المجتمع الدولي للحفاظ على إستقرار لبنان ومساعدته للخروج من محنته
الديار :
لقد بدا واضحا من خلال المعلومات التي نشرتها وسائل الاعلام الأميركية وحتى الإسرائيلية وما قاله وزير خارجية اميركا تيلرسون الى وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف كذلك ما اذاعته وسائل اعلان إسرائيل ومصادر أوروبية عن ان خطاب الرئيس الأميركي ترامب ليس عفويا او صدفة بل هو بداية لتصفية القضية الفلسطينية.
وذكر التلفزيون الأميركي فوكس نيوز الاوسع انتشارا نقلا عن مصادر للمخابرات الأميركية، ان صفقة القرن ستجري سنة 2018 في شأن القضية الفلسطينية، وذكرت ان صفقة القرن تعتمد على النقاط التالية:
1 ـ اعتبار القدس عاصمة إسرائيل.
2 ـ الإبقاء على 50 الف فلسطيني من اصل 325 الف فلسطيني يقيمون في القدس، بعد اعتبارها عاصمة إسرائيل من قبل اميركا، وفي ذات الوقت، أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن إقامة 14 الف وحدة سكنية تتسع الى 400 الف إسرائيلي لتهويد القدس ديموغرافيا.
3 ـ إبقاء مدن المستوطنات الإسرائيلية داخل الضفة الغربية، حيث اصبح عدد سكانها 350 الف إسرائيلي.
4 ـ بما ان مساحة الضفة الغربية هي 5800 كلم، ومساحة سيناء هي 60 الف كلم ويقيم في سيناء فقط مليون و400 الف مواطن، فان صفقة القرن تقضي باعطاء 2000 كلم مربّع من اصل 60 الف كلم وهي مساحة سيناء، واضافة مساحة الـ 2000 كلم الى قطاع غزة، لنقل الفلسطينيين من الضفة الغربية الى غزة، والى منطقة رفح والعريش ومساحة 2000 كلم من سيناء.
5 ـ تقوم السعودية عبر وعد من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، كذلك إسرائيل، كذلك الولايات المتحدة، بوصل غزة بمساحة الـ 2000 كلم في سيناء، إضافة الى 3 في المئة من صحراء النقب لصالح توزيع غزة، مقابل بقاء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
6 ـ يتم اعلان قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها مدينة أبو ديس القريبة من القدس المحتلة، ويقيم 3 ملايين فلسطيني في مساحة الـ 2000 كلم من سيناء التي مساحتها 60 الف كلم والـ 2000 كلم يشكلون نصف مساحة الضفة الغربية، إضافة الى 3 في المئة من صحراء النقب، على ان تقدم السعودية 400 مليار دولار كي توافق السلطة الفلسطينية تحت الضغط من اميركا وإسرائيل والسعودية ودول الخليج على صفقة القرن التي تشمل النقاط التالية، وان بداية التنفيذ هو اعلان الرئيس الأميركي ترامب ان القدس عاصمة إسرائيل.
نتنياهو يطلب تغيير أسماء الشوارع العربية
وبسرعة كبيرة واثر اعلان الرئيس الأميركي ترامب ان القدس هي عاصمة إسرائيل، اجتمعت الحكومة الإسرائيلية برئاسة نتنياهو، وطلبت من عمدة مدينة القدس البدء بخطة لتغيير أسماء الشوارع العربية في القدس، كما أعطت الامر الى وزارة الإسكان والدفاع والزراعة الإسرائيلية بإقامة 14 الف وحدة سكنية، كل وحدة مؤلفة من 6 طوابق وفي كل طابق 4 شقق، وفق ما ذكرته القناة العاشرة الإسرائيلية.
كما انه سيتم منع الفلسطينيين من خارج القدس بالصلاة في مسجد القدس، بل يقتصر الامر على إقامة الصلاة ظهرا في مسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة، اما بالنسبة الى جبل الزيتون وكنيسة القيامة فان الشرطة الإسرائيلية ستسمح فقط للفلسطينيين المسيحيين بزيارة كنيسة القيامة باذن خاصة من المخابرات الداخلية الإسرائيلية ووزارة الداخلية.
