وكان صدر قبل ذلك مراسيم مماثلة على دفعتين إستعادت بموجبهم عائلات مغتربة لجنسيتها اللبنانية، وقد تم نشر كل هذه المراسيم في الجريدة الرسمية.
المراسيم الـ 51 الأخيرة جاء توزيعها على الشكل التالي: الأوروغواي (14 عائلة) الولايات المتحدة الأميركية (14 عائلة) البرازيل (8 عائلات) الأرجنتين (6 عائلات) المكسيك (5عائلات) أوستراليا (4 عائلات) جنوب أفريقيا (3 عائلات) بريطانيا وفنزويلا والسنغال (عائلة واحدة في كل بلد).
اللافت في المراسيم الـ 51 التي صدرت قبل أيام قليلة في الجريدة الرسمية، أن 48 عائلة مسيحية إستعادت الجنسية اللبنانية مقابل ثلاث عائلات مسلمة فقط، أي ما نسبته 5 بالمئة للمسلمين و95 بالمئة للمسيحيين، وهي النسبة نفسها في المراسيم التي صدرت سابقا.
هذا الواقع ليس فيه أية محسوبيات، فهناك قرار صادر عن الدولة اللبنانية يعطي للحق لجميع المتحدرين من أصل لبناني بأن يستعيدوا جنسيتهم في حال كانوا يملكون الأوراق الثبوتية المطلوبة والمحددة من الجهات الرسمية المعنية، لكن ما يحصل هو أن ثمة تجييش مسيحي في عالم الاغتراب لحث العائلات على إستعادة جنسيتها اللبنانية من خلال "لوبي" ناشط في عدة بلدان، مقابل لامبالاة من المرجعيات الاسلامية وخصوصا السنية منها في التواصل مع المغتربين المسلمين لدفعهم الى القيام بهذه الخطوة في إستعادة جنسيتهم.
وهذا الأمر ظهر جليا أيضا في تسجيل الناخبين المغتربين للادلاء بأصواتهم في الانتخابات النيابية المقبلة المقررة في 6 أيار 2018، حيث تشير المعلومات الى أن 92 ألفا ونيّف تسجلوا في السفارات اللبنانية حول العالم، لا يتعدى عدد المسلمين من كل المذاهب منهم العشرة آلاف، وهذا ناتج عن تواصل القيادات المسيحية في لبنان مع المغتربين والجولات التي قاموا ويقومون بها في بلاد الاغتراب لحثهم على التسجيل، مقابل إنقطاع شبه كامل للقيادات الاسلامية السنية عن التواصل مع الجمهور اللبناني المسلم المنتشر في تلك البلدان.
تشير مصادر مطلعة على الحراك باتجاه المغتربين، الى أن المسيحيين يسعون الى زيادة عددهم على الصعيد اللبناني، بما يعطيهم مزيدا من القوة والحضور، لذلك فإن القيادات المسيحية لا تتوانى عن القيام بجولات إغترابية دورية للتواصل مع العائلات المسيحية المنتشرة في دول العالم وحثها على المبادرة لاستعادة جنسيتها بالدرجة الأولى، ودفع العائلات التي تملك الجنسية اللبنانية الى تسجيل أسمائها لتتمكن من المشاركة في الاستحقاق الانتخابي، وهذا إن دل على شيء (بجسب المصادر) فإنه يدل على فكر إستراتيجي يعمل على تعزيز الحضور المسيحي في لبنان وهذا حق مشروع لكل طائفة في البلد، لكن هذا الأمر لا ينسحب على المسلمين لا المتحدرين ولا اللبنانيين المنتشرين في العالم والذين يبدو أنهم متروكين من دون أي تواصل أو إهتمام.
وتسأل هذه المصادر: أين رئيس الحكومة سعد الحريري مما يحصل؟ وأين قطاع الاغتراب في "تيار المستقبل" من دفع المسلمين المنتشرين لاستعادة جنسيتهم اللبنانية؟، وأين القيادات الاسلامية الأخرى؟ ولماذا لا يسعون الى شيء من التوازن على هذا الصعيد من خلال التواصل مع العائلات المسلمة المنتشرة في العالم؟
وتقول المصادر نفسها: إن خوفا وجوديا تاريخيا يعتري المسيحيين في الشرق عموما وفي لبنان خصوصا لا سيما في الآونة الأخيرة، لذلك فإن كل قياداتهم السياسية ومؤسساتهم المدنية والرعوية تسعى على الدوام الى الاتصال بالمغتربين والتواصل معهم ليشكلوا إمتدادهم الاستراتيجي في العالم، أما المسلمين السنة، فتاريخيا يطمئنون الى وضعهم كونهم أكثرية في لبنان، وأن إمتدادهم في المحيط يمنحهم القوة، لكن يبدو أن القيادات السنية لم تتنبه أن المتغيرات السياسية والديموغرافية التي شهدتها المنطقة بعد ما سمي بالربيع العربي، وأن التهميش الذي يلحق بالطائفة السنية في لبنان من خلال التنازلات السياسية المتواصلة من الممسكين بزمام السلطة، قد أضعفها بشكل غير مسبوق، بما يجعل التواصل مع العائلات المسلمة المنتشرة في العالم لاستعادة الجنسية اللبنانية أمرا بالغ الأهمية.