قيل الكثير عن تحالف متوقّع بين تيار «المستقبل» و«التيار الوطني الحرّ»، لكن وعلى رغم اقتراب موعد الإنتخابات، إلّا أنّ نواة اللوائح ستبدأ بالظهور في مطلع شباط المقبل.
ومن الآن وحتى الإنتخابات، ستظهر معطيات كثيرة، لكنّ قيادات «التيار الوطني الحرّ» و«المستقبل» تؤكّد أنّ التحالف الإنتخابي بينهما بات «أمراً واقعاً»، لأنّه مرتبط بالتحالف السياسي في البلاد وبالعلاقة التي تعزَّزت بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري.
قد يَكون من المفيد عدم إبرام تحالفات بين القوى الكبرى في القانون النسبي الذي قسَّم لبنان الى 15 دائرة، لأنَّ «حسابات الأرقام» بدأت، والكسور قد تؤدّي الى نجاح نوّاب، في حين أنّ تحالف الكبار قد يخفّض نسبة الإقتراع على إعتبار أن لا منافسة محتدمة، فيما الحقيقة أنّ اللوائح تحتاج الى كلّ صوت في ظلّ القانون النسبي.
هذا من حيث المبدأ، أمّا من حيث الأرقام والحسابات الإنتخابية، فإنّ التحالف بين التيارين الأزرق والبرتقالي في دوائر عدّة سيشكّل رافعة لهما ومصلحة تكسبهما.
الدائرة الأساسيّة ستكون دائرة الشمال المسيحي التي تضمّ أقضية البترون، بشرّي، زغرتا، والكورة. ففي هذه الدائرة هناك حضور لـ«التيار الوطني الحرّ» و«المستقبل»، ويقدّر بلوك «المستقبل» بنحو 15 ألف صوت تتوزّع بين السنّة والمسيحيّين، في حين أنّ «التيار الوطني الحرّ» يتخطّى هذا الرقم، وفي حال وصلت نسبة المقترعين الى نحو 120 ألف صوت سيكون الحاصل الإنتخابي 12 ألف صوت لأنّ هذه الدائرة تضمّ 10 مقاعد، عندها سينال كل منهما نائباً مع كسور، لكن في حال تحالفهما فإنّهما سيفوزان بثلاثة نواب كانطلاقة لمعركتهما، والجدير ذكره أنّ هذه الدائرة، هي دائرة رئيس «التيار الوطني الحرّ» الوزير جبران باسيل.
وشمالاً أيضاً، يتوقّع أن يحقّق تيار «المستقبل» غالبيّة في دائرة عكار، لكنّه يحتاج الى حليف مسيحي يرفده بالأصوات لأنّ عكّار تضمّ نحو 75 ألف ناخب مسيحي.
وإذا نجح تحالف «التيار الوطني الحر» مع «المستقبل»، يمكنه تأمين 5 نوّاب كانطلافة انتخابية، لكنه يبقى معرّضاً للخرق بنائبين إذا تألّفت لائحة قويّة في وجهه، في حين أنّ ضياع الخصوم قد يمنعهم من نَيل الحاصل الإنتخابي. وتضمّ عكار نحو 280 ألف ناخب، فإذا انتخب 53 في المئة على غرار انتخابات 2009، فإنّ عدد المقترعين سيبلغ نحو 148 ألف، وعندها سيكون الحاصل الإنتخابي نحو 21 ألف صوت.
أمّا في العاصمة بيروت، فسيشكّل تحالف «المستقبل» مع «التيار الوطني الحرّ» وحلفائه عاملاً أساسياً في تحديد وجهة المعركة في دائرة بيروت الأولى، التي تضمّ الأشرفية والصيفي والرميل والمدوَّر (4 مقاعد أرمنيّة، ومقعد لكل من الأرثوذكس، الموارنة، الكاثوليك، الأقليات)، خصوصاً إذا اتّفقت كلّ الأحزاب الأرمنية في ما بينها، فتبقى المعركة على المقاعد المسيحية الأربعة، أي الماروني، الأرثوذكسي، الكاثوليكي والأقليات.
ففي هذه الدائرة هناك نحو 7 آلاف ناخب سنّي سيؤثرون على أحد المقاعد إذا قرّر «المستقبل» دعم أحد المرشحين، وبالتالي فإنه سيسحب أصواتاً كانت من نصيب لائحة «14 آذار» في انتخابات الـ2009. وفي ظلّ فرط عقد مسيحيّي «14 آذار»، فإنّ لائحة «التيار الوطني الحرّ» و»المستقبل» والأحزاب الأرمنية كلها قادرة على تحقيق رقم جيّد.
جنوباً، تعتبر الدائرة الأكثر تأثراً بهذا التحالف هي دائرة جزين- صيدا التي تضمّ 5 مقاعد، إذ أظهرت أرقام انتخابات العام 2009 في جزين، من ثمّ الإنتخابات الفرعية التي جرت في أيار 2016 قدرة «التيار الوطني الحر» على تجيير نحو 50 في المئة من الأصوات، في حين أنّ «المستقبل» قادر في صيدا على تجيير نحو 70 في المئة من الأصوات، وفي حال تحالفا فإنّهما قد يخفّفان خطورة الخرق الى مقعد واحد، قد يكون في صيدا أو جزين، بدلاً من الخرق بمقعدين.
أمّا الدائرة التي قد تنقلب فيها النتيجة فهي دائرة زحلة، حيث يملك تيار «المستقبل» فائضاً من الأصوات يستطيع تعويم اللائحة التي يكون فيها. ومع تمسّكه بالنائب عاصم عراجي فإنّ الأنظار تتجه الى هوية المرشّح الثاني الذي سيُسمّيه، فيما يبلغ عدد الناخبين السنّة في هذه الدائرة نحو 50 ألف صوت، من المرجّح أن يصوّت منهم نحو 28 ألف مقترع.
ويرجّح أن يصل عدد المقترعين في الدائرة كلّها الى نحو 85 ألف صوت، عندها يكون الحاصل الإنتخابي نحو 12 ألف صوت. وبالتالي، فإنّ تحالف «المستقبل» والتيار» سيجعلهما ينطلقان من 3 مرشحين على اعتبار أنّ «التيار الوطني الحرّ» قادر على تأمين أكثر من الحاصل الإنتخابي.
لذلك، فإنّ الكسور قد تجعلهما يفوزان بمقعدٍ رابع في حال لم يتحالفا مع شخصيات المدينة أمثال النائب نقولا فتوش أو رئيسة «الكتلة الشعبية» ميريام سكاف، أو حتّى الثنائي الشيعي.
وتشكّل النظرة الى أبرز الدوائر التي قد يتحالف فيها التياران مؤشراً الى اتجاه الرياح الانتخابية، لكنّ هذه الحسابات تبقى حبراً على ورق، لأنّ الظروف السياسية قد تتغيّر وكذلك التحالفات، وحسابات الورق قد لا تُترجَم أصواتاً في الصناديق، أو ربما قد تترجم فائضاً في القوّة أحياناً.