يبدو أن لعنة سلسلة الرتب والرواتب لم تنتهِ فصولها بعد، وآخرها حربٌ ضروس بين الأهالي والمدارس الخاصة، إذ تصر بعض هذه المدارس على أنها غير قادرة على منح معلميها حقوقهم المنصوص عليها بالقانون رقم 46 (قانون سلسلة الرتب والرواتب) من دون زيادة الأقساط المدرسية على الأهالي.
وكمعدل عام زادت هذه المدارس التي يبلغ معدل القسط العام الدراسي فيها خمسة ملايين ليرة للتلميذ الواحد، ما يقارب المليون ليرة لبنانية على كل تلميذ بحجة منح المعلمين في المدارس الخاصة حقوقهم.
بعض المدارس طبقت زيادة الاقساط، والبعض الآخر بدأ أو يهدّد بتطبيقها، ويؤكد سليم (أب لطفلين) لـ"ليبانون ديبايت" أنه دفع زيادة قسط لكل طفل من أولاده مليون ليرة في إحدى مدارس الرابية.
وأكدت إدارة المدرسة له أنه في حال حُلت "الأزمة" ستعاود الإدارة احتساب الزودة التي تقاضتها من الأهل على أنها جزء من القسط العام على مدار السنة.
أما مارينا، تلقت يوم أمس مع التقييم الشهري لطفلها الذي يتعلم في إحدى مدارس بعبدا الخاصة ورقة من المدرسة تذكّرها بالقسط الثاني، مقرون بزيادة 500 ألف ليرة، مع تبريرات لها علاقة بتطبيق القانون 46. وحاولت ميرنا التواصل مع المدرسة وكان جوابها أن موظفي المحاسبة مشغولون في اجتماع.
تبدأ عطلة الميلاد وراس السنة اليوم وتستمر فترة 16 يوماً، وهي الفترة التي يعول عليها المعنيون أن تكون هدنة بين الأهالي وإدارات المدارس، واختمار للحلول المطروحة.
وفي هذا الإطار، يؤكد نقيب المعلمين في المدارس الخاصة رودولف عبود في حديثه لـ"ليبانون ديبايت" أن القضية في انتظار موقف من رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير التربية مروان حمادة، اللذان أخذا القضية على عاتقهما.
ومن بعض الحلول المطروحة أن تساهم الدولة بدفع الزيادات لمعلمي المدارس الخاصة، مقابل التزام هذه المدارس بالشفافية وتضع موازناتها العامة تحت رقابة الدولة.
وأشار عبود إلى أن عدد كبير من المدارس الخاصة التزم بتطبيق القانون 46 إلا أن مدارس اتحاد المؤسسات التربوية والأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية اللتين تصران على عدم تطبيق القانون.
ولفت إلى الضغوط التي تمارسها بعض المدارس الخاصة على معلميها مثل الحسومات وإجبارهم على التوقيع على جداول البيانات العامة لصندوق التعويضات، و"يهولون عليهم ويقولون لهم إذا لم توقعوا الجداول هذا يعني أنكم خارج المدرسة وستذهب حقوقكم".
وطالب عبود المعلمين بعدم التوقيع إلا على ما هو قانوني، و"القانوني هو القانون 46 مع الدرجات التي منحها القانون للمعلمين جميعهم". علماً أن "هذه المدارس قد أوقفت صرف التعويضات وراتب التعاقد لأكثر من 750 زميل منذ أكثر من 3 أشهر".
في المقابل، يصرّ الأمين العام للمدارس الكاثوليكية في لبنان الأب بطرس عازار على أن تطبيق القانون يعني حتماً زيادة الأقساط، لأنه يرتب زيادات على المدارس، والتي "كي تستطيع دفع ما يتوجب عليها للمعلمين لا حل أمامها سوى زيادة الأقساط".
بينما تصرّ لجان الأهالي على عدم تسديد هذه الزيادات لأسباب اقتصادية، وتؤكد رئيسة اتحاد لجان الأهل في المدارس الكاثوليكية ميرنا خوري أنهم في انتظار مبادرة الرئيس ميشال عون وما إن سيكون لها آلية تنفيذية أم ستبقى مجرد موقف.
وتلفت خوري إلى أن "المشكلة تكمن في أن الأقساط مرتفعة في الأساس ومن دون زيادات، و"نحن نتكلم بأرقام تفوق قدرة الفرد في لبنان مقارنة مع مدخوله"، والمشكلة الأكبر أن ليس هناك بديل، فالمدارس الرسمية أبدا ليست ببديل لا سيما إذا كنا نتكلم عن الحضانة والمتوسط والابتدائي، ومن هنا كانت مطالبتنا للدولة لتأخذ موقف وتضع يدها لإيجاد حل".
وعن الخطوات التالية، تشير خوري إلى أنهم "في انتظار تحديد موعد للقاء رئيس الجمهورية، وسيكون لنا لقاءات على الأرض أمام المراكز الرسمية، وتحديداً بين العيدين سيكون لنا لقاء موسّع يضم لجان الأهل من كل لبنان، نعلن من بعده عن خطواتنا اللاحقة".
يبدو أن استراحة المحارب بين الأهالي والمدارس الخاصة لن تطول مفاعيلها والأمور تتجه نحو التصعيد إذا ما حالت مبادرة الرئيس عون والوزير حمادة دون تفاقم الأزمة، فهل يدفع التلاميذ الثمن مجدداً؟