الحكومة المتعثرة أصلاً في الملفات الحيوية والاجتماعية والاقتصادية، وفي العلاقات ما بين مكوناتها، تتعثّر سياسياً وتسقط في اختبار»النأي بالنفس» وتتبادل الاتهام في ما بينها على ما هو حاصل بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» حول الملف اليمني، في وقت بَدا عنوان «النأي بالنفس» أولوية دولية، وفق ما اكد عليه بيان مجلس الامن الدولي الذي دعا جميع الأطراف اللبنانية إلى «تطبيق سياسة نأي بالنفس ملموسة عن أي نزاعات خارجية»، وجدّد تأييده القوي «لاستقرار لبنان وأمنه وسلامته الإقليمية وسيادته واستقلاله السياسي»، واكد ضرورة «التنفيذ الكامل لجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما فيها القرارات 1559 و1701 و2373»، وشدّد على»أهمية تنفيذ الالتزامات السابقة التي تقتضي ألّا تكون هناك أسلحة غير أسلحة الدولة اللبنانية»، ودعا «جميع الأطراف اللبنانية إلى استئناف المناقشات للتوصّل إلى توافق في الآراء بشأن استراتيجية الدفاع الوطني»، وأشار إلى أنّ الجيش اللبناني «هو الجهة المسلحة الشرعية الوحيدة في لبنان، على النحو المنصوص عليه في الدستور اللبناني وفي اتفاق الطائف».
حل... لا حل!
الكلام الليلي عن حلّ بالنسبة لمرسوم الاقدميات، جاء مفاجئاً حتى للعاملين على خط المعالجات، وقال احد ابرز العاملين على هذا الخط: «لم نلمس ايّ مقدمات ايجابية للحل، حتى الآن لا شيء جديداً ابداً».
يتقاطَع ذلك مع ما تؤكده حلبة المرسوم من أنّ طريقه مزروع بتعقيدات كبرى يصعب على الوساطات ايجاد حلّ لها بسهولة، نظراً للتباينات العميقة حوله، خصوصاً بين عون الذي يعتبر انّ المرسوم يُنصف الضباط المعنيين به ويمنحهم حقا مكتسبا لا يُثقل خزينة الدولة بأي أعباء مالية، ويستغرب تكبير المسألة الى هذا الحجم، وبين بري الذي اعتبر انّ المرسوم خطأ كبير ولا يمكن ان يمرّ لأنه يضرب القوانين والميثاق ويعتبر جريمة بحق المؤسسة العسكرية، علماً انّ مصادر بعبدا تعتبر انّ المرسوم صدر وصار نافذاً.
وفيما كان البلد ينتظر نهاراً تصاعد الدخان الابيض من حركة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، كان النائب وليد جنبلاط يؤكد تضامنه مع بري ويعتبر ان توقيع المرسوم من قبل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة سعد الحريري خطوة غير منطقية، إذ كان من الواجب في رأيه ان يتم التشاور اولاً مع رئيس مجلس النواب.
وفيما ظل التواصل مفتوحاً بين الحريري والوزير علي حسن خليل، كان بري ينتظر نتائج حركة الاتصالات الجارية، مُلقياً كرة التراجع في ملعب عون. ونقل نواب «لقاء الاربعاء» عنه قوله رغم اهمية موضوع مرسوم الضباط البالغة، فإنه لا يريد ان يضيف اي كلمة حوله ويترك لرئيس الجمهورية ان يعالج الموضوع.
وحضر المرسوم وكل ما احاط به في لقاء عقد مساء في كيمنصو بين الحريري وجنبلاط في حضور نجله تيمور والنائب وائل ابو فاعور. وقد سبقه أجواء أوحَت انّ الاتصالات وصلت الى ايجابيات، وهو ما اكدته مصادر بعبدا لـ«الجمهورية» بقولها: «من الاساس لم تكن هناك اي مشكلة، فعندما طرح الامر منذ اشهر، لم يطرح لاستهداف احد، او لتخطي المقتضيات الميثاقية والطائفية، ولا لخرق التوازنات، تمّ التعاطي معه بحكمة وروية وقد حُلّ».
وفضّلت عدم الدخول في تفاصيل الحل، واكتفت بالقول: «نستطيع ان نقول مسألة المرسوم قد حُلَّت».
وردا على سؤال قالت: «في هذه المسألة لا يوجد اي اشارة لأيّ مشكل بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، من هنا كان الحل سهلا وعمليا ويمكن القول انه انتهى».
عون
وقال النائب آلان عون لـ«الجمهورية»: «ليس في المرسوم اي خلفية للتعدي على صلاحية احد واي طرف واي موقع، هو له علاقة بالاقدمية، هذه الحالة هي تعويض عن تأخير سابق لدورة لاسباب سياسية في حينه. الاقدمية تؤثر فقط على الفترة التي تؤهّل اي ضابط للترقية وقبل حصول اي ترقية لا يحصل اي تعديل في مدخوله ولا ترتب اي اعباء مالية».
