*أبو غبريال = جبران باسيل
صورتان قدمتا لنا في اليومين الماضيين ولم تهدأ بعد الضجة التي أثيرت حول صورة قائد عصائب أهل الحق ( الشيعي العراقي ) على الحدود اللبنانية الفلسطينية ، واحدة للمدعو الحج حمزة قائد ما يسمى بلواء الإمام الباقر ( شيعي سوري الجنسية من مدينة حلب) في زيارة له أيضا للحدود اللبنانية مع فلسطين، ليكتمل به المشهد " السليماني " من طهران إلى العراق مرورا بسوريا ووصولا إلى بوابة فاطمة.
هذا المشهد الكاريكاتوري الموجه بالدرجة الأولى إلى جمهور الممانعة والذي أرادت منه إيران وإعلامها ضخ شي من الدماء في شرايين البروبوغندا "المقدسية "، حيث أصيبت بالكثير من التخثر والتصلب الشراييني بعد قرار ترامب المتعلق بنقل عاصمته إلى القدس واعترافه بها عاصمة أبدية لإسرائيل، والردود الساذجة والصادمة من هذا المحور بالتصدي له عبر السوشيال ميديا .
فكان لا بد من إختراع مشهدية إفتراضية تحاكي الآمال المعقودة على هذا المحور، وتنتشل جمهوره من صدمة الجمود والإكتفاء بأقل من الردود العربية الممجوجة منذ عقود وبالخطابات الشعاراتية الفارغة التي تعودنا عليها.
وأؤكد على كاريكاتورية المشهد هنا، لأن أبو العباس هذا لو كان هو ومن خلفه يمتلكون شيء من الجدية لكان من الأجدى له ولمحوره أن تكون صورته في منطقة الجولان المحتل والهادئ إلى أقصى الحدود، لا في الجنوب المحرر !
الصورة الثانية التي لا تقل بمدلولاتها عن الصور أعلاه، هي مقابلة " أبو غبريال " جبران باسيل وزير خارجية لبنان والحليف الأول لحزب الله، مع قناة الميادين المدعومة إيرانيا، وما أدلى به بخصوص العداء مع إسرائيل والإعتراف بحق إسرائيل بالوجود والعيش بأمان، وأن الصراع معها ليس له وجه إيديولوجي !
إقرأ أيضا : باسيل والجنوح نحو التطبيع ...كلامُ حق يُرادُ به باطل
ولا نحتاج إلى كثير من إعمال العقل حتى ندرك بأن مواقف جبران باسيل، هي رسائل سياسية إيرانية بامتياز، وأنها المعبّر الحقيقي عن الموقف المعتمد بخلاف القنابل الدخانية لأبو العباس والخزعلي، بدليل الصمت المطبق وعدم الرد على هذه المواقف ( باستثناء جريدة الديار )، وكان واضحا جليا لأي متابع للمقابلة، بأن تمرير هذه الرسائل كان هو الهدف من إجراءها أصلا، حتى أن جبران باسيل إضطر إلى قول ما قاله كرد على جواب ليس له علاقة بالموضوع.
فالزميلة الصحفية سألته عن ذهاب بعض الدول العربية بمسألة التطبيع مع العدو وكانت تغمز المسكينة إلى المملكة العربية السعودية, ليأتي الرد الصادم من وزير خارجية لبنان ( الممانع ) بما لم يجرؤ حتى وزير خارجية المملكة عادل الجبير بالتلفظ به وهو الملتزم حرفيا بمقررات المبادرة العربية التي تخطاها الإيراني بلسان جبران بمسافات كبيرة جدا .
فاذا كان أبو العباس والخزعلي يتصوران بالقرب من بوابة فاطمة، ويقاتلان في حلب وفي الموصل ودرعا والغوطة، فإن جبران باسيل يعرف تماما كيف يعبر عن مصالحه والمصالح الإيرانية ويتصور قريبا على بوابة البلوك رقم 9 ويحافظ عليه ... إيديولوجيا .