كتبت لميا شديد في "سفير الشمال": فوجىء اللبنانيون بخبر الحادث الذي تعرضت له ابنة الكورة عند جسر المدفون، ونقلت على أثره الى مستشفى البترون.
الخبر غزا مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية والصحف لأنه يتضمن مفاجأة لم يعتد على سماعها معظم اللبنانيين.
فرح. د، فتاة في ريعان الشباب ترقد في غرفة العناية الفائقة في المستشفى تحت المراقبة الطبية لدقة حالتها نتيجة اصابتها، في حين يرفض أهلها اي عملية نقل دم اليها لالتزامهم بمعتقدات "شهود يهوه" حتى ولو أدى ذلك الى وفاتها.
حيال هذا الواقع، شهد مستشفى البترون والهيئة الادارية فيه والجسمان الطبي والتمريضي حالا من الحيرة بين الاستجابة لشروط الاهل والمبادىء العلمية والطبية التي تلزم الطبيب والممرض والقيمين بالقيام بالمستحيل لانقاذ حياة الانسان.
في حقيبة فرح بطاقة كتبت عليها عبارة "أنا من شهود يهوه وارفض نقل الدم الى جسمي من أي شخص آخر"، الأمر الذي أربك إدارة المستشفى والاطباء إلا أن الاهل حضروا وشددوا على "عدم نقل الدم لابنتهم بعد العملية الجراحية التي أجريت لها لأن وضعها تحسن ولن تحتاج الى دم حيث ان هناك علاجات بديلة بالاضافة الى العملية قد تنقذ حياتها".
مدير مستشفى البترون لازم الصمت منتظرا اي تطور في حالة فرح لاتخاذ التدابير اللازمة وفق القانون الطبي، إلا أن الأهل يصرون على رفضهم القاطع لنقل الدم اليها بالقول: "نحن من شهود يهوه وفي معتقداتنا منع لذلك".
بالنسبة لـ "شهود يهوه" "الجرَّاحون كثيرا ما يُجرون عمليات معقدة، كعمليات القلب وجراحة العظام وعمليات زرع الاعضاء دون نقل دم والمرضى الذين لا يُنقل اليهم دم حتى الاطفال، يتماثلون للشفاء عادة مثلهم مثل مَن يَقبلون نقل الدم، او بصورة أفضل ايضا".
وفي مطلق الاحوال، لا احد يستطيع ان يجزم بوفاة مريض اذا لم يُنقل اليه دم او ببقائه على قيد الحياة لأنه قبل نقل الدم، وبرأي شهود يهوه "العلاجات الطبية التي لا تعتمد على الدم هي اقتصادية، اي توفِّر اكثر بكثير مما تكلِّف، ونحن نَنشد أفضل عناية طبية متوفرة لنا ولعائلاتنا. وعندما نواجه مشاكل صحية، نختار أطباء لديهم خبرة في العناية الطبية والجراحة من دون نقل دم. كما اننا نقدِّر التقدُّم الذي يحرزه الطب في هذا المجال، فقد طُوِّرت علاجات من دون نقل دم خصوصا من أجل المرضى المنتمين الى شهود يهوه، وهذه العلاجات يستفيد منها اليوم جميع الناس دون استثناء، وفي بلدان عديدة بات بإمكان المريض، اي مريض، ان يتجنب مخاطر نقل الدم كالامراض المحمولة بالدم، تفاعلات الجهاز المناعي، والمضاعفات الناجمة عن الاخطاء البشرية".
أما المجتمع الطبي عموما فيرى أن "بدائل نقل الدم أو ما يسمّى المعالجة دون دم هو بدعة طبية محفوفة بالمخاطر، لا بل انتحارية".
وهكذا، وأمام واقع الحال بالنسبة للشابة الكورانية فرح لن تقف إدارة المستشفى مكتوفة الأيدي في حال تدهورت حالتها واستدعى الامر نقل دم الى جسمها، ما اضطر إدارة المستشفى للاتصال بالقضاء المختص لتأمين مؤازرة أمنية لاتمام عملية نقل الدم وفقا للقانون في حال احتاجت فرح لذلك.