متى ستشرق الشمس على البيت الأبيض دون انفجار قصة جديدة، استقالة مسؤول، خروج وزير، إبعاد مستشار، فصل موظف كبير، ومتى يمكن ان يستقر وضع الإدارة الأميركية، ومتى تعود أميركا الى المسرح الدولي، ومتى يصبح دونالد ترامب رئيساً يملك استراتيجية مفهومة وسياسة خارجية واضحة في كل ملفاتها؟
هذه أسئلة مشروعة وضرورية وملحّة، بعد ١١ شهراً من دخول ترامب البيت الأبيض، وبعد سلسلة غير مسبوقة من إقالة أو استقالة ١٥ من كبار المسؤولين، الذين كان يفترض ان يديروا السياسة الأميركية، ولكن ها هو الحديث مثلاً يتجدد عن قرب خروج ريكس تيلرسون من الخارجية!
تيلرسون لم يفعل منذ عُيّن بعد مرحلة توماس شانون الإنتقالية، سوى محاولة إطفاء الحرائق التي أشعلها ترامب، مع شركائه الأوروبيين في حلف شمال الاطلسي، ثم مع الروس على الساحة السورية قبل التوصل الى “تفاهم هامبورغ”، وأيضاً مع الإيرانيين الذين وسّعوا تدخلاتهم في المنطقة، ثم مع نوويات وصواريخ كيم جونغ – أون مع كوريا الشمالية، وأخيراً مع العرب والمسلمين والعالم، عندما تجاوز قرارات الشرعية الدولية، وأجهض ثلاثين عاماً من الجهود الديبلوماسية الأميركية، ووقع قرار نقل السفارة الأميركية الى القدس.
الآن هل جاء دور نيكي هايلي مندوبة أميركا لدى الأمم المتحدة، التي لعبت دوراً قوياً في دعم ترامب، الذي تقول الأنباء إنه في حال من السخط عليها، بعدما أعلنت في نهاية الأسبوع الماضي لشبكة “سي بي أس” أنها فخورة بالسيدات الثلاث اللواتي طالبن الكونغرس بالتحقيق مع ترامب، لأنه سبق لهن أن تعرّضنَ لتحرش جنسي منه، وأنه ينبغي الإستماع إليهنّ!
المثير أن السيدات جيسيكا ليدز وسامنثا هولفي وراشيل كروك عقدن مؤتمراً صحافياً نقله التلفزيون، وتحدثن فيه بتفصيل مخجل عن الطريقة التي اتبعها ترامب في التحرّش بهن. البيت الأبيض سارع الى النفي ووصف مزاعم السيدات بأنها إدعاءات كاذبة. لكن وسائل الإعلام التي تشتبك مع ترامب منذ البداية، تقول ببساطة إنه بعدما جرى التحقيق مع رئيس سابق هو جورج بوش الأب وكذلك مع أعضاء في الكونغرس من الإنصاف التحقيق مع ترامب أيضاً!
كلام نيكي هايلي جاء مباشرة بعد الإعلان عن أن دينا حبيب باول نائبة رئيس مجلس الأمن القومي، وهي من أصل عربي، ستغادر البيت الأبيض الشهر المقبل، وقد سارع البعض الى القول إن هذا جاء نتيجة قرار ترامب في شأن القدس، على رغم أنباء سابقة عن رغبتها في الإستقالة.
ترامب المتحرّش دائماً ليس المشكلة فقد سبق للأمر ان أثير خلال الإنتخابات، المشكلة الحقيقية تتصل بغرق الإدارة الأميركية طويلاً في مشاكلها الداخلية، ما أوجد فراغاً على المسرح الدولي تمكن بوتين أن يملأه من اوكرانيا الى الشرق الأوسط.