية السعودية ومصر والأردن وفلسطين والمغرب والإمارات، إضافة إلى الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، ستعقد أولى اجتماعاتها في عمان في السادس من الشهر المقبل، للبحث في كيفية التعاطي مع تداعيات القرار الأميركي في شأن القدس. وقال وزير الخارجية الفلسطينية رياض المالكي إنه سيقترح على الاجتماع اتخاذ حزمة من الإجراءات السياسية والاقتصادية ضد أي دولة تنقل سفارتها إلى القدس، وصولاً إلى قطع العلاقات معها، تطبيقاً لقرار قمّة عمان التي عقدت عام 1980.
وستقترح فلسطين على الدول العربية وقف علاقاتها الاقتصادية مع غواتيمالا لإجبارها على العدول عن قراراها نقل سفارتها إلى القدس. وأوضح المالكي أن «اقتصاد غواتيمالا يعتمد على إنتاج الهيل، وأن 90 في المئة من صادراتها منه تذهب إلى الدول العربية، ويمكننا مقاطعتها وإجبارها على العدول عن قرارها»، لافتاً إلى «اتصالات جرت مع اتحاد مزارعي الهيل الغواتيماليين، الذي حذر بدوره الحكومة من مغبة القيام بهذه الخطوة». وأشار إلى أن «من شأن قرار كهذا أن يوقف خطوة هذه الدولة ويمنع غيرها من تكرارها خشية العقوبات الاقتصادية».
وأضاف: «نتواصل بهدوء مع الدول التي صوتت ضد مشروع القرار الفلسطيني في شأن القدس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومنهم من قال إنه لن ينقل السفارة، ومنهم من قال إنه يقع تحت ضغط هائل من أميركا وإسرائيل، مشيراً إلى أن «الجاليات الفلسطينية في تلك الدول تلعب دوراً في الاتصالات».
إلى ذلك، أكد المالكي في بيان أن وزارة الخارجية سلمت أمس صكوك الانضمام إلى الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، التي وقع عليها الرئيس محمود عباس. واعتبر أن انضمام فلسطين إلى 22 اتفاقية ومنظمة دولية، «يشكل أحد أهم أدواتنا الرئيسة في اعتماد القانون الدولي سبيلاً للوصول إلى الحقوق المشروعة للفلسطينيين».
وقال إن «هذا التحرك ينسجم مع الهدف الأسمى الذي يتجلّى في إنهاء الاحتلال وإنجاز استقلال دولة فلسطين على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس، مشيراً إلى «جاهزية كاملة للامتثال لمتطلبات وقواعد ومبادئ الاتفاقيات».
في المقابل، لوح رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو بجزرة المساعدات للدول الفقيرة لاستقطاب دعمها، إذ دشن أمس صندوقاً مالياً لـ«تقديم المساعدات المالية للدول التي تعترف بالقدس عاصمة لها». وسيقدم الصندوق مساعدات بملايين الدولارات لـ50 دولة في جميع أنحاء العالم. ووفقاً للقناة الثانية العبرية، فإن الحديث يدور عن مبادرة لنتانياهو لإنشاء صندوق يستثمر الملايين في الدول التي ستدعم إسرائيل. ويعرف بـاسم «50 إلى 50»، إذ يدعو إلى توزيع 50 مليون دولار على 50 دولة. وسيحصل كل بلد على مجموعة المساعدات التي تناسبه، سواء في الزراعة أو تحلية المياه، القيادة أو التكنولوجيا. وتعهد نتانياهو بأن «تلمس الديبلوماسية الإسرائيلية التغيير لمصلحتها» خلال عقد من الزمن.
وأعلنت نائبة وزير الخارجية تسيبي هوتوفلي، أن «إسرائيل تتواصل مع عشر دول على الأقل لتنقل سفاراتها إلى القدس». ولكنها لم تكشف أسماء الدول التي قد تتخذ هذه الخطوة، إلا أن مصادر إسرائيلية ذكرت أن «هندوراس والفيليبين ورومانيا وجنوب السودان بين الدول التي قد تتخذ هذه الخطوة»، لكن وزارة خارجية جنوب السودان رفضت التسريبات الإسرائيلية. وأكد الناطق باسمها السفير ميوين ماكول أن جوبا لم تفكر أو تجر مشاورات مع إسرائيل لنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس.
وزاد: «موقفنا كحكومة واضح، نحن نؤيد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة التي رفضت الإعلان الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونعتقد أن حل قضية القدس مرهون بالمفاوضات واتفاق الأطراف، وحتى الآن لم نفكر بنقل سفارتنا»، مؤكداً أن دولته «تؤيد حلاً تفاوضياً».
في غضون ذلك، أعلن رئيس البرلمان العربي الدكتور مشعل بن فهم السلمي خطة عمل أقرها البرلمان للتصدي لترشُح إسرائيل لشغل مقعد غير دائم في مجلس الأمن لعامي 2019-2020. وخلال افتتاحه جلسة البرلمان أمس، تحت شعار: «القدس عاصمةٌ أبديةٌ لدولة فلسطين» أكد «موقف البرلمان العربي الثابت تجاه قضيته المركزية الأولى فلسطين، وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس». وقدم التحية إلى «الطفلة المناضلة عهد التميمي، والشهيد البطل إبراهيم أبو ثريا، ولشباب وكهول ونساء وأطفال الشعب الفلسطيني الصامد الذي يدافع عن كرامة وعِزة فلسطين والأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم».