كتب عيسى بو عيسى في صحيفة "الديار": فيما المسيحيون يتهيأون لاستقبال عيد الميلاد بالقليل من الفرح المتبقي لديهم في هذا الشرق الملتهب، وبدل ان يتضامنوا ويتعاضدوا فيما بينهم ويتطلعون نحو الطبقات الشعبية الفقيرة، في هذا الوقت والتوقيت بالذات انفجرت الأزمة بين لجان اهالي الطلاب والمدارس الخاصة وخصوصاً المسيحية منها في مسألة يتم النظر اليها بالكثير من علامات الاستفهام والتعجب حول عملية بدء الطلاق بين المجتمع المسيحي وبعض الرهبانيات ورجال الدين فيـه. ومهـما كانت الاسباب الموجبة لتحرك اهالي الطلاب، على ادارات المدارس الخاصة ان تستوعب ردة فعلهم بفعل الفارق الكبير في سبل العيش بين الرهبانية وعموم الشعب المسيحي!
هي من المرات القلائل التي ينزل فيها الى الشارع شرائح من المجتمـع المسيـحي للتعبير عما تحتوي قلوبهم من غضب تجاه من يُفترض ان يستوعبها وعلى وجه الخصوص في هذا الوضع المعيشي الخانق.
تحرك اهالي الطلاب الذي بدأ بالاعتصام امام مدرسة سيدة اللويزة في زوق مصبح يبدو انه سيتصاعد ليشمل مدارس اخرى حسب مصادر لجان الاهل الذين أبدوا تصميمهم على مواجهة زيادة الاقساط مهما كلف الامر وليس لغاية خلق الشقاق بينهم وبين المدارس انما وفقاً لواقع عيشهم المأزوم لتقول: لو لم يصل الموس الـى رقابنـا لما نزلـنا الى الشارع ونحن نكاد نختنق وقسم منا اصابه بالفعل الاختناق والمعادلة اصبـحت واضحة: إما رمي اولادنا في الشوارع على أبواب الاعياد او مواجهة تصـلب ادارات المدارس التي من المفترض ان تراعي الاسباب الموجبة لهذا التحرك وهي: اننا لا نملك اموالاً خصوصاً اننا دفعنا زيادات عن الاعوام الماضية في غياب سلسلة الرتب والرواتب وتضيف: اليوم طلبت المدارس القسط الثاني والذي تترتب عليه زيادات مكلفة للاهالي ومن غير المعقول ان نذهب لنستدين الاموال ونعطيها للمعاهد على ابواب الاعياد.
وقارنت هذه المصادر بين احوال الناس واوضاع المشرفين على هذا المدارس لتقول: من الطبيعي ان يتصرفوا معنا على هذا النحو لأن "حرقة" تعليم الابن يكمن احساسها لدى الاهل فقط وبالكاد تستطيع العائلة المسيحية ان تنجب اكثر من ولدين فهل ترسلهم للتسول في الازقة فقط لان المدارس تريد زيادة الاقساط المدرسية عليهم، هذا لا يجوز ولا يقبل به عاقل لأننا دعاة تعليم وسلام في هذا الشرق وهذه ميزتنا واذا بَطُل العلم نفقد سلاحنا الوحيد، وتتساءل هذه المصادر عن سر العناد المتبع خصوصاً في المدارس المسيحية مع ان وضعها المالي مليء، وبالتالي المطلوب، بعض الرحمة من السماء بعد ان تم فقدانها على الارض، لتستطرد وتشرح التالي:
1- لماذا على سبيل المثال لم ينزل اهالي الطلاب في بعض المدارس الاسلامية معترضين على زيادة الاقساط كمعهد المبرات الخيرية وليس بشكل حصري او مدارس المقاصد الاسلامية، واذا قيل انهما يتلقيان مساعدات من جمعيات ودول داعمة، فان المدارس الرهبانية لديها مداخيل توازي واكثر ميزانية المدارس الاسلامية لتسأل: أليس لدى المسيحيين جمعيات خيرية للمساعدة؟ ألا يتواجد رجال اعمال مسيحيون يدعمون القطاع المدرسي؟ بالطبع هذا كله متواجد ولكن لا أحد باستطاعته وعي ما يحصل لتفريق المدرسة المسيحية عن شعبها؟ هل هي الدولة؟
يقول المطران حنا رحمة رئيس اللجنة الاسقفية للمدارس الكاثوليكية انه يؤيد طرح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والقاضي بدفع الدولة رواتب المعلمين في المؤسسات التعليمية الخاصة، ولكن لوزير التربية موقف مناقض رافضاً هذا الامر، اذن من سيحل هذه المعضلة وفق المشهد التالي: الاهالي ليس لديهم قدرات مالية على الاطلاق والمدارس مصرة على استيفاء زيادة على الاقساط لهذا العام خصوصاً وان الدولة ليست لديها رؤية موحدة حول معالجة هذه الازمة؟
ووفق معلومات لجان الاهل يبدو المشهد لديها أسود للغاية على خلفية عـدم التجـاوب مع ادنى المطالب لها بحيث يمكن الوصول الى قواسم مشتركة امر مقبول مثل زيادة مبلغ مقطوع على كل تلميذ لا يرهق اهـله بعيداً عن مناقشة تداعيات سلسلة الرواتب لان الولوج اليها يعقد الامور ولا يصـل الى النتائج المرجوة. الا ان مصادر لجان الاهل تعتبر ان المواجهة هذه المرة لن تكون سهلة في ظل عناد الطرفين الاهل والمدارس، وتتحدث عن خطوات تصعيدية، ولدى السؤال عن تأثير الامر على التلامذة تجيب: هو أمر معيب ان تعمد المدارس الى طردهم، اذا ما دفعوا والمعيب الاكثر إيلاماً ان يعلم التلميذ انه خارج الصف بسبب عامل المال!؟