إن ما اقدم عليه ترامب يثبّت يهودية الدولة اﻻسرائيلية ويقطع الطريق على اﻵمال العربية قيام دولة فلسطينية بالحد اﻻدنى عند أطراف الكيان اﻻسرائيلي على ان تبقى القدس عاصمة للسلام العالمي ومدينة مفتوحة لكل اﻻديان، هذا التطور الخطير يأتي في توقيت غير ملائم للسلطة الفلسطينية من حيث قطع الطريق على تحقيق أي مكاسب عبر المفاوضات.
بعكس الشأن الفلسطيني، يبدو أن مسار الأزمة السورية يخطو طوات سريعة نحو التسوية الاقليمية والدولية في سبيل وضع حد للقتال العبثي على الأرض، حيث تسلم أطراف النزاع السوري كما الوكلاء على الميدان السوري بأن جولات العنف لم تعد تجدي نفعا في تحقيق مكاسب، وبالتالي لا بد من خيار المفاوضات التي قد بدأت تمهيدا للحل النهائي.
الخلاصة الأساسية تكمن في تثبيت النفوذ المباشر لعدد من الدول المؤثرة في المحافظات السورية التي تخضع لسيطرة المعارضة، فقد أصبح مسلما به بشكل نهائي وحدة الجغرافيا السورية حتى اللحظة من دون القدرة على المساس بوحدة هذه اﻻراضي نتيجة التناقضات الكثيرة أبرزها مسألة الحكم الذاتي للأكراد.
وفق المشهد الحالي، فالزحمة الديبلوماسية التي شهدتها أروقة الكرملين كما المنتجع الرئاسي في "سوتشي" تجعل من روسيا عنصراً جوهرياً لتثبيت وقف القتال والشروع نحو البحث الجديد في شكل النظام الجديد، عبر نقاش مفصلي يتولاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأجل إقرارالدستور الجديد كما تنظيم الانتخابات وما بينهما المرحلة الانتقالية.
وحيال هذه المرحلة سادت الاجواء السورية آراء متضاربة حيال ماهيتها وطبيعتها، وقد زادتها غموضاً نتائج محادثات الرئيس السوري بشار اﻻسد في موسكو، وفي نفس الوقت لا يمكن اعتبار تسليط الأضواء من جديد على نائب رئيس الجمهورية فاروق الشرع بأنها صدفة عابرة مع عودة الحديث عن المرحلة اﻻنتقالية.
لا يخفى على أحد في هذا المجال، رغبة جامحة عند الطرف السعودي تحديدا تسجيل هدف في المرمى السوري من خلال اﻻصرار على تنحية الرئيس السوري كمعبر للتسوية المرتقبة، كما طرح تولي شخصية مستقلة للمرحلة اﻻنتقالية التي تفصل عن موعد اﻻنتخابات الرئاسية السورية عام 2021، ولعل الاوفر حظا لهذه هو نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، باعتباره قادرا على المحافظة على شكل الدولة السورية ووحدة المؤسسات، من دون المساس بالاستقرار المبدئي في الجيش والأجهزة الأمنية.
الجهود الروسية على جبهة النظام وطبيعة المرحلة الانتقالية أرخت بظلالها على أجواء مؤتمر "الرياض 2" للمعارضة السورية ، والذي أسفر عن جملة تغييرات جوهرية أشرفت عليها الخارجية السعودية مباشرة ، أولها إمساك وزارة الخارجية بالملف السوري ونزعه من دائرة المخابرات العامة السعودية. ووفق تقديرات شخصيات سورية معارضة فإن تغيرات ولي العهد محمد بن سلمان في كيفية مقاربة السعودية للملف السوري مرتبط إلى حد بعيد بتحسن علاقات السعودية مع روسيا.
أضاف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير على توجيهات ولي العهد حين قال كلاما واضحا عند استقباله المعارضة السورية بأن جولات جنيف التفاوضية تعد الفرصة الأخيرة للمعارضة السورية من أجل إثبات وجودها، وإلا فإن المملكة ستسارع الى التدخل المباشر مع الأطراف المعنية لإنهاء الصراع السوري، ما يعني تصفية وجود المعارضة السورية بشكل نهائي.
مصباح العلي