ورد في "العربي الجديد": مع إطلاق السعودية سراح المزيد من المعتقلين الموقوفين في فندق "ريتز كارلتون"، بتهم الفساد، وفق قاعدة "الحرية مقابل الدفع"، قد يعود "سجن النجوم الخمس" إلى فندق قريباً. ومع وصول عدد المفرج عنهم إلى 23 شخصاً، بحسب ما أعلنته صحف سعودية، أمس الثلاثاء، من أصل ما يناهز 700 موقوف، علمت "العربي الجديد" أن دفعة كبيرة جديدة من المعتقلين وافقت على دفع جزء من ثرواتها في مقابل إطلاق سراحها، ليس من ضمنها، الأمير الوليد بن طلال، الذي يصرّ على "براءته" من تهم الفساد. ويتوقع أن يتم الإفراج عن 40 موقوفاً بعد التوصل إلى تسوية معهم تحول دون محاكمتهم أو توجيه التهم إليهم. وجاء شرط منع السفر أساساً للوصول إلى تسويات مع المعتقلين الذين سيواجهون المنع من السفر لفترة تتراوح بين سنة وثلاث سنوات كحدٍ أقصى بحسب مصادر مطلعة. ويرى مراقبون أن هذا المنع من السفر هدفه الحقيقي خشية السلطات السعودية من سفر هؤلاء المتهمين، بعد الإفراج عنهم إلى الخارج، ومن ثم المطالبة بحقوقهم، وخصوصاً أن بعضهم يحمل جوازات سفر أجنبية، ما قد يجر الرياض إلى محاكمات خارجية من خلال قضايا يمكن أن يرفعها هؤلاء لا سيما ممن دفعوا مبالغ طائلة في مقابل حريتهم.
ويعتقد بين أوساط واسعة الانتشار في السعودية أن قرار المنع من السفر سيتمد حتى وصول ولي العهد، محمد بن سلمان إلى الحكم. ويعتقد كثيرون أنه في حال الموافقة على رفع قضايا ضد الدولة السعودية، فإن السعودية ستكون ملزمة حينها بسداد ما تم الاستحواذ عليه أو دفع مبالغ كبيرة للدفاع عن نفسها أمام محاكم أجنبية. وبات مؤكداً أن العديد من المحتجزين يملكون الجوازات الكندية والفرنسية فضلاً عن جنسيات إسبانيا والبرتغال، وهو ما لم تأخذه في عين الاعتبار السلطات عند اعتقالهم.
من جانب آخر، لا يزال الوليد بن طلال يرفض إجراء محكمة محليه له، ويطالب بمحاكمة علنية دولية يتخللها وجود شهود من رجال أعمال أوروبيين لصدّ التهم الموجهة له وتأكيد ما يقول، إنها براءته. وكانت أنباء قد سرت حول نقل رجل الأعمال الشهير إلى المستشفى بعد تدهور صحته بعد الإرهاق الذي أصابه في الفندق ــ السجن. وكانت الحكومة قد التزمت الصمت حيال أسماء المعتقلين.
ولم يتوقع سكان الرياض أن يصبح الفندق القابع في الجزء الغربي من العاصمة، معلماً لسكانها، خصوصاً في ظلّ الزحمة غير الاعتيادية على طريق الملك خالد، الأقرب إلى الفندق، عكس العادة. أما في المساء فتبدأ أنوار الغرف بالإضاءة، غرفة تلو الغرفة، مظهرة امتلاء الفندق بالمعتقلين، فيعمد بعضهم إلى تصوير الفندق عبر الهواتف من بعيد، في مشهد يومي متكرر قبالة أشهر سجن في العالم حالياً.
ويتواجد المبنى في غرب الرياض، في منطقة ليست آهلة بالعديد من السكان والمنازل، عدا القصور المتواجدة بكثرة، وتعود أغلبيتها لأفراد من الأسرة المالكة. وشُيّد الفندق في عام 2009 بفكرة من رئيس الديوان الملكي، الحاكم الفعلي في النصف الثاني من عهد الملك عبدالله (2005 ـ 2015)، خالد التويجري. وكان الدافع الأساس من بنائه أن يكون مقراً لضيوف الدولة بسبب بُعد قصر المؤتمرات، المعروف تاريخياً بقصر ضيوف الدولة، من الديوان الملكي من جهة، ولصغر حجمه مقارنة بفندق "ريتز كارلتون" الآن. واختير موقعه بعناية لقربه من الديوان والقصور الملكية والحي الدبلوماسي. وللمبنى نفق يربطه بالجهة الشمالية من الديوان الملكي لتسهيل عملية التنقل من دون الحاجة لاستخدام السيارات، فضلاً عن كونه أضمن وأسهل من الناحية الأمنية. كما يربط الفندق نفق آخر بمركز الملك عبدالعزيز للمؤتمرات.
وكانت شركة "سعودي أوجيه" قد تسلمت عقد تشييد المبنى لاحتكارها عقود المباني الحكومية في حينه. وكان لافتاً أن مالك الشركة، رئيس الحكومة سعد الحريري، أقام فيه أياماً عدة، بعد موجة الاعتقالات التي بدأت في الرياض في 4 تشرين الثاني الحالي. مع العلم أن أنباء تواترت يوم شُيّد المبنى بأن قيمة بنائه فاقت القيمة الفعلية بكثير، وأن شبهة الفساد ارتبطت به ارتباطاً وثيقاً. وبقي المبنى الذي تكفلت بتمويله وزارة المالية، شبه فارغ لسنتين تقريباً، ما جعل الديوان الملكي يعيد التفكير بمآله بغية استثماره، عبر إسناده لسلسلة "ريتز" العالمية، ليصبح أول فنادقها في المملكة.