ليس أكثر من "كاموفلاج" إعلامي. قنبلة دخانية وقع في دخانها ناشطون كثيرون. بعضهم لم ينشف حبر تعليقه على خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. تلك التعليقات الساخرة من دعوته إلى التغريد والكتابة على وسائل التواصل الاجتماعي بدلاً من إقدامه على إعلان الحرب لتحرير القدس، على ما كان يعد في خطاباته طوال عقود.
السائح العراقي، قيس الخزعلي، القيادي في "الحشد الشعبي" العراقي، وتحديداً في "عصائب أهل الحقّ"، سرّب فيديو له إعلام حزب الله. فلا أحد يستطيع تسجيل فيديو له وهو يعلن "الجهوزية الكاملة لمساندة المقاومة الإسلامية وحزب الله بانتظار صاحب الزمان الإمام المهدي". لا أحد غير إعلام حزب الله. وقرار تسريب الفيديو هو قرار سياسي – إعلامي واضح، بتغطية و"سماح" أمني بالطبع.
لا رسالة سياسية هنا. فالقيادي هذا ليس أكثر من "سائح". لا يحمل سلاحاً، ولا يوجّه تهديداً سياسياً، ولا يبعث رسالة واضحة. هو مجرّد سائح يلبس الكوفية الفلسطينية زوراً وبهتاناً، وربما يكون قد عرّج على جونية وعلى قلعة صيدا، قبل أن يحطّ على بوابة فاطمة في كفركلا. والبوابة هذه واحدة من أبرز المعالم "السياحية" في التراث الحربي الممانعجي الحزب اللهي.
إقرأ أيضا : ترامب يهدي القدس إلى... إيران
أما الهدف السياسي الإعلامي فهو وقف حملة "المسخرة" على كلام نصر الله. تلك التي تعدّت أيّ حملة سخرية في تاريخ حزب الله. فما قاله نصر الله هو "زلّة لسان إعلامية تاريخية" لا لبس في أنّها أضرّت بصورة حزب الله. وقد فشلت ماكينة حزب الله السياسية والإعلامية في استخدام "صورة المغرّد" حسن نصر الله لتأكيد "النأي بالنفس" اللبناني، من جانب حزب الله، عن صراعات المنطقة وحروبها. في المقابل نجحت ماكينات أخرى في تصوير نصر الله "ضعيفاً" أمام إسرائيل، وأسداً فقط أمام دماء العرب التي يُتَّهم بالغوص فيها. "يُتّهم" في اليمن فقط، في حين يعترف بالغوص في حروب العراق وسوريا، ولا مانع لديه من القول: "حيث يجب أن نكون سنكون".
هي قنبلة دخانية، لحرف الأنظار عن "زلة لسان" نصر الله، وتحوّله إلى مقاوم في العالم الإفتراضي، بدلاً من صورته كزعيم لقوّة تدخّل إيرانية إقليمية، من المحيط إلى الخليج، باستثناء فلسطين.
هي قنبلة دخانية، للتعمية على "فاول" نصر الله، جعلت السائح العراقي في "مهمّة مستحيلة Mission Impossible"، هي إنقاذ نصر الله من سيل المسخرة على ما قاله. وكان الأجدى دعوة نصر الله وضيفه إلى إعلان الحرب على مغتصبي القدس، بدلاً من الإعتراض على الفيديو. خصوصاً أنّ الضيف خاطب "الوعي الشيعي"، بأنّنا "ننتظر الإمام المهدي لنقاتل إسرائيل"، أو "ننتظر صاحب الزمان"، الزمان والمكان المناسبين... بماذا تذكّركم هذه الجملة؟