تعود الأهمية المعطاة لهذه الإنتخابات إلى جملة أسباب، أبرزها أنها تجري بعد تمديد ولاية المجلس النيابي الحالي 3 مرات منذ انتهاء ولايته عام 2013، ما جعل الإستحقاق الإنتخابي مطلوباً أكثر من أي وقت مضى لتجديد الحياة السياسية اللبنانية وللخروج من الأزمات السياسية العديدة في البلاد.
كما أن الإنتخابات المقبلة ستجرى وفق قانون إنتخابي جديد، إذ لأول مرة في تاريخ الإنتخابات النيابية في لبنان سيعتمد مبدأ النسبية فيها، ولو منقوصة، إضافة إلى اعتماد الصوت التفضيلي، ما جعل البعض يطلق مسبقاً وصف الجمهورية الثالثة على مرحلة ما بعد الإنتخابات المقبلة، إنطلاقاً من أن الجمهورية الأولى بدأت بعد الإستقلال عام 1943، والجمهورية الثانية بعد اتفاق الطائف عام 1989.
غير أن السبب الرئيسي الثالث الذي يُعطى لهذه الإنتخابات من قبل المعنيين بها، هو أنها سوف تجري، وتحالفاتها كما نتائجها غير واضحة المعالم بعد، ويشوبها الكثير من الغموض الذي يربك مختلف القوى السياسية، الذين تعوّدوا في الإستحقاقات السابقة أن يفصّلوا قوانين إنتخابية على قياسهم تكون نتائجها شبه معروفة مسبقاً، وبعد ذلك يجروا الإنتخابات النيابية التي لا تخرج عن إطارها المرسوم ولا تسجّل فيها أية خروقات أو مفاجآت إلا في ما ندر.
ولهذه الأسباب وغيرها، كان الحريري واقعياً أمس عندما رأى أمام وفد من رابطة مختاري بيروت، أن “الإنتخابات النيابية سوف تكون مصيرية بالنسبة لكل الأفرقاء السياسيين”، وكأنه بذلك يقرأ نتائج هذه الإنتخابات التي تشير كل إستطلاعات الرأي التي تجرى أن تيار المستقبل سيخسر فيها ما بين 10 الى 12 مقعداً نيابياً، وأن الأمر نفسه يسري على بقية المكونات السياسية الرئيسية في لبنان، وعلى رأسها التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية واللقاء الديمقراطي.
مقابل ذلك، تشير كل الدلائل إلى أن الإنتخابات النيابية المقبلة لن ترسم معادلة جديدة وموزاين مختلفة للقوى السياسية في المجلس النيابي الجديد، أو تعطي كل فريق سياسي حجمه الطبيعي فقط، بل إنها ستفرز طبقة سياسية جديدة خارج كل الإصطفافات التي سادت في السنوات السابقة، وخصوصاً إصطفاف فريقي 8 و14 آذار، نتيجة التطوّر الذي طرأ على الواقع السياسي المحلي والإقليمي وتغير المزاج الشعبي، ومن هنا فإن رعباً واسعا يسود مختلف الأوساط، من إنتخابات يخشى أن تقلب الواقع السياسي رأساً على عقب، وأن تخرج بمفاجآت ليست في حسبان أحد.