الغضب الشعبي الفلسطيني والعربي والاسلامي والمسيحي في فلسطين
في هذا الوقت، عمّ الغضب الشعب الفلسطيني والعربي والإسلامي والمسيحي في فلسطين والعالم وسارت مظاهرات، دعت الى انتفاضة في فلسطين المحتلة وغزة، وادى ذلك الى سقوط 3 شهداء و767 جريحا من الفلسطينيين، برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وفي فلسطين عمت المظاهرات مدينة قلقيلية والخليل وطول كرم ورام الله وبيت لحم والقدس ومعظم الضفة الغربية، إضافة الى مظاهرات حصلت ضمن الخط الأخضر، حيث يوجد فلسطينيو 48 لكن الجيش الإسرائيلي نشر وحدات كبيرة في فلسطين 48 ومنع تحرك الفلسطينيين فيها.
اما في العالم كله، خاصة دول إسلامية، فقد انتشرت مظاهرات في الأردن ومصر والعراق واليمن وسوريا وتونس والمغرب والجزائر وموريتانيا ودول افريقية إسلامية عديدة، كذلك جرت مظاهرات في باكستان وماليزيا واندونيسيا وأفغانستان وبنغلادش، كما جرت مظاهرات في المانيا واسبانيا وإيطاليا ومدينة مارسيليا في فرنسا. كما جرت مظاهرات في الولايات المتحدة في مدن شيكاغو وديترويت وواشنطن، وذلك غضبا ضد قرار الرئيس الأميركي ترامب الذي قضى باعتبار مدينة القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل.
البيت الابيض رفض التعليق على المظاهرات وادانات دولية لقرار ترامب
لكن البيت الأبيض رفض التعليق على هذه المظاهرات، وعندما تم توجيه السؤال الى الناطق باسم البيت الأبيض عن المظاهرات التي تعم العالم رفض الناطق باسم البيت الأبيض الجواب وقال لا تعليق.
اما بريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وهي الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن إضافة الى كامل أعضاء مجلس الامن، فقد ادانوا بشدة قرار الرئيس الأميركي ترامب، معتبرين ان ذلك هو خروج عن الشرعية الدولية وتوجيه ضربة قوية الى شرعية مجلس الامن والى 12 قرارا صدرت في شأن القدس والضفة الغربية والاحتلال الإسرائيلي لهما، وان الولايات المتحدة اسقطت القرارات الدولية ولم يعد للشرعية الدولية قيمة في ظل عدم احترام الولايات المتحدة للقرارات الدولية، خاصة وان واشنطن صوّتت على القرارات وعددها 12 بالموافقة. ثم خرج الكونغرس الأميركي واقر قانونا سنة 1995 باعتبار مدينة القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، ولم ينفذ هذا القرار الرؤساء الاميركيون كلهم، منذ عام 1995 وحتى عام 2017، الى ان قام الرئيس الأميركي ترامب بتنفيذ هذا القرار رغم القرارات الدولية التي تمنع ذلك.
اتفاقية كامب ديفيد
إضافة الى قرارات مجلس الامن، فان الولايات المتحدة وقعت وثيقة معاهدة كامب ديفيد التي أشرفت عليها الولايات المتحدة بين مصر وإسرائيل وبموجبها حصلت اتفاقية سلام بين إسرائيل ومصر وجرى التطبيع الكامل بين مصر وإسرائيل وإقامة سفارة لكل من الدولتين في إسرائيل وفي مصر.
وفي معاهدة كامب ديفيد وضعت اميركا وإسرائيل بنداً، بأن القدس تبقى منقسمة الى القدس الغربية وهي تابعة لإسرائيل والقدس الشرقية وتبقى تابعة لدولة فلسطين، وعلى هذه الوثيقة وقعت الولايات المتحدة في ظل رئاسة الرئيس الأميركي كارتر للولايات المتحدة، ومع ذلك اسقط الرئيس ترامب توقيع الولايات المتحدة على تعهد في شأن مدينة القدس، إضافة الى اسقاط 12 قرار من مجلس الامن حول الدولة الفلسطينية وخاصة بالتحديد مدينة القدس المحتلة.
السعودية منعت التظاهر
الشعوب العربية والإسلامية والمسيحية التي انتفضت بقوة وخاصة الشعب الفلسطيني الأعزل من السلاح في وجه بنادق وقنابل الغاز والأسلحة النارية والرصاص المطاط، اظهر قوة في الغضب ضد قرار الرئيس الأميركي ترامب، لكن السعودية منعت التظاهر وقامت وسائل اعلامها بتسمية الشهداء الذين سقطوا في المظاهرات من القتلى، وظهر ذلك على شاشة التلفزيون السعودي الرسمي وعلى شاشة محطة الحدث التي يملكها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، كذلك محطة قناة العربية التي تملكها السعودية أيضا. وبدل وضع اسم الشهيد كان يجري تسمية القتيل من المتظاهرين الفلسطينيين.
الانظمة العربية لم تلب شعور شعوبها
لكن الأنظمة العربية لم تلبّ شعور شعوبها، واكتفت ببيان الاستنكار والاسف، فيما وقفت 27 دولة أوروبية بقوة ضد القرار الأميركي ووصفته بأنه قرار احادي ولا يحق للرئيس الأميركي ترامب اعلان القدس عاصمة لإسرائيل، وكانت الأنظمة الأوروبية اكثر وضوحا واستنكارا ورفضا للرئيس الأميركي من الأنظمة العربية. كما ان المظاهرات الكبرى حصلت في تونس في شكل لا سابق له، وعمّت المدن التونسية وقرر مجلس النواب التونسي الاجتماع وإلغاء أي علاقة مع الكيان الصهيوني، ويعني ذلك مع إسرائيل.
27 دولة أوروبية رفضت قرار ترامب
واذا كانت أوروبا مجتمعة عبر 27 دولة واستنكار وزير خارجية فرنسا والرئيس الفرنسي ماكرون ورئيسة وزراء بريطانيا مي، ومستشارة المانيا ميركل بقوة ضد قرار الرئيس الأميركي ترامب، إضافة الى استنكار الحكومة الإيطالية والاسبانية والبرتغال قرار الرئيس الأميركي، فان الأنظمة العربية بقيت دون المستوى في الوقوف ضد قرار الرئيس الأميركي، باستثناء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي رفض استقبال نائب الرئيس الأميركي بينس، وعدم استقباله في 19 كانون الأول. واعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ان الولايات المتحدة لم تعد وسيطا مقبولا في شأن السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وتنفيذ القرارات الدولية.
وفيما جرت مظاهرات ضخمة لأول مرة في مصر منذ الانقلاب الذي قام به الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فقد اعلن شيخ الازهر وهو اعلى سلطة إسلامية في مصر حيث عدد سكانها 100 مليون رفضه استقبال نائب الرئيس الاميركي والاجتماع به بعدما قدمت السفارة الأميركية في القاهرة طلبا لموعد الرئيس الأميركي ، وشرح قرار الرئيس الأميركي باعتبار القدس عاصمة إسرائيل.
اما في بيروت، وفي مدن لبنانية، فقد انتشرت مظاهرات رافضة لقرار الرئيس الأميركي ترامب، إضافة الى مظاهرات شاركت فيها جماهير فلسطينية من المخيمات حيث يقطن لبنان نصف مليون لاجئ فلسطيني منذ 70 سنة في مخيمات بائسة، وممنوع عليهم حق العودة الى وطنهم فلسطين، لا في فلسطين 48 ولا في الضفة الغربية ولا في غزة.
اجتماع بوتين ـ اردوغان
ويمكن اعتبار ردة الفعل الفلسطينية والعربية والإسلامية بأكبر مظاهرة وانتفاضة منذ الحريق الذي حصل في المسجد الأقصى، قبل 20 سنة، ومن المقرر ان يقوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالاجتماع الى الرئيس التركي اردوغان الذي دعا مجلس التعاون الاسلامي الى الاجتماع في إسطنبول وهو يضم 57 دولة إسلامية لاتخاذ موقف في شأن قرار الرئيس الأميركي ترامب بإعلان القدس عاصمة إسرائيل.
وستعلن روسيا وتركيا موقفا ضد قرار الرئيس الأميركي ترامب. لكن لم يُعرف سر زيارة الرئيس الروسي بوتين بهذه السرعة، في الوقت الذي دعت فيه تركيا الى اجتماع قمة لرؤساء 57 دولة إسلامية في العالم، وفي ذات الوقت اجتمع مجلس الامن الدولي واليوم يجتمع مجلس وزراء الخارجية العرب وقد استنكر امس مجلس الامن الدولي قرار الرئيس الأميركي ترامب، لكن خطاب مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الامن كان يشكل كبرياء وغطرسة وهاجمت الدول التي اعترضت على قرار الرئيس الأميركي ترامب، وقالت ان الإدارة أميركية حرة في قرارها، ولا يستطيع احد ان يملي قراره عليها ولا تمنياته ولا رغباته، فالولايات المتحدة، وهي اكبر دولة في العالم، وفق ما قالت المندوبة الاميركية تتخذ القرار الذي تريده، ولا تنظر الى من يعارضه. فيما قام مندوبو فرنسا وبريطانيا وروسيا والصين، وأعضاء مجلس الامن الـ 14 الباقون دون الولايات المتحدة باستنكار قرار الرئيس الأميركي ترامب.
3 شهداء و767 جريحاً
على صعيد فلسطين، سواء الخط الأخضر او الضفة الغربية وغزة، فان الانتفاضة قد تستمر واذا كان سقط 3 شهداء و767 جريحا في يوم الغضب امس الجمعة بعد صلاة الظهر، فان الانتفاضة ستستمر في الضفة الغربية لكن للأسف، الأنظمة العربية لم تقم بخطوة قطع علاقة مع إسرائيل ولم تقم بخطوة واحدة باستدعاء سفير دولة عربية من واشنطن، كما ان الدول العربية المعترفة بإسرائيل لم تسحب سفيرها من إسرائيل، او تجمّد اتفاقية السلام التي عقدتها تحت رعاية الولايات المتحدة وبقرار من مجلس الامن بين هذه الدول العربية وإسرائيل.
اجتماع لمنظمة التحرير
في هذا الوقت، دعا الرئيس محمود عباس الى اجتماع كل أعضاء ومجموعات منظمات التحرير الفلسطينية لاتخاذ قرار تاريخي بعد قرار الرئيس الأميركي ترامب، وستبحث منظمة التحرير باحتمال الغاء اتفاق أوسلو الذي كان حمله في يوم من الأيام الرئيس ياسر عرفات وزار دمشق واجتمع مع الرئيس حافظ الأسد، وبعد قراءة الرئيس الراحل حافظ الأسد لاتفاق أوسلو قال الى الرئيس ياسر عرفات ان هذا الاتفاق هو اكبر طعنة بحق الشعب الفلسطيني ولم تنفذه إسرائيل ولا الولايات المتحدة وان دمشق تعترض عليه لكن فترة الحرية لمنظمة التحرير وهي تعتبر ان القضية الفلسطينية سيتم تصفيتها من خلال اتفاق أوسلو الذي لم يتم تنفيذه، لان سوء النية لدى إسرائيل والولايات المتحدة سيكون السبب في ذلك
الجمهورية :
أرض فلسطين تتحرك غضباً من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الاميركية اليها، واحتدمت المواجهات بين الفلسطينيين والإسرائيليين على نحو يُنذر بتصاعدها أكثر في الآتي من الايام، والعالم كله ما زال تحت تأثير الصدمة التي خلّفها هذا القرار بالتزامن مع تصاعد الرفض العربي له واتّهام بعض الدول للإدارة الاميركية بتهديد عملية التسوية في الشرق الاوسط والانتقال من موقع الراعي لها الى موقع الناسِف لها، خصوصاً انّ وضع القدس يمثّل إحدى الركائز الأساسية في مباحثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
بالتوازي مع التحركات الرافضة لهذا القرار، والتي تتصاعد في الاراضي الفلسطينية المحتلة وتتسارَع في أكثر من دولة عربية وإقليمية، كان لبنان في قلب هذا الحدث، وقد وقف بكل مستوياته السياسية والرسمية ضد هذا القرار، وعبّر عن رفض متجدّد له من خلال جلسة استثنائية لمجلس النواب، أكّد فيها تضامنه مع الشعب الفلسطيني ودعم «حَقه في مقاومته ونضاله المشروع للتخلّص من الاحتلال الاسرائيلي».
خطر التوطين
ولعلّ التوصية التي أصدرها المجلس النيابي، وأودعها الحكومة لتعميمها على كل المحافل الدولية، تؤشّر الى الخطر الكامن في القرار الاميركي حول القدس، على المدينة المقدسة وهويتها العربية الاسلامية والمسيحية، وبأنه يقود الى الحروب ويهدّد السلام الاقليمي والدولي، فإنّ الخطر الاكبر الذي يقرأ في طَيّات هذا القرار، لا يتهدّد القدس فحسب، بل يتهدّد لبنان بدرجة أساسية، من ان يكون ساحة انعكاس لمفاعيله، والتي يتصدرها موضوع توطين اللاجئين الفلسطينيين فيه، بما يعني ذلك من مخاطر على هذا البلد وتكوينه ووحدته والصيغة التي يقوم عليها.
وهو أمر حذّرت منه كل مستويات الدولة، والتقَت على اعتباره خطراً مصيريّاً يُلقي على كل اللبنانيين مسؤولية مواجهته بالطريقة التي تنأى بلبنان عن اي محاولة لنَسفه بعبوة التوطين.
وإذ ذكّرت مصادر رئاسية، عبر «الجمهورية»، بموقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من توطين الفلسطينيين في لبنان، وتأكيده الدائم والحازم على إحباط اي محاولة لفَرضه على هذا البلد من اي جهة أتت، قالت مصادر رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ«الجمهورية»: «قرار ترامب حول القدس محاولة تمهيدية لتثبيت التوطين، وكما قاومنا الاحتلال الاسرائيلي، سنقاوم التوطين ونمنعه بكل ما أوتينا من قوة ووسائل».
قمة اسطنبول
الى ذلك، علمت «الجمهورية» من مصادر دبلوماسيّة أنّ «عون أبلغ الدوائر التركيّة قبوله المشاركة في القمّة الإسلاميّة التي دعا إليها الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان يوم الأربعاء المقبل في اسطنبول، وسيترأس الوفد وسيباشر إتصالاته في عطلة نهاية الأسبوع لتشكيل وفد لبنان الى القمّة».
مجموعة الدعم
ولبنان، الذي يحاول أن يُلملم نفسه ويرفع عن واقعه ثقل الازمات المتتالية والمعقّدة، وآخرها أزمة استقالة الرئيس سعد الحريري وما أحاط بها من التباسات وتوترات وما خَلّفته من ارتدادات وتداعيات في قلب المشهد الداخلي، تلقّى جرعة منشّطات من المشهد الباريسي الذي تجلّى بالأمس في اجتماع مجموعة الدعم الدولية الخاصة بلبنان، الّا انّ ذلك يبقى بلا أي معنى، اذا ما بقي البلد تحت رحمة أداء حكومي محكوم بالشوائب والثغرات، وبعقلية استئثارية لا تتوخّى سوى التسويات والمحاصصة والصفقات.
وقد جدّدت مجموعة الدعم الدولية للبنان، في بيان بعد اجتماعها في باريس برعاية الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وتمثّل فيها لبنان برئيس الحكومة، «التزامها باستقرار لبنان وأمنه وسيادته، ودعمها جهود السلطات اللبنانية لاستعادة الأداء الطبيعي للمؤسسات والتحضير لتنظيم الانتخابات في أيار 2018، تماشياً مع المعايير الدولية».
وذكّرت بضرورة حماية لبنان من الأزمات التي تزعزع استقرار الشرق الأوسط، ودعت جميع الدول والمنظمات الإقليمية إلى العمل من أجل حفظ الاستقرار والأمن السياسيين والاجتماعيين والاقتصاديين والماليين في لبنان، في ظلّ مراعاة سيادة لبنان وسلامة أراضيه على نحو تام.
وأبدَت ارتياحها لعودة الحريري إلى بيروت، «فهو يُمثّل شريكاً رئيساً لصَون وحدة لبنان واستقراره»، وأشادت بالقرار الذي اتخذه «بالاتفاق مع رئيس الجمهورية اللبنانية بشأن إتمام ولايته كرئيس للحكومة». وأعلنت انها ستولي اهتماماً خاصاً لتنفيذ جميع الأطراف اللبنانية قرار مجلس الوزراء النأي بالنفس «إنطلاقاً من روح التوافق والتسوية الوطنيين».
ودعَت جميع الأطراف اللبنانية «إلى تنفيذ سياسة النأي بالنفس عن الصراعات الخارجية وعدم التدخّل فيها». وشدّدت على ضرورة تطبيق القرارات الدولية، وخصوصاً القرار 1550 و1701، وذكّرت بأنّ الجيش اللبناني هو القوة المسلّحة الشرعية الوحيدة في لبنان، وفق ما كَرّسه الدستور اللبناني واتفاق الطائف. ودعت جميع الأطراف اللبنانية إلى استئناف المناقشات بشأن خطة الدفاع الوطنية.
مساعدات
في هذا السياق، قالت مصادر مواكبة لاجتماع مجموعة دعم لبنان لـ«الجمهورية»: إنّ المشكلة الاساسية التي قد تواجه لبنان وتحول دون حصوله على حصّة وازنة من المساعدات الاقتصادية، هي عدم تلبيته لالتزاماته السابقة التي قدّمها في مؤتمرات الدعم من باريس 1 الى باريس 3.
وكانت الدول المانحة ربطت بعض الهبات والقروض بالتزامات إصلاحية تَعهّدَ لبنان القيام بها، ليتبيّن اليوم أنه لم يَفِ بأيّ من هذه الالتزامات. وبالتالي، سيكون صعباً توقّع الحصول على مساعدات كافية في أي مؤتمر مُقبل للمانحين، على رغم توافر الرغبة في دعم لبنان من قبل أكثر من بلد صديق.
وأشارت المصادر الى انّ المؤتمر المخصّص لدعم لبنان في ملف النازحين، سيكون فرصة لكي يُعيد لبنان تقديم أوراقه لجهة المشاريع التي يحتاجها لتعويض الخسائر والاضرار التي لحقت به جرّاء وجود هذا العدد الهائل من النازحين. ومن المتوقع ان يكون الحصول على مساعدات في هذا الملف أسهل بالنظر الى حساسية الموضوع، وحماسة الدول لضمان عدم تسرّب النازحين الى أراضيها.
إلتباس
الجدير ذكره انّ التباساً أحاط الترجمة العربية لبيان مؤتمر باريس، حيث لوحظ انّ السفارة الفرنسية في لبنان تَولّت توزيع 3 نسخ للبيان الختامي لمجموعة الدعم، باللغات الفرنسية والانكليزية والعربية. ولفت في النسختين الفرنسية والانكليزية ورود القرار 1559 الى جانب القرار 1701، فيما خَلت النسخة العربية من أي ذكر له، مُكتفية بالنص على القرار 1701.
الّا انّ السفارة الفرنسية عادت بعد فترة وجيزة الى توزيع نسخة ثانية عن البيان باللغة العربية، معدّلة عن الاولى بحيث أضيف فيها القرار 1559 الى جانب القرار 1701.
وقد أحدثَ هذا الامر استغراباً لدى اوساط سياسية، وتساءلت حول سرّ حذف القرار 1559 من النسخة العربية الاولى، واتهمت السلطة اللبنانية ووزارة الخارجية بـ«تزوير» النسخة العربية عبر حذف القرار 1559 من متن البيان الختامي، الأمر الذي دفع السفارة الفرنسية الى توزيع السنخة الثانية.
الحريري ـ تيلرسون
وسجّل على هامش اجتماع مجموعة الدعم، لقاء بين الحريري ووزير الخارجية الاميركية ريكس تيلرسون، الذي أكّد «انّ الحريري قال إنه يريد مواصلة عمله كرئيس لحكومة لبنان، ويريد أن يتحقق مبدأ النأي بالنفس»، مشيراً إلى أنّ «القوات الأمنية الشرعية هي المسؤولة عن حماية لبنان، ويجب تعزيز هذه القوات».
وفي موقف لافت للانتباه أدلى به بعد محادثاته مع نظيره الفرنسي جان-ايف لودريان في باريس، دعا وزير الخارجية الاميركية، السعودية «لأن تكون أكثر تَروّياً وتَدبّراً في ما يتعلق بالسياسة في اليمن وقطر ولبنان، وأن تفكر في عواقب أفعالها». وقال إنّ بلاده تشجّع السعودية على «اعتماد التأني في تصرفاتها»، ودعا إلى «إنهاء الحصار على اليمن بشكل تام».
وعلمت «الجمهورية» انّ الحريري أجرى اتصالاً مطوّلاً برئيس الجمهورية بعد ظهر أمس، أطلعه فيه على نتائج مؤتمر باريس واللقاءات التي عقدها على هامشه، ولا سيما اللقاء مع وزير الخارجية الاميركية، حيث عَبّر فيه عن ارتياحه البالغ للأجواء التي سادَتها والنتائج التي خرجت فيها مجموعة الدعم.
مجلس وزراء الخميس
على صعيد سياسي آخر، تستعدّ الحكومة الى الانعقاد الاسبوع المقبل، وفق ما أكد لـ«الجمهورية» أكثر من وزير، حيث رَجّح بعضهم انعقاد مجلس الوزراء الخميس المقبل، على أن يدعو الى الجلسة رئيس الحكومة مطلع الاسبوع المقبل. وتوقّع هؤلاء ان يكون ملف النفط احد أبرز بنود جدول الاعمال، الذي قد يكون فضفاضاً يزيد على 100 بند، خصوصا ًبعد تراكم العديد من الملفات والبنود خلال الشهر الفائت بفِعل أزمة الاستقالة.
السجال... تابع
من جهة ثانية، وفي وقت تستمر الازمة صامتة بين تيار «المستقبل» و«القوات اللبنانية»، مع التزام الطرفين وقف إطلاق النار السياسي بينهما بعد فترة من الاحتدام والاتهامات المتبادلة على خلفيّة موقف «القوات» من استقالة الحريري، تبدو العلاقة بين «القوات» و«التيار الوطني الحر» في حلبة اشتباك سياسي مفتوح.
وأبدَت مصادر «القوات» موافقتها على قول «التيار الوطني الحر» بـ«انّ التفاهم مع «القوات» كان على أساس أن تكون شريكة وداعمة للعهد طوالَ مدّته»، وقالت المصادر لـ«الجمهورية»: «بالفعل لم يتحقق أي شيء من ذلك، لأنّ «القوات» لم تكن شريكة للعهد منذ انطلاقته وحتى اللحظة، فيما أقصى تمنياتها ان تكون شريكة وداعمة للعهد طوال مدّته».
وأضافت المصادر: «أمّا في ما يتعلق بالانقلاب على الحكومة ورئيسها، فهذه القراءة هي قراءة «التيار الوطني الحر» وليست الحقيقة. فالحقيقة انّ «القوات» كانت تريد العودة إلى جوهر التسوية الحكومية والالتزام الفعلي بها، خلافاً لبعض الأطراف داخل الحكومة التي ضَربت عرض الحائط بالتسوية في أكثر من محطة ومناسبة، وما حصل في نهاية المطاف أثبَتَ صحة ما ذهبت إليه «القوات» منذ اللحظة الأولى، حيث أكدت الحكومة في اجتماعها في 12 الجاري التزامها وجميع مكوناتها بكل مضامين البيان الوزاري وخصوصاً في ما يتعلق بالنأي بالنفس الفعلي لا الشكلي، كما انّ الرئيس الحريري عاد وأكّد في أكثر من مناسبة أنه عاد عن استقالته انطلاقاً من تعهّد كل الأطراف بالالتزام الفعلي بسياسة النأي بالنفس، ورَدّه على نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، وتأكيده انه سيسهر شخصياً على تطبيق سياسة النأي بالنفس، يقدّم أكبر دليل على ذلك. فأين هي محاولة الانقلاب؟
ولفتت المصادر الانتباه الى انّ «القوات»، وخلال كل مرحلة الأزمة لم تدع يوماً الرئيس عون الى قبول استقالة الرئيس الحريري، بل على العكس تماماً حيث أنّ رئيس حزب «القوات» سمير جعجع أكد في أكثر من موقف من دار الافتاء والقصر الجمهوري، على أثر اللقاءات التشاورية التي أجراها الرئيس وفي مقابلاته الصحافية والاعلامية، انّ القرار الذي اتخذه عون بعدم قبول الاستقالة والتريّث هو قرار حكيم، وإذا أردتم ان يعود عن استقالته فليُصدر «حزب الله» بياناً يؤكد فيه التزامه بسياسة النأي بالنفس، فيعود في غضون ساعات.
وبالتالي، نعتبر انّ كل ما يقوله «التيار» عن انقلاب «القوات» على العهد والحكومة هو من باب التجنّي والافتراء ليس إلّا، إذ انّ كل مواقف «القوات» تذهب عكس ذلك تماماً. يبقى ان الأمور تُعرف بخواتيمها، إذ ما إن طرحت التسوية الجديدة حتى تلقّفتها «القوات» والتزمت بها إلى أبعد حد، لأنّ هذا ما كانت تريده أصلاً.
اللواء :
النقطة الأهم في ما آلت إليه مناقشات الاجتماع الوزاري لمجموعة الدعم الدولية للبنان، الذي انعقد أمس في مبنى الخارجية الفرنسية في «الكودي سيه» هو ان عودة الرئيس سعد الحريري إلى ممارسة مهامه في رئاسة الحكومة في بيروت تمثل خطوة باتجاه تكريس شراكته كرئيس لصون وحدة لبنان واستقراره.
ولم تخفِ المجموعة ارتياحها استئناف انعقاد مجلس الوزراء في 5 ك1 الجاري، بعد التأكيد على قرارات «النأي بالنفس عن الصراعات والحروب الإقليمية وعن التدخل بشؤون البلدان العربية».
وفي الشق المتعلق بالقرارات الصادرة عن مجلس الأمن، حثت المجموعة الدولية على ضرورة التقيّد بها بما في ذلك القرارين 1559 (2004) و1701 (2008).
وأثنت المجموعة على دور قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان في حفظ الهدوء على طول الخط الأزرق وتعاونها مع الجيش اللبناني بهدف توسيع نطاق سلطة الدولة اللبنانية وترسيخها على كامل الأراضي اللبنانية. وتعرب عن قلقها العارم إزاء جميع انتهاكات القرار 1701 (2006)، ولا سيما الأحداث التي ذكرت بالتفصيل في تقارير الأمين العام لمجلس الأمن بشأن تطبيق القرار 1701. وتدعو المجموعة الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان إلى تعزيز تعاونهما في سبيل الإسراع في نشر الجيش اللبناني في جنوب لبنان والمياه الإقليمية اللبنانية على نحو فاعل ومستدام، وفقا للقرار 2373 (2017)، وتحث الجيش اللبناني على مواصلة الخطوات الأولية التي قام بها في هذا الصدد.
وأكدت المجموعة انها ستولي اهتماماً خاصاً لتنفيذ جميع الأطراف قرار مجلس الوزراء، وتدعو بصورة خاصة جميع الأطراف اللبنانية إلى تنفيذ سياسة النأي بالنفس عن الصراعات الخارجية وعدم التدخل فيها، ونولي أهمية كبيرة لهذا الأمر، وفقاً لما ورد في الإعلانات السابقة وتحديداً في إعلان بعبدا العام 2012.
وأكد الرئيس الحريري ان سياسة النأي بالنفس التي تبنتها الحكومة ستسمح بالحفاظ على الوحدة الوطنية.
وبالموازاة قال الرئيس الفرنسي ماكرون في اجتماع المجموعة الدولية «هناك تهديدات كبيرة لا تزال تخيم على استقرار لبنان وتحتم على الأسرة الدولية تقديم دعم قوي وحازم».
اضاف: من أجل حماية لبنان لا بدّ ان ان يحترم كل الأطراف اللبنانيون، وكل الجهات الفاعلة في المنطقة مبدأ عدم التدخل الأساسي. وان «عدم التدخل في نزاعات المنطقة وسيادة لبنان مبدآن لا يمكن المساس بهما».
وقالت مساعد الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمّد «مع عودة سعد الحريري إلى لبنان يبدأ العمل».
وحث وزير الخارجية تيلرسون الأطراف الإقليمية على درس خطواتها بصورة أكبر.
اجتماع الحريري - تيلرسون
ومن أبرز اللقاءات التي عقدت على هامش المؤتمر، الاجتماع بين الرئيس الحريري والوزير الأميركي ريكس تيلرسون والذي استمر لمدة نصف ساعة، وأجرى مراجعة للعلاقات اللبنانية - الأميركية من الجوانب كافة لا سيما الالتزام بتقديم ما يلزم من مساعدات عسكرية للجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى.
وشدّد تيلرسون على التزام بلاده باستقرار لبنان ودعم اقتصاده.
في إطار متصل، علمت «اللواء» من مصادر دبلوماسية غربية ان نائب الرئيس الأميركي مايك بنس يدرس زيارة لبنان في إطار جولة يقوم بها في المنطقة، ومن ضمنها إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث رفضت السلطة