كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن بداية نهاية الحرب السورية، وعن خروج كل المقاتلين الأجانب وعودتهم إلى ديارهم ويتم التركيز أكثر على المقاتلين التابعين للمحور الإيراني وفي مقدمهم مقاتلي حزب الله بالخصوص بعد الإعلان الرسمي من معظم الأفرقاء عن نهاية ما كان يسمى بدولة داعش والإنتصار عليها.
من المؤكد أن حزب الله الذي كان السباق في إعلان انتصاره كمقدمة ضرورية لمرحلة الإنسحاب المنتظرة، لن يخرج من سوريا إلا مكللًا بانتصار إلهي أينما هو من إنتصار ال2006، وليس بناءًا على طلب من نظام بشار الأسد كما يؤكد المراقبون ولا هو خطوة تراجعية أمام الضغوطات الدولية وتوافقات القوى العظمى.
ببساطة سيصور الموضوع على الشكل التالي: ذهبنا إلى سوريا لمحاربة الإرهاب (داعش بالخصوص)، انتصرنا عليها وها نحن نعود أدراجنا مكللين بالإنتصار، هذه هي الصورة المبسطة التي سوف يعمل إعلام الممانعة على تظهيرها، وكان الله يحب المحسنين.
إقرأ أيضًا: فتوى السيستاني: دور سليم في الزمن الخطأ
ولكن دعونا نغلق آذاننا عن صخب "الإنتصارات" قليلًا، وننظر إلى أرض الواقع لنشاهد كيف سيترك حزب الله والفصائل العراقية الجغرافيا السورية، وماذا سيترك خلفه ومن ثم نقيّم حقيقة الإنتصار الموعود.
بعيدا عن المنطقة الفاصلة مع حدود الكيان الإسرائيلي (25 كلم)، والتي تعهد الروسي بحمايتها بشكل تام، وخلوها من أي تواجد عسكري حتى لنظام الأسد، لا بد أن نستذكر أن داعش تلك ما هي إلا واحدة من أذرع المشروع الأميركي والمؤامرة الأميركية ضد قلعة العروبة وقلب الممانعة سوريا الأسد!
ويجب أن لا ننسى بأن القضاء على داعش يكتسب أهميته وعظمته ليس بكون داعش تشكل خطر إرهابي فقط، بل كونها رأس حربة للمشروع الأميركي "المهزوم بالمنطقة"، إلا أن جولة سريعة على الجغرافيا السورية نكتشف حقيقة يحاول إعلام الممانعة التخفيف منها، فمنذ عام 2015 والقوات الأميركية تتسلل من بين القذائف والبراميل التي تنهال على المدن والقرى السورية لتدخل إلى العمق السوري وتتمركز بقواعد ضخمة من دون أن يقول لها أحد "يا محلا الكحل بعينك".
إقرأ أيضًا: ترامب يفضح محور الممانعة
فحزب الله بدأ تخفيف تواجده في سوريا، مخلفًا وراءه 15 قاعدة عسكرية أميركية، إبتداءًا من حلب والرقة والحسكة شمالا ومن ضمنها مطار أبو حجر في رميلان ومطار خراب الجير في المالكية وتل السمن وعين عيسى ومطار خراب عشك شمالًا وصولًا إلى قاعدة التنف والحدود الأردنية جنوبًا.
عشرات القواعد والمطارات الأميركية تتربع الآن في "نص دين" جغرافيا الممانعة ومحاربة الإمبريالية، والمفارقة أن هذه القواعد لم تتعرض لرصاصة واحدة طيلة مدة تمددها ولو عن طريق الخطأ، هذا كله في ظل حرب طاحنة على المشروع الأميركي بالمنطقة، وفي ظل عودة صرخات "الموت لأميركا" إلى شوارع الضاحية الجنوبية بعد قرار ترامب المشؤوم بخصوص القدس وإعلانها عاصمة أبدية لإسرائيل.