ينظر معارضو النظام السوري في لبنان بعدم الرضا لخطوات التطبيع بين بلدهم ودمشق، والتي ترجمتها مؤخرا إعادة فتح معبر القاع جوسيه وقبلها تعيين سعيد زخيا سفيرا للبنان لدى دمشق
 

شكلت إعادة فتح معبر القاع جوسيه الحدودي بين لبنان وسوريا، خطوة عملية جديدة في سياق مسار تفعيل العلاقات السورية اللبنانية رغم حالة الإنكار التي تمارسها حكومة سعد الحريري الذي سبق وأعلن أنه لن تكون هناك علاقة مع دمشق في ظل نظام الرئيس بشار الأسد.
في هذا السياق قال اللواء عباس إبراهيم خلال حفل الافتتاح أول من أمس الخميس بعد إغلاق دام لأكثر من خمس سنوات نقلًا عن صحيفة "العرب اللندنية“: "اليوم وبعد إقفال قسري نتيجة العمل الإرهابي الذي تعرضت له المنطقة بأسرها، نحتفل وإياكم بافتتاح هذا المعبر"، مشيرًا إلى "التعاون مع الجهة السورية بما تفرضه الإجراءات والقوانين".
من جهته، كان إبراهيم قد صرح قبل ساعات من افتتاح المعبر أن "لا علاقة لسياسة النأي بالنفس بافتتاح المعبر"، معتبرًا أن "النأي بالنفس موضوع سياسي، أما التنسيق الأمني لم يتوقف بين البلدين".
بدورها، تنظر أوساط سياسية لبنانية بنظرة مغايرة للمسألة، حيث أن العلاقة بين دمشق وبيروت تجاوزت خلال الأشهر الأخيرة التنسيق الأمني إلى ما هو دبلوماسي وأبرز مثال على ذلك تعيين السفير اللبناني سعيد زخيا لدى دمشق نهاية تشرين الأول الماضي.
في السياق ذاته، يعتبر سياسيون لبنانيون أن عودة العلاقات الرسمية بين البلدين الجارين أمر مفروض لجهة تشابك المصالح خاصة على الصعيد الأمني وفي ظل وجود أكثر من مليون لاجئ سوري على الأراضي اللبنانية، في المقابل يرى المعارضون أن ما يحدث ليس إلا فرض التطبيع مع النظام السوري الذي لطالما ضغط حليفه حزب الله وحركة أمل وحتى التيار الوطني الحر لتحقيقه، ويشير هؤلاء إلى أن الخطوات المسجلة على الأرض بين دمشق وبيروت تتناقض ومبدأ النأي بالنفس الذي كان أحد الشروط الأساسية التي بموجبها تراجع الرئيس سعد الحريري عن استقالته التي قدمها في الرابع من تشرين الثاني الماضي.
من جهة ثانية، يحذر كثيرون من سيطرة الحزب على المعبر لما يحمل ذلك من دلالات خطيرة لجهة نجاح طهران عمليا في تنفيذ مشروع الحزام الأمني الذي يربط بين الأراضي العراقية وسوريا ولبنان.
من جهة أخرى، يقول خبراء إنه وبعيدًا عن التصريحات التي تخاطب جهات داخلية وأيضًا إقليمية، فإن العلاقة بين دمشق وبيروت أصبحت أمرًا واقعًا، وهذا بالتأكيد لا يصب في صالح استقرار لبنان الذي سيبقى في دائرة التجاذبات في المنطقة، ويشير هؤلاء إلى أن الأمور لا تساق بحسن النوايا، وإنما على الحكومة ورئيسها اتخاذ خطوات عملية لوقف مساعي خطف لبنان من محيطه العربي، وجعله واجهة لأجندة إيرانية تستهدف دول المنطقة وعلى رأسها السعودية.
يذكر أن الرئيس الحريري قد صرح ردًا على سؤال حول مستقبل العلاقة بين البلدين في ظل حكم الرئيس السوري بشار الأسد: "لن تكون هناك أي علاقة"، "لن أغير رأيي حول هذه المسألة".