ترتفعُ صورتك على جدران مبنى "النهار"، وهي المرتفعة على الدوام في وجدان كل حرّ. ١٢ عاماً على ١٢/١٢/٢٠٠٥، يوم الاستشهاد المؤلم، ويوم ظنّ الحاقدون أنهم بقتلكَ ستُقتَل "النهار" وتنهار ولن يبقى منها صدى. وقف غسان تويني أمام آلام رحيلك مؤكداً بقوّة الجبابرة أنّ "جبران لم يمت والنهار مستمرة". وها هي تستمرّ. وستستمر، رغم أنّ الرياح الباردة تلوي وهبّات العواصف عاتية، قوية.

"شو ناطرين لنفيق؟"، نرفعه شعاراً في الذكرى الثانية عشرة على استشهادك، تحية وفاء وصرخة حرية، وسط السبات الرهيب والتبعية القاتلة. يتحوّل العالم من حولنا قالباً واحداً متشابهاً لا بصمات فيه ولا فوارق. النماذج خانعة، الرؤوس مدفونة في الرمال، والبشر مختبئون خلف أصبع، فتحلّ ذكراك كجرس انذار من عمق الصمت، لكسر اللغة الواحدة، والمشهد الواحد والاستسلام الكبير.

الآن، فليكن وعياً على مستوى وطن. وعلى مستوى الإنسان والكلمة والشجاعة والحرية. فليكن وعياً مضيئاً يخرق الظلمة، حقيقياً في وجه استبداد الأكاذيب، بعيد المدى، يخربط الركود ويهزّ حدّ الصفع المفيد الخلّاق. فليكن وعياً على هيئة ضمير، فعّالاً، مؤثراً، قادراً على التغيير، بالقول والفعل، لا بالشعار فحسب، وبالكلمات العابرة.

يمرّ الوقت وقد علّمتنا الصلابة في عزّ الانكسار والوقوف مرفوعي الرأس، مصمّمين لا على الصمود والبقاء وحدهما، بل أيضاً على النظر الى الأمام، استشراف الحداثة وفهمها، وتعلُّم متى نكون السبّاقين وكيف، متى نتّخذ القرارات ونتحمّل المسؤولية ونلتحق بقطار الزمن، عوض أن تفوتنا القطارات ونبقى في الوراء والجمود والأيدي المكتوفة. 

#جبران_تويني لم تغب لتحضر، فكلّ الأجساد فانية والروح العظيمة لا تعرف نهايات. نستعيد ذكراك كل سنة، لكنك في كل وقت. حين نكتب من دون قيد، ونبحث عن مصدر الخبر. وحين نلتفت الى عالم نراه يتغيّر، فنلتحق به بشجاعة وعزيمة النجاح. يكبُر حجم المنافسة وتتفتّح العيون علينا أكثر من قبل. لكننا لا نخاف. لا نتردّد، طالما أنّك فينا، بصرختك وقضيتك وكلمتك التي ستبقى الى الأبد الفارق بين النور والظلمة.