اضاف: «الاقدمية لا تعطي زيادة في الراتب مثلها مثل التأخير في الترقية، مما لا يؤثر على راتبه. فما يؤثر فقط هو الترقية، ولسنا هنا في صدد مرسوم ترقية وبالتالي ليس هناك اي تجاوز على مستوى الاختصاص».
اضاف: «الرئيس عون، السبّاق في التفاهمات الوطنية العابرة للطوائف وتحديدا مع الشيعة، والحارس والراعي الدائم لاحترام الميثاقية في البلد، هو خارج الشكوك والاتهامات بأنه يستهدف طائفة معينة».
الحريري ـ جعجع
على صعيد آخر، ظلت العلاقة بين «المستقبل» و»القوات اللبنانية» في حكم المقطوعة حتى الآن، من دون ان يطرأ ما يؤشّر الى امكان اعادة جسرها على نحو ما كانت عليه قبل ازمة استقالة الحريري.
وعلمت «الجمهورية» ان لا لقاء في المدى القريب بين الحريري وجعجع، وقالت مصادر»القوات» انّ لديها «علامات استفهام كبرى حول تصرّف «المستقبل» تجاهها وإصراره على التعمية عن الحملة التي تتعرض لها». واكدت انّ «القوات» ليست مستعجلة اللقاء مع الحريري «ولا شيء لديها لتقوله له، واذا كان لديه من شيء فأهلاً وسهلاً به».د
الإنتخابات
إنتخابياً، عاودت لجنة تطبيق قانون الانتخاب اجتماعاتها امس بعد انقطاع قسري.
واشار وزير الداخلية نهاد المشنوق الى أنّ «اللجنة ناقشت التعديلات القانونية المرتبطة بالميغاسنتر والتسجيل المسبق للناخبين في مكان السكن»، وانه استمهل «اللجنة أياماً لدراسة إمكانية التطبيق مع الإدارات المختصة».
وفيما طلب الوزير جبران باسيل تمديد فترة تسجيل المغتربين للانتخابات حتى منتصف شهر شباط المقبل، قالت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية» إنه شدّد «على التصويت مكان السكن، والامر ممكن ولا سبب يمنع تنفيذه قبل الوقت المحدد.
فمشروع تسجيل المغتربين أكملناه في غضون شهر ونصف الشهر، ولدينا الوقت لإتمام موضوع الاقتراع مكان السكن ووزارة الداخلية قادرة على اجرائها. طبيعي ان يكون هذا مطلبنا ولَم يمانعه احد. وطالبنا بإطلاق البطاقة الانتخابية حالياً كي نعتمدها في الدورة المقبلة».
«القوات»
وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» انه تمّ الاتفاق على ترحيل البطاقة البيومترية، على رغم أهميتها، للانتخابات والأحوال الشخصية، لأنّ الوقت لم يعد يسمح باعتمادها في الانتخابات الراهنة.
وقال الوزير المشنوق انه سيعطي جوابا حيال قدرة الوزارة على اعتماد «الميغا سنتر»، فيما أصَرّت «القوات» والوزير باسيل على ضرورة اعتماد «الميغا سنتر» مع التسجيل المسبق، الأمر الذي شكل تراجعا لباسيل وتبنياً لموقف «القوات» في هذا المجال لجهة التسجيل المُسبق، وحتى «حزب الله» قال بوجوب التسجيل المسبق، وقال باسيل انه قدّم مشروع قانون بتمديد المهل لتسجيل المغتربين، ورفضت «القوات» اي تعديل او مس بقانون الانتخاب في ظل كلام بعض الوزراء عن إدخال تعديلات على القانون».
«الكتائب»
وكشف مصدر كتائبي مسؤول لـ«الجمهورية» انّ المكتب السياسي سيعقد اليوم الاجتماع الاستثنائي الثاني في اطار اجتماعاته المخصصة للتحضير للانتخابات النيابية، وحذّر «من الاجواء المرافقة للتحضير للانتخابات، خصوصاً لناحية الممارسات القمعية للسلطة الحاكمة تجاه المعارضة السياسية والحريات العامة والاعلامية».
وقال: «سَعي السلطة الى تسخير القضاء لإسكات المعارضة السياسية وترويض الاعلام، جزء من المحاولات التي بدأت قبل أكثر من سنة لمصادرة الحياة السياسية والديموقراطية على يد تحالف سياسي وحزبي إرتضى التنازل عن سيادة الدولة اللبنانية لـ«حزب الله» في مقابل حصوله على بعض المواقع الرئاسية والحكومية، وها هو التحالف نفسه اليوم يسعى بالأسلوب ذاته الذي اعتمده في الانتخابات الرئاسية وتشكيل الحكومة الى محاولة خلق مناخ ضاغط للسيطرة على السلطة التشريعية والإمساك بمفاصل المجلس النيابي المقبل.
و«الكتائب»، التي خاضت بحزم وصلابة المواجهة السياسية والاعلامية والشعبية لتحالف الفساد والتنازل عن السيادة، ستواصل معركتها وستخوض الانتخابات النيابية ضد السلطة ذاتها بالتحالف مع أوسع شريحة من الرأي العام اللبناني السيادي والتجديدي التَوّاق الى بناء دولة الدستور والقانون والمؤسسات والشرعية»