أثار موقف مجموعة دعم لبنان استغراب دوائر رسمية وشعبية في بيروت كونه يساوي، في سابقة خطيرة، بين السعودية التي تدعم الإقتصاد اللبناني، وبين إيران التي تركز جهودها على تسليح حزب الله ومساعدته في السيطرة على القرار الوطني في لبنان، وتوريط البلد في أزمات إقليمية تزيد من معاناة اللبنانيين وتربك علاقاتهم بدول الخليج.
وساوى البيان الختامي للمجموعة وبشكل ملتبس بين السعودية وإيران في الأزمة اللبنانية، وقفز البيان على الواقع بشكل متناقض، إذ طالبت دول المجموعة من السعودية دعم حكومة لبنان وتسليح جيشه حتى يكون قادرًا على ضبط الوضع الأمني في البلاد وقصر امتلاك السلاح على الدولة وحدها، لكن في نفس الوقت طالبت أيضًا السعودية بعدم التدخل، وأن تنأى بنفسها عن لبنان، وسط صمت عن دور تخريبي تقوم به إيران ومعها حزب الله في البلد.
وقالت هذه المراجع نقلًا عن صحيفة "العرب اللندنية" إن البيان الختامي كان غامضًا ومبهمًا بشكل مثير للإستغراب، متسائلة كيف يمكن أن تدعو المجموعة "كل الأطراف اللبنانية للإلتزام بسياسة النأي بالنفس وعدم التدخل في الصراعات الخارجية كأولوية قصوى"، والحال أن الأمر لا يخص سوى حزب الله الذي يتورط عسكريًا في سوريا والعراق واليمن.
في هذا السياق نُقل عن دبلوماسي فرنسي قوله إن صياغة الإعلان النهائي لا تخص بالذكر طرفًا بعينه، لكنها ستحمل رسالة مفادها أن على السعودية وإيران عدم التأثير على السياسة اللبنانية وأن على حزب الله الحد من أنشطته الإقليمية، وتابع اجتماع الجمعة ليس ضد السعودية أو إيران وإنما لدعم لبنان.
من ناحيتها رفضت المراجع اللبنانية أي تلميح يوازي ما بين النفوذ الإيراني والسعودي في لبنان ودورهما في التأثير على استقرار لبنان، وذكرت أن السعودية تاريخيًا كانت داعمًا اقتصاديًا وسياسيًا للبنان، للدولة ومؤسساتها العسكرية والأمنية، وأن الرياض رعت دائما ما يمكن أن يحمل السلم والإستقرار والإزدهار إلى هذا البلد، مذكرة أن لبنان استعاد عافيته بعد الحرب الأهلية مستندًا على الإتفاق الذي وقع في مدينة الطائف في السعودية، وأن استقرار البلد السياسي والإنمائي والإعماري والمالي اعتمد دائمًا على الدعم السعودي، وأضافت أن السياسة الإيرانية في لبنان دفعت البلد باتجاه أعمال العنف والقرصنة والخطف، فيما يمثل سلاح حزب الله أكبر عقبة أمام قيام دولة قوية في لبنان.
من جهة أخرى أرجع مراقبون لبنانيون الغموض الذي جاء في بيان المجموعة وتصريحات وزراء خارجية بعض الدول، وخاصة الأميركي ريكس تيلرسون، إلى الوقوع تحت تأثير اللوبي الإيراني بالإضافة إلى الدور التخريبي للوبي القطري في الإساءة لسمعة السعودية.
وحث تيلرسون أمس الجمعة السعودية على أن "تكون أكثر ترويًا وتدبرًا في ما يتعلق بالسياسة في اليمن وقطر ولبنان وأن تفكر في عواقب أفعالها".
في السياق ذاته وصف المراقبون هذا التصريح نقلًا عن صحيفة "العرب" بالصادم لكونه يبرئ إيران وقطر من تأزيم ملفات الخلاف مع المملكة، فضلًا عن كونه يأتي في وقت حساس تجابه فيه الرياض تحديات قوية بسبب التصعيد الأميركي غير المبرر في قضية القدس، ويضيف هؤلاء أن الأداء الإيراني يبدو أكثر نجاعة وفعالية من خلال السيطرة على شبكات إعلامية إقليمية ودولية والانخراط داخل شبكات ضغط تنشط داخل البرلمانات الغربية والفضاءات الإعلامية الغربية.
وقال دبلوماسيون أوروبيون في هذا الصدد إن إيران لا تستثمر جهودها في حملات العلاقات العامة التي اثبتت فشلها، وأن التواصل الدؤوب الذي تقوم به طهران وشبكاتها داخل العواصم الغربية أثبت فعاليته في التأثير مباشرة على الرأي العام كما على النخب داخل هذه العاصمة أو تلك.
ودعا دبلوماسيون فرنسيون عملوا في السعودية سابقًا، الرياض إلى انتهاج دينامية جديدة في مقاربة العالم الغربي تتجاوز المدرسة التقليدية القديمة، ونصح هؤلاء بعدم الإعتماد على شركات العلاقات العامة الدولية والاعتماد على شبكات تواصل سياسي جديدة يكون همها الأساس الدفاع عن السعودية ومصالحها، وشرح النهج الجديد الذي تعتمده في كافة المجالات والذي ما زال عرضة للتأويل وفق صورة نمطية قديمة.