في مؤشر إلى جدية المساعي الفلسطينية لتحقيق انفراجة في المصالحة الوطنية، علمت «الحياة» أن حركتي «فتح و «حماس» اتفقتا على عقد لقاء بين قيادتيْهما بحضور الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لـ «حماس» إسماعيل هنية، وأن اختراقاً سُجّل في اثنين من ملفات المصالحة المتعثرة.
وعكست هذه الأجواء تصريحات للرئيس الفلسطيني أمس، أثناء استقباله في رام لله السفير المصري سامي مراد لمناسبة انتهاء مهمات عمله في الأراضي الفلسطينية، إذ أكد أن تحقيق الوحدة الفلسطينية «مصلحة وطنية عليا»، وقال: «سنذهب إلى المصالحة وننجزها لمواجهة الظروف الدقيقة التي تمر بها القضية الفلسطينية».
وكشفت مصادر فلسطينية موثوقة لـ «الحياة» أن رئيس «حماس» في قطاع غزة يحيى السنوار اتفق مع عضو اللجنة المركزية ومسؤول العلاقات الوطنية في حركة «فتح» عزام الأحمد، على عقد اجتماع بحضور عباس وهنية لدفع المصالحة وحل القضايا والملفات الشائكة. ورجحت أن يُعقد الاجتماع في القاهرة برعاية مصرية مباشرة وحثيثة، من دون تحديد موعد لذلك.
كما كشفت المصادر تحقيق اختراق طفيف في ملفيْ الموظفين والكهرباء، مشيرة إلى أن رئيس الحكومة الفلسطينية، رئيس اللجنة الإدارية القانونية المكلّفة النظر في ملف موظفي «حماس» رامي الحمدالله، أصدر قراراً بضم الرئيس السابق لديوان الموظفين العام رئيس ديوان الرقابة الإدارية والمالية في القطاع حالياً محمد الرقب، إلى اللجنة.
يعني ذلك أن الحمدالله وافق جزئياً على مطلب لـ «حماس» التي تطالب بضم ثلاثة خبراء يمثلونها إلى اللجنة وفقاً لاتفاق المصالحة في القاهرة، وهم وكيل وزارة المال في غزة يوسف الكيالي، ورئيس ديوان الموظفين العام الحالي محمد عابد، والرقب.
كما كشفت المصادر أن الحمد الله وافق على الطلب من سلطات الاحتلال الإسرائيلي إعادة توصيل 50 ميغاواط من التيار الكهربائي إلى القطاع كانت الحكومة طلبت قطعها قبل ثمانية أشهر، لترتفع إلى 120 ميغاواط، شرط أن تدفع شركة توزيع الكهرباء في القطاع مسبقاً ثمنها البالغ 10 ملايين شيكل شهرياً. وكانت المصالحة تعثرت مطلع الشهر نظراً لعدم دفع حكومة التوافق رواتب موظفي حكومة «حماس» السابقة، وعدم إلغاء العقوبات المفروضة على مليوني فلسطيني في القطاع يعيشون في ظروف مأسوية وفي ظل أزمات متفاقمة تشمل الكهرباء ومياه الشرب والعلاج الطبي والفقر والبطالة والحسوم على رواتب موظفي السلطة الفلسطينية.
ووفق المصادر، فإن الحكومة رفضت دفع رواتب موظفي حكومة «حماس» ورفع العقوبات عن القطاع رداً على عدم تسليم الحركة أموال الضرائب والرسوم التي تجمعها الوزارات والهيئات الحكومية التي يديرها ويقودها الوكلاء المنتمون للحركة.
وقالت المصادر إن السنوار والكيالي أبلغا «اللجنة الوطنية لمتابعة إنجاز المصالحة» (شُكلت مطلع الشهر بمشاركة ممثلين عن معظم الفصائل، باستثناء فتح وحماس)، إن وكيل وزارة المال في حكومة التوافق فريد غنّام رفض استلام أموال الجباية بدعوى أن عباس «أعفى بمرسوم رئاسي (عقب الانقسام) سكان القطاع من الضرائب والرسوم المفروضة عليهم وفقاً للقانون».
وأضافت أن السنوار استعرض مع أعضاء «لجنة إنجاز المصالحة» بحضور أعضاء اللجنة التي شكلتها «حماس» لتسليم الحكومة وتمكينها، كلَّ الخطوات والقرارات والإجراءات التي اتخذتها الحركة في هذا الخصوص، كما أبدى استعداد الحركة ولجنة التسليم للتعاون التام مع لجنة المتابعة، التي تحظى بدعم مصر، وتتحفظ «فتح» على تشكيلها ولو تطلب الأمر «استجواب اللجنة وأعضائها» في إطار دفع المصالحة.
وفي القاهرة، اجتمع الأحمد مساء أول من أمس الأربعاء الماضي مع مسؤولين مصريين مكلفين متابعة تنفيذ اتفاق المصالحة، وناقش معهم المضي قدماً في خطوات تنفيذ الاتفاق بكل بنوده وإنهاء الانقسام.
وأوضح في تصريحات أمس، أنه استعرض مع المسؤولين المصريين العقبات والعراقيل التي تعيق تنفيذ الاتفاق. وكشف أنه كان على اتصال مع «حماس» أثناء وجوده في مصر لتذليل المصاعب والعقبات كافة أمام مسيرة إنهاء الانقسام، مؤكداً «ضرورة الالتزام الكامل بتنفيذه (الاتفاق) نصاً وروحاً، وبشكل دقيق وأمين، خصوصاً في هذه المرحلة التي تواجه فيها القضية والشعب الفلسطيني تحديات وأخطاراً عدة».