لا يزال اللغط الذي حصل إبان بيان باريس الصادر عن مجموعة الدعم الدولية للبنان قبل أيام، محط جدل واسع في لبنان، وبيئة حاضنة للأخذ والرد قوامها بلبلةً لم تطوَ صفحتها بعد.
وكانت الترجمة العربية الأولى للبيان قد أسقطت القرار 1559 من بين حزمة القرارات الدولية المذكورة فيه، على عكس النسختين الفرنسية والإنكليزية، بينما عادت السفارة الفرنسية في بيروت لتوزّع نسخة عربية جديدة من البيان تتضمن القرار 1559، الأمر الذي زاد طين البلبلة "بلّة". وانقسم اللبنانيون إلى فريقين أحدهما رأى في اللغط خطأ عادياً يمكن أن يحصل، بينما حمّل الفريق الآخر الخطأ للسلطة اللبنانية ووزارة الخارجية وراح أبعد من ذلك، متهماً إياهم بإسقاط القرار 1559 من بيان باريس قصداً لحفظ ماء وجه رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أمام حزب الله.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن ورود القرار 1559 ضمن مجموعة القرارات الدولية المطلوب تنفيذها، في بيان باريس، أثار امتعاض قوى سياسية لبنانية، قوى الثامن من آذار على وجه الخصوص، وهي التي امتعضت بنفس الوقت من إعادة إحياء بيان باريس لـ"إعلان بعبدا"، وهو إعلان "مات مع نهاية عهد رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان"، بحسب مصادر 8 آذار.
وهي المصادر عينها التي وضعت علامات استفهام عدة حول موقف فرنسا، التي رأت فيه المصادر التفافاً على البيان الختامي الصادر عن مجموعة الدعم الدولية للبنان "والذي لم يورد القرار 1559".
فما هو القرار 1559؟
يركز القرار 1559 الصادر في خريف العام 2004، "خلال الوصاية السورية على لبنان" على نزع أي سلاح غير شرعي في لبنان، كما يؤكد الخبير القانوني والدستوري الدكتور أنطوان سعد.
أما القرار الدولي 1701، الصادر في 11 آب 2006 مع نهاية حرب تموز، فهو، كما يشير سعد يشترط في المنطقة الموجودة فيها قوات الردع الدولية على عدم وجود سلاح غير السلاح الشرعية اللبنانية، ويركز على نشر الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني وحتى الحدود مع فلسطين المحتلة، على أن تعمل الحكومة اللبنانية مع الأمم المتحدة على منع وجود أي سلاح غير شرعي في هذه المنطقة. كما يفتح من خلال البند 14 المجال أمام الدولة اللبنانية بمساعدة الأمم المتحدة لتحديد الحدود اللبنانية السورية أو الحدود الجنوبية مع فلسطين.
ويؤكد سعد في حديثه لـ"ليبانون ديبايت" على أن القرارين مختلفين بالزمان والمكان والحيثيات، وذكر الثاني في البيان لا يعني بالضرورة عدم ذكر الأول والعكس صحيح.
وبينما يختلف الطرفان على ورود ذكر القرار 1559 في بيان باريس أو عدم ذكره، تبقى الحقيقة المضحكة أن هذا القرار لا يتم تطبيقه في لبنان أصلاً.
يرى سعد أن هذا القرار لا يناسب الجهة التي حذفته باعتبار أنه يستهدف بشكل مباشر سلاح حزب الله. وعن البيان بشكل عام، يقول "كل المبادئ التي يتحدث عنها الاوروبيون يمارسون عبر التأييد عليها سياسة الضحك على أنفسهم في حال كانوا متابعين لليوميات السياسية في لبنان. فأي نأي بالنفس يتكلمون عنه وأي حياد وأي مسافة يجب المحافظة عليها من كل الدول المتحاربة المتصارعة في المنطقة، وقد خُرقت المبادئ التي أعلنوها قبل صياح الديك في اليوم التالي، إذ ظهر الفيلم المصور للأمين العام لحركة عصائب أهل الحق التابعة للحشد الشعبي العراقي الشيخ قيس الخزعلي في جنوب لبنان بلباسه العسكري وسلاحه".
ووصف سعد بيان باريس بأنه "نوع من الفلكلور لإنعاش الوضع اللبناني بعد استقالة الحريري، أما عملياً فلا حياة لموضوع النأي بالنفس، على اعتبار أن القوى السياسية التابعة لحزب الله لا تزال توجّه كل يوم خطابات بما معناه أنها ضمن الصراع الموجود في المنطقة لا خارجه".