على طاولة مجلس النواب، يفرض ملف النفايات نفسه بنداً أساسياً في جلسة الغد. وهو الملف الذي تطغى فيه رائحة الصفقات على رائحة النفايات نفسها. أما الدولة وبعد عقودٍ من حلول الطوارئ والأمر الواقع عادت لتتخبط بجدران المطامر والمحارق، مدّعيةً أن الحل الوحيد لأزمةٍ ما عرفت الحلول المستدامة منذ نهاية الحرب الأهلية هو توسعة مطمري الكوستا برافا وبرج حمود، وإنشاء المحارق.
على خلفية هذا الطرح علم "ليبانون ديبايت" أن اجتماعاً حصل اليوم جمع عددا من الناشطين البيئيين، في مقدمتهم رئيس الحركة البيئية اللبنانية بول أبي راشد بوزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون.
وعرض أبي راشد خطة بيئية بديلة لتوسيع المطامر والمحارق، سبق وعرضها على وزارة البيئة، ووزارة التنمية الإدارية، والاتحاد الأوروبي. وأكد أبي راشد في حديث لـ"ليبانون ديبايت" أن أجواء اجتماع اليوم كانت إيجابية، وأُعجب فرعون بالخطة ووعد بطرحها على مجلس الوزراء يوم غد.
وعن الخطة، يشير أبي راشد أنها مستوحاة من دراسة علمية قوامها استخدام المعامل الموجودة في لبنان ونقاط ضعفها والماكينات التي تحتاجها ليتم تحديثها، يضاف إلى ذلك إنشاء معمل تسبيخ في البقاع.
وفي تفاصيل الخطة التي تحمل عنوان "حل بيئي ومستدام لنفايات بيروت وجبل لبنان" نرى أنها تقتضي تحديث معملي الفرز في الكرنتينا والعمروسية من خلال إضافة bag opener & ballistic separator على خطوط الفرز الموجودة في المعملين وإضافة الآلات الخاصة بإنتاج الـRDF أي الوقود البديل. كما تقتضي إنشاء معمل متطوّر للتسبيخ في البقاع يتسع لـ1500 طن/ اليوم، وشراء أسطول من الشاحنات (25 شاحنة) المجهزة لنقل النفايات العضوية المفروزة إلى البقاع.
وتتجلى ميزات هذا الحل بأنه يقفل المطامر البحريّة ويحترم الاتفاقيات الدوليّة لا سيما اتفاقيّة برشلونة لحماية البحر المتوسط، يوفّر نقل 250 طن من النفايات يومياً من بيروت إلى صيدا، يشمل قضائي عاليه والشوف، يزيل شبح المحرقة عن أهالي بيروت، ويضع حداً للمكبّات العشوائيّة المنتشرة في كل مكان.
أما مدّة تنفيذ الحل فهي سريعة وأسرع بكثير من اعتماد المحارق إذ يحتاج إلى 6 أشهر فقط لتحقيقه وهي المدة المطلوبة قبل امتلاء المطامر البحرية، أما كلفة المشروع فهي حوالي 21 مليون يورو وهو المبلغ المؤمن من الاتحاد الأوروبي. علماً أن هذا الحل يوفّر 100$ / طن للنفايات أي ما يعادل 100 مليون $ في السنة.
ومن أبرز نتائج هذا الحل أنه يوفر الوقود البديل لإنتاج الطاقة، والمواد الأولية لصناعات التدوير، والسباخ للمزارعين، وفرص عمل جديدة.
أما كل ما يحتاجه للتنفيذ، بحسب أبي راشد، هو إرادة سياسيّة بتطبيق هذا المشروع، وحملات توعية على الفرز من المصدر، ورقابة مشدّدة على أماكن مستوعبات الفرز تؤمّنها السلطة المحليّة، وتحديد موقع جديد لمطمر صحي وبيئي مخصص للعوادم (5% من مجمل النفايات)، واعتماد أفضل التقنيات النظيفة لمعالجة النفايات الخاصة والخطرة.
يضع أبي راشد هذا الحل بتصرّف الرأي العام اللبنانيّ، ومجالس البلديات في بيروت وجبل لبنان آملا بتشكيل قوّة ضغط على المسؤولين لتنفيذ هذا الحل بوجه كارثة توسيع المطامر البحريّة وتلزيم بناء محارق للنفايات، وهو بذلك يعرّي الدولة من ادعاءاتها.
وعلم "ليبانون ديبايت" أن خطة بديلة شبيهة بخطة الحركة البيئية اللبنانية كانت قد تبنتها وزارة البيئة في آب الماضي في مجلس الوزراء، إلا أن المجلس لم يبحث بها ولم يناقشها حتى. وتفسّر مصادر مطلعة تهرّب السلطة من الحلول البيئية بما له علاقة بالسمسرة مع شركة جهاد العرب وأخواتها، إذ تستفيد السلطة القائمة من طمر النفايات بالبحر بكلفة 170 دولار أميركي للطن الواحد وهي الكلفة التي تتجاوز الكلفة الحقيقية عشرات الأضعاف.
وفي المعلومات أيضاً أن أحد الحلول المطروحة على طاولة مجلس الوزراء هو توسيع محرقة بيروت المنوي إنشاءها ونقلها إلى منطقة الجية، وهو الطرح الذي أكد رئيس بلدية الجية جورج عزيز أنه "مرفوض جملةً وتفصيلاً في منطقة عانت ما عانته من التلوث وبجهود فردية حولها أهلها إلى مدينة سياحية بحرية". ولفت عزيز في حديثه لـ"ليبانون ديبايت" إلى أن أهالي الجية سيتصدون بأجسادهم لهذا المشروع، داعياً إلى تبنّي الحلول البيئية المستدامة التي ما ملّ أهل الاختصاص بعرضها على المعنيين".