أولاً: التسوية الرئاسية وجنّة الحكم
بعد مرور أكثر من عام على التسوية الرئاسية، صحّت توقعات المستشارين والمقربين من الرئيس سعد الحريري الذين نصحوه بابرام الصفقة الرابحة مع التيار الوطني وانتخاب قائده الجنرال ميشال عون رئيساً للجمهورية، لا سيما بعد ترشيح القوات للجنرال. وبالفعل فتحت التسوية-الصفقة أمام الحريري أبواب الحكم المشرّعة على عالم الأضواء والمال والخدمات والمنافع، والتي ينالها الرئيس وصحبه وحاشيته والمقربين منه طوال العهد الرئاسي الميمون.
إقرأ أيضا : الحريري بين شاقوفي الحلفاء والخصوم
ثانياً: السعودية على خطّ المواجهة في لبنان
تنبّه السعوديون (في عهد محمد بن سلمان) متأخرين كعادتهم، أنّ سياسة حليفهم الحريري تدعم سياسات وتوجهات حزب الله المناهضة للسياسة السعودية في المنطقة، وخاصة في اليمن،فأقدموا على استدعاء الرئيس إلى المملكة، حيث أرغموه على تلاوة استقالة "نارية" تهاجم حزب الله اللبناني وداعميه الإيرانيّين، ليضطروا بعد ذلك إلى إطلاق سراحه، والسماح بعودته سالماً عبر الوساطة الفرنسية والضغوط الأميركية.
إقرأ أيضا : هل عادت المياه إلى مجاريها بين بري وباسيل ؟
ثالثاً: رُبّ ضارةٍ نافعة ... عودة الرئيس المظفرة
عاد الرئيس الحريري من الرياض مُكلّلاً بغار الظفر والعزّة والنجاح، فاستقبلته جموع تياره ومناصريه من أهل السُّنّة، الذين استفزّتهم وآذت مشاعرهم خطوة المملكة باحتجاز رئيس حكومتهم، رمز كرامتهم الطائفية والمذهبية، وما لبث الرئيس أن عاد عن استقالته، ومضى قُدُماً في ترسيخ تحالفه مع تيار رئيس الجمهورية، وأدرك ولو متأخراً، أنّه إذا كان ينوي الاستمرار في الحكم والفوز في الانتخابات النيابية القادمة، فلا بُد من ركوب سفينة "النجاة" التي يقودها حزب الله في لبنان وجواره، وهكذا كان، فبات الحريري يتحدث علناً بضرورة السلم والتفاهم والتنسيق بين مختلف الأطراف اللبنانيين. وها هو بالأمس يتحدث للمختارين بضرورة التعاون السياسي مع كافة الأطراف، ولا يستطيع أي فريق أن يلغي الآخر، ولبنان لا يقوم إلاّ بشراكة وطنية حقّة، والتسوية تسمح لنا بأن نعمل بالسياسة أفضل ممّا كانت عليه الحال في فترة الانقسامات.وهكذا دواليك.
هل من يخبر القوات وقائدهم أنّ الرئيس الحريري لبس "قبعه" ونزل مع "ربعه".