يتعرض رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي إلى ضغوط داخلية وخارجية بهدف تأجيل الانتخابات البرلمانية المقررة مبدئياً منتصف أيار (مايو) المقبل. وأكدت مصادر عراقية أن قوى سياسية كبيرة، مثل ائتلاف دولة القانون واتحاد القوى السنية، إضافة إلى الحزبيْن الكردييْن الرئيسيْن، تدعم تأجيل الانتخابات لمدة ستة أشهر على الأقل، كلٌ لأسبابه.
وأوضحت المصادر أن «الحزبيْن الكردييْن لا يريدان خوض الانتخابات وحصد آثار فشل الاستفتاء على الانفصال، والانسحاب من المناطق المتنازع عليها، بالإضافة إلى عجز الحكومة الكردية، التي تتكوّن أساساً من الحزب الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، عن توفير رواتب الموظفين».
ووفق المعطيات الحالية، فإن أطرافاً كردية ظهرت أخيراً في الساحة السياسية بدأت تكتسب شعبية كبيرة قد تنعكس على نتائج الانتخابات، ومنها حزب الجيل الجديد بزعامة شاسوار عبد الواحد، المعتقل حالياً بتهمة دعم التظاهرات الاحتجاجية.
في موازاة ذلك، يعتقد طيف واسع من الأحزاب السنية أن الوقت غير مناسب لإجراء الانتخابات في الموعد الذي أعلنه العبادي قبل أسبوعين، وتؤكد أن المدن السنية ما زالت تعاني التدمير والنزوح، وأنها تتطلب المزيد من الوقت قبل خوض الانتخابات.
وعلى رغم أن طروحات القوى السنية تبدو مبررة، إلا أن أطرافاً سنية، مثل رجل الأعمال خميس الخنجر، الذي بات يمتلك حضوراً في أوساط النازحين لفتح مشاريع تعليمية وصحية لهم، يدعم الانتخابات في وقتها. ويرى مناصروه أن «القوى السنية التقليدية تشكو فقدان شعبيتها، وأنها تخشى خسارة الانتخابات في حال لم يتغير واقع الأهالي».
الخيار ذاته ينطبق على قوى شيعية تعتقد أن العبادي المدعوم من تياري مقتدى الصدر وعمار الحكيم، متمسك بموعد الانتخابات لأنه يرغب في استثمار النصر العسكري على تنظيم «داعش» انتخابياً، وهذا ما تأمل به قوى في الحشد الشعبي تنوي دخول الانتخابات، فيما تحتاج قوى أخرى، مثل ائتلاف دولة القانون والمجلس الأعلى، إلى مزيد من الوقت.
وكان العبادي أكد قبل يومين أن الانتخابات ستجرى في موعدها ولو لم يُقر البرلمان العراقي قانون انتخابات جديداً، وستتم وفق القانون الساري الذي أُجريت على أساسه انتخابات عام 2014.
وتقول المصادر السياسية إن إيران شاركت في ضغوط تأجيل الانتخابات أخيراً، وإن وجهة نظرها تقوم على عدم وضوح الصورة الشيعية حالياً، وحضور أميركي وعربي لدعم العبادي لنيل ولاية ثانية. وفيما يدعم بعض الدول الأوروبية وتركيا التأجيل، فإن موقف بعثة الأمم المتحدة التي ما زال لها دور في العملية الانتخابية العراقية، ليس حاسماً.
وقالت هذه المصادر إن اجتماع الرئيس فؤاد معصوم بنوابه الثلاثة قبل أيام، عكس خريطة المطالبين بالتأجيل، فيما غاب العبادي عن الاجتماع على رغم توجيه دعوة إليه للحضور تحسباً لهذه الضغوط.
ومع أن الموعد النهائي للانتخابات ما زال متأرجحاً، فإن بغداد ومحافظات مختلفة شهدت نشاطاً سياسياً واضحاً خلال الأسابيع الماضية، إذ أعلنت عشرات الأحزاب مؤتمرات تأسيسية لها، ونشط السياسيون في زيارة مدن وقرى وعقْد اجتماعات مع شيوخ قبائل ورجال دين لإبرام صفقات انتخابية.