كثيرة هي الروايات والقصص التي سمعناها ونسمعها من لبنانيين قادمين في إجازات عمل من السعودية ، حيث بالغالب يكون معهم عمال يمنيون .
قصص هي أقرب ما تكون إلى الخيال أو بأقل تقدير يمكن وصفها بالمبالغات غير المعقولة ، واحدة من هذه القصص بأن يقوم اللبناني برسم دائرة وهمية حول اليمني ليسجنه فيها ولا يخرج منها حتى يأذن له أو يرمي اللبناني ما يحمل بيده ويصرخ في وجه اليمني " زتّينا " ليرمي بعده مباشرة اليمني ما يحمل بيديه وعادة يكون شيء معتبر وله ثمن كتلفزيون أو راديو أو بطيخة وما شابه !
هذه القصص ومثيلاتها والتي قد تكشف شيء ما عن " العقلية " اليمنية، كانت حاضرة في ذهني حين كان يخبرني أحد الأصدقاء نقلا عن عارفين بخبايا الأمور بمعاناة السيد حسن نصرالله ومن خلفه الإيرانيين بعلاقتهم مع عبد الملك الحوثي وأدائه العسكري والسياسي ! معاناة أقل شاهد عليها ( بحسب المصدر ) أن إتصالا دام ساعات بين الرجلين لم يستطع فيها نصرالله إقناع الحوثي بالرغبة الإيرانية بالتمهل في إجتياح صنعاء بمرحلة من المراحل.
وهنا لا أدري إذا ما كانت تحسن المقارنة بين براغماتية نصرالله الناتجة عن دهاء سياسي كبير وبين فجاجة الحوثي وخبرته المعدومة في السياسة ؟ بالخصوص في كيفية إدارة الصراع مع المملكة العربية السعودية، ففي حين يتصارع الجانبين ( الإيراني - السعودي ) على إستمالة أو إخضاع أطراف لإرادتها بهدف إضعاف جبهة الخصم وهذا ما حصل مع سعد الحريري في لبنان وعلي عبدالله صالح في اليمن ، نتلمس الفارق الهائل في كيفية معالجة السيد نصرالله مع موضوع الحريري، وكيف أنه استطاع بالكثير من الحنكة أن يفشل المخطط السعودي ولو مؤقتا لشراء بعض الوقت عبر إعطاء سعد الحريري ما يريده من عبارات إنشائية تدغدغ مشاعر المستقبليين، مع بروبوغندا إعلامية ضخمة قلبت موازين الحدث لتحول الحريري نفسه من خصم مفترض إلى واحد من المدافعين عن سلاح الحزب وإستراتيجيته، وتتحول السعودية بعد ذلك إلى خاسر ليس للحريري فقط وإنما لجمهور واسع من سنة لبنان اقتنعوا بأن السعودية كانت تعتقل زعيمهم .
إقرأ أيضا : تعالوا نكره القدس قليلًا
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى نرى كيف تعامل الحوثي مع " حليفه " علي عبد الله صالح ومن خلفه مع حزب المؤتمر، فحتى لو قلنا بأن هذا الأخير قرر فك التحالف معهم، مع أن الأمر لم يثبت بعد، فموقفه الأخير ورسائله إلى التحالف لم يكن جديدا، وبقليل من المراجعة نكتشف أن رسائل الود قد إعتاد على بعثها كشيء من المناورة، وأنه إشترط حتى في لقائه الإعلامي الأخير وقف " إعتداء " التحالف وفك الحصار كمقدمة لفتح صفحة جديدة ! مع ملاحظة أيضا السلوك العدائي الذي كان يتعرض له من حلفائه المفترضين منذ وقت طويل .
أنا أختلف مع من يقول بأن تصفية علي عبدالله صالح وبالطريقة التي حصلت فيها كانت بقرار إيراني، لأن من بديهيات القول أن مقتل صالح والتبعات الوخيمة التي سوف ترتد على الحوثيين في الأيام القليلة القادمة لن تكون في مصلحة الإيراني وستضعف التواجد الحوثي في صنعاء وغيرها من المحافظات اليمنية بعد أن تحول الحوثي سريعا من محرر ومدافع عن اليمن إلى محتل عاري، وبدون أي حليف معتد به .
وعليه فإيران سوف تخسر اليمن وسيندحر الحوثيون ليس بفضل قوة التحالف وإصرارهم على هزيمة المشروع الإيراني فيه، وإنما بفضل غباء عبد الملك الحوثي .