تتفاعل أزمة توقيع الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري على مرسوم منح أقدمية سنة لضبّاط «دورة عون» (1994)، وقد وصلت الترددات إلى قيادة الجيش، حيث يثير الأمر نقمة، لا سيّما بين عددٍ من ضباط دورتَي عامي 1995 و1996. يُعبّر هؤلاء، بحسب المعلومات، عن «استياء شديد» من إعطاء رفاق سلاحهم أقدمية سنة، لما لهذه الخطوة من تأثيرات سلبية على التراتبية، وتؤثر على المُستقبل المهني لضباط الـ95 والـ96، الذين يُعتبر عددهم كبيراً. الأمر الثاني الذي يُثير حنق هؤلاء الضباط، هو الطريقة التي تتناولهم بها بعض وسائل الاعلام، بالإيحاء كما لو أنّهم «ميليشيات».
وبدأ قسمٌ منهم يشير إلى إعداد طعنٍ يُقدّم لدى مجلس شورى الدولة، في حال نشر المرسوم. المُشكلة الإضافية التي يتردد صداها داخل المؤسسة العسكرية، تتعلق بإنجاز جداول الترشيح للترقية التي تستحق في الاول من كانون الثاني والاول من تموز المقبلين، والتي أشيعت معلومات عن ورود أسماء سبعة عقداء من دورة عام 1994 فيها، ما يعني التعامل مع المرسوم الذي لم يُنشر في الجريدة الرسمية كما لو أنه أصبح أمراً واقعاً.
وكان رئيس مجلس النواب نبيه برّي قد عبّر، أمام النواب خلال لقاء الأربعاء النيابي أمس، عن استغرابه من كون مشروع منح أقدمية سنة لضباط «دورة عون» كان قد «طُرح كاقتراح قانون في مجلس النواب وسقط. الغريب كيف أن أمراً كان بحسب معدّيه بحاجة إلى قانون، وفجأة صار بحاجة إلى مرسوم عادي، من دون توقيع وزير المالية». إلا أنّه بحسب المصادر، طلب برّي من النواب «عدم نقل أي جوّ سلبي عنه، لأنّ الموضوع يحلّه رئيس الجمهورية». وترى المصادر أنّ كلام برّي يوحي «بأنّه يريد تهدئة الأمور، وينتظر نتائج الوسطاء»، لا سيّما المبادرة التي يقوم بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
من ناحية أخرى، ومع انطلاق العام الجديد، يكون لبنان قد دخل رسمياً مرحلة الإعداد للانتخابات النيابية، التي ستجري في 6 أيار المقبل. تألّفت لجنة وزارية لمتابعة تنفيذ قانون الانتخاب، لم تجتمع سوى مرات قليلة. خلال تلك الاجتماعات، كان يحتدم النقاش حول بندين: البطاقة البايومترية والتسجيل المسبق. حالياً، بات مُعظم القوى السياسية مُسلّماً بأنّ الاقتراع سيجري في مكان القيد، باستخدام بطاقة الهوية أو جواز السفر، لعدم وجود وقت كافٍ لإصدار بطاقات انتخابية (سواء ممغنطة أو بايومترية) لجميع الناخبين المسجلين على لوائح الشطب. برز ذلك خلال الاجتماع الذي عُقد أمس للجنة الوزارية لتطبيق قانون الانتخابات برئاسة الحريري، وفي حضور الوزراء علي حسن خليل، وطلال أرسلان، ونهاد المشنوق، وجبران باسيل، ومحمد فنيش، وبيار أبي عاصي، وعلي قانصو، وأيمن شقير ويوسف فينيانوس، والأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء فؤاد فليفل.
وبحسب المعلومات، فإنّ باسيل عرض إمكانية اقتراع الناخبين في مكان سكنهم وإقامة مراكز كبرى لاستيعابهم (ميغا سنتر)، مع تسجيل مُسبق للناخبين الذين يريدون الاقتراع في أماكن سكنهم. الموقف «المُتقدّم» لباسيل، والذي يختلف عن مطلبه السابق برفض التسجيل المُسبق، يأتي بعد أن تبيّن وجود استحالة لإجراء استدراج عروض لتلزيم إصدار البطاقة الممغنطة أو البايومترية. وطالب باسيل أيضاً بإمكانية تمديد مهلة تسجيل المغتربين، إلا أنّ المشنوق أوضح أنّ هذا الأمر بحاجة إلى تعديل قانوني. وقد طلب وزير الداخلية من الإدارات المختصة في وزارته دراسة الإمكانيات التقنية واللوجستية لإنشاء الـ«ميغا سنتر»، على أن يصله الجواب يوم الجمعة المقبل.
على صعيد آخر، ترأس الحريري اجتماعاً للجنة الوزارية لاستئجار الطاقة، في حضور حسن خليل، وفنيش، وأبي خليل، وشقير، وقانصو وفينيانوس. عرض وزير الطاقة خلال الجلسة تقريراً عن واقع الانتاج والتوزيع في الكهرباء، يتضمن كلّ السيناريوات، وواقع المفاوضات مع الشركة التي فازت في مناقصة معمل دير عمار، ولم تقدر على تنفيذ برنامجها بسبب الخلاف بين وزارتي الطاقة والمال. وذكر أبي خليل أنّ مشروع استئجار البواخر يتضمن الحصول أيضاً على خمس محطات تحويل فرعية، ما من شأنه أن يُخفّف الاختناقات بنقل الكهرباء في بعض المناطق، كالنبطية. ومن المفترض أن يدرس أعضاء اللجنة التقرير الذي قدّمه أبي خليل، وتستكمل اللجنة اجتماعاتها بعد عطلة رأس السنة.
وليل أمس، زار الحريري النائب وليد جنبلاط في كليمنصو، بحضور نجله تيمور والنائب وائل أبو فاعور، ونادر الحريري. وأكّدت مصادر المجتمعين لـ«الأخبار» أن اللقاء تضمّن اتفاقاً على أن «يكونا معاً في الانتخابات المقبلة»، على أن يتم الاتفاق على التفاصيل لاحقاً.
وغرّد جنبلاط بأنّ بينه وبين الحريري «تاريخاً طويلاً من النضال المشترك، من المحطات المشرقة من أجل لبنان واستقراره ونهوضه. اليوم التحدي الذي نواجهه أكبر بكثير من الماضي، والتكاتف والتضامن معه ومع رؤيته الاصلاحية أكثر من ضروري من أجل تثبيت مسيرة العهد الذي أثبت صلابة وشجاعة عالية في الظروف الاستثنائية. البند الأساسي الذي جرت مناقشته هو الظرف الاقتصادي المالي الذي يأتي في مقدمة الأولويات. وحده التضامن الوزاري والسياسي وتوحيد الرؤية هو المطلوب».