بعدما طويت صفحة التعديل الوزاري الهادف إلى إقصاء وزراء القوات اللبنانية، لا تزال مطروحة «بقوة» فكرة تعديل يطال وزراء في التيار الوطني الحرّ. وبحسب مصادر متابعة، فإن قيادة التيار الوطني الحرّ، ممثلة برئيسه الوزير جبران باسيل، ترغب في استبدال نحو نصف وزراء تكتل التغيير والإصلاح الحاليين بوزراء جدد، تحت عنوان فشل هؤلاء في إدارة وزاراتهم.
وفيما لم يبدِ الرئيس سعد الحريري والرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط، حماسةً لإجراء تعديلات وزارية تطال وزراء القوات اللبنانية، تبدو فكرة استبدال بعض وزراء التيار الوطني الحر حاضرة بقوّة لدى قيادة التيار، لأن «بعض هؤلاء لم يكونوا عند التوقعات بنجاحهم في وزاراتهم». وحتى الآن، لم يتضح بعد إن كانت التعديلات ستجد فرصتها، وخصوصاً أنه سيكون صعباً إيجاد أسماء تراعي التوزيع المذهبي للوزراء الحاليين، فضلاً عن موقف رئيس الجمهورية ميشال عون.
ومع أن الحريري غضّ الطرف عن مسألة استبدال وزراء القوّات، إلا أن العلاقة بين الحريري والقوات تمرّ في أسوأ أحوالها، مع استمرار اقتناع الحريري بالدور السلبي الذي قام به رئيس القوات سمير جعجع في ما تعرّض له رئيس الحكومة في السعودية. إلّا أن الحريري، الذي يستبعد أكثر من مصدر حصول لقاء بينه وبين جعجع في المدى المنظور في ظلّ الاتصالات شبه المقطوعة بين الرجلين، ليس في وارد الدخول في مواجهة مع القوات في هذا التوقيت، واستفزاز الأميركيين والسعوديين الذين يسود الجفاء علاقتهم بالحريري في الوقت الحاضر.
على صعيد آخر، يؤكّد أكثر من مصدر معني أن الفترة المتبقية حتى عطلة الأعياد لن تشهد تطوّرات سياسيّة كبيرة، وأن مرحلة ما بعد رأس السنة ستشهد انشغالاً لبنانيّاً كبيراً بالانتخابات النيابية. وتقول مصادر وزارية إن الانتخابات حاصلة في موعدها، وإن «التحالفات الرئيسية حتى الآن، هي تحالف حزب الله وحركة أمل من جهة، وتحالف التيار الوطني الحر وتيار المستقبل من جهة ثانية، مع ما يعنيه الأمر من تقاطع بين التحالفين بسبب علاقة حزب الله بالتيار الوطني الحرّ وتحسّن علاقة التيار بالرئيس برّي».
وفي الإطار عينه، تؤكد مصادر رفيعة المستوى في التيار الوطني الحر لـ«الأخبار» أن علاقة التيارين (الوطني الحر والمستقبل) هي في أعلى مستويات التنسيق والتقارب، «وتفاهُمُنا مع المستقبل يشمل ما بعد بعد الانتخابات النيابية المقبلة».
في سياق آخر، لا تزال العبارات التي وردت في بيان باريس الصادر عن مجموعة الدعم الدولية للبنان قبل أيام، تثير البلبلة في بيروت. فالبيان، مع أنّه جاء قاسياً تجاه المملكة العربية السعودية ورفض تدخّلها في لبنان، إلى جانب المعزوفة المعتادة حول رفض التدخّل الإيراني، إلّا أن ورود القرار 1559 ضمن مجموعة القرارات الدولية المطلوب تنفيذها، لم تستسغه قوى سياسية لبنانية، ولا سيّما حزب الله وبرّي وقوى 8 آذار. وإذا كان القرار 1559 قد ورد ضمن سلّة القرارات الدولية، فإن إعادة بيان باريس التذكير بـ«إعلان بعبدا»، جاء مخيّباً للآمال في بيروت، وخصوصاً لناحية عدم تمكّن الحريري وباسيل من إضفاء تعديلات عليه. فـ«إعلان بعبدا» فقَدَ وهجَه الداخلي منذ سنوات، وأعلن حزب الله وحلفاؤه موته منذ زمن، فضلاً عن أن عون قال في أكثر من مناسبة مواقف داعمة للمقاومة تتناقض وروحية الإعلان، الذي يعدّ إرثاً ثقيلاً من تركة عهد الرئيس ميشال سليمان. ويتداول سياسيّون بارزون انتقادات حول البيان.
وكانت الترجمة العربية الأولى للبيان قد أسقطت القرار 1559 من حزمة القرارات الدولية المذكورة فيه، قبل أن تعود السفارة الفرنسية في بيروت وتوزّع نسخة تتضمّن الـ 1559، ما أثار بلبلة إضافية، حول ما إذا كان الأمر مقصوداً أم خطأً عاديّاً في الترجمة.
من جهة ثانية، أثارت زيارة قيس خزعلي، قائد عصائب أهل الحقّ، أحد فصائل المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأميركي و«داعش»، للجنوب وانتشار فيديو له مع مجموعة من قادة المقاومة قرب بوابة فاطمة وحديثه عن دعم قواته للمقاومة اللبنانية، ردود فعلٍ في الداخل اللبناني وفي الكيان المحتل، ولا سيّما ما صدر عن رئاسة الحكومة اللبنانية. وأبدى الحريري انزعاجاً واضحاً من الزيارة، مطالباً في بيان باسم رئاسة الحكومة بمنع الخزعلي من دخول لبنان. فيما صوّب حزب القوات اللبنانية وبقايا 14 آذار على أن زيارة خزعلي تشكّل خرقاً لخيار «النأي بالنفس» الذي أعيدت الحياة إليه الأسبوع الماضي. وتساءلت مصادر وزارية بارزة في تيار المستقبل، عمّا إذا كانت الزيارة رسالة من حزب الله في هذا التوقيت، أم أن الأمر عابر. وقالت المصادر لـ«الأخبار» إن «التسوية التي حصلت أخيراً حصلت برضى جميع الأطراف، وإذا كان الفريق الآخر لا يريد الالتزام بها، فعليه أن يخبرنا حتى نعرف كيف نتصرّف»، متسائلةً عن «جدوى مثل هذه التحرّكات في هذا التوقيت». في المقابل، قالت مصادر أخرى إن «زيارة الخزعلي لا علاقة لها بالداخل اللبناني، وكلامه موجّه للعدو الإسرائيلي الذي يستبيح القدس ويهدّد بالاعتداء على لبنان بشكل دائم». وقالت المصادر: «لا أحد خطّط لنسف التسوية أو التصرّف بكيدية، والجميع ملتزم بالتسوية، والأفضل أن لا تفسّر الزيارة بغير معناها الحقيقي»