مَن مِنَّا لم يَقِف لَحظةً في حياتِه وسألَ نفسَه: "لماذا أنا موجود؟ ما هي غايتي في هذه الحياة؟ إلى متى سأعيشُ وماذا يمكنني أن أفعلَ بكلِّ لحظةٍ سأعيشُها؟ هل سأضحكُ؟ هل سأبكي، هل سأنجحُ أم هل سأفشلُ؟
الحقيقةُ هي أن الوقتَ هو أكبرُ أعدائِنا، يَغدُرنا وينتهي في غمضةِ عينٍ. الحقيقةُ هي أنَّنا سَنَمُرُّ بجميعِ مراحلِ السعادةِ، الحزنِ، النجاحِ، والفشلِ؛ لكنَّ الفِطنَةَ في أن نجعلَ كلَّ لحظةِ سعادةٍ ذكرى جميلةً، وكل لحظةِ حزنٍ قوةً، وكل نجاحٍ استمراريةً، وكل فشلٍ دافعاً لعدم الاستسلام.
هل فكرَ أحدُنا للحظةٍ أنه يوجدُ أكثرُ من سبعةِ ملياراتِ بشريٍّ على هذه الأرض، وأننا سنعيشُ ونموتُ ولن نستطيعَ التَّعرفَ إليهم جميعاً؟ أنه يوجدُ 196 دولةً في العالمِ وملايين المدنِ والمناطقِ، وأنه مهما سافرنا عبر البلاد، سيَغدِرُنا العمرُ ولن نقدرَ على اكتشافها كُلِّها !
صدقاً، هناك ما لا يمكنُ تَخايُلُهُ من الأمورِ التي بوسعنا تَجرُبَتها وفِعلُها لكنَّنا لا نُقدِمُ على فعلِها، نخافُ فِعلَها، لا نستطيع القيامَ بها، أو لا نراها مناسبة، لأن المجتمعَ وضَعها في صورةٍ محدودةٍ نَهابُ تَخَطيها!
من مِنَّا لم يُفكِّر في القفزِ عن طائرةٍ، الغطسِ من مكانٍ مرتفعٍ، التَّوغُّلِ في غابةٍ بريةٍ، تجربةِ أنواعِ طعامٍ غريبةٍ، ارتداءِ ملابسَ لا يَهمّ إذا تَقًبَّلَها النّاسُ لكنَّها تُرضِي رَغَباتِنا؟ انظروا إلى أعماقِكم واعترفوا لأنفُسِكُم بالتالي: "أنا لستُ في المكانِ الذي أريدُ التواجدَ فيه، أنا لستُ مع الأشخاصِ الذين أريدُ استثمارَ وقتي فيهم، وأنا لا أفعل الأمور التي أريدُ فِعلَها." إعترفوا بذلك لأنفُسِكُم وستشعرونَ براحةٍ وسكينةٍ داخليةٍ.
العمرُ ساعةٌ موقوتةٌ، كلُّ دقيقةٍ تُحتَسبُ، فما هو العملُ؟ اختاروا كَسرَ الحدودِ، كسرَ الحواجزِ، كسرَ المخاوفِ، كسرَ الروتينِ، وكسرَ الهواجسِ التي وضعناها ووضَعها المجتمعُ لنا.
يوماً ما، سنموتُ ... بسببِ مرضٍ، حادثٍ، عمرٍ، أو غفلةٍ. حقيقةً، لا يهمُّ ما هو السَّببُ، بل ما يهمُّ هو تلك اللَّحظةُ التي سنَصفنُ بها نادمينَ؛ ليس على الأشياءِ التي قُمنا بها أو قُلناها، بل على الأشياءِ التي لم نَقُم بها، لم نَقُلها، أو نُفكِّر بها. لكن تلك اللّحظة تأتي متأخرة، لأن الوقتَ هو الشّيء الوحيد الذي لا نستطيع التَّحكمَ به إنَّما يتحكمُ بنا وبقوةٍ.
وماذا عن الحبِّ ؟ الحبُّ ... الحبُّ هو الشيءُ الوحيدُ الذي يستحق استثمارَ الوقت فيه؛ فبوجودِه تختبرُ الحرقةَ، الدمعةَ، الولعَ، الحزنَ، الفراقَ، الإدمانَ، السكينةَ، الابتسامةَ، الشغفَ، السعادةَ، الوصالَ، والانتشاءَ.
فما معنى الحياةِ إن لم تَعِشها على أكملِ وجهٍ؟
الحياةُ يا صديقي رمشةُ عينٍ، إن لم تَلحقها سبقَتك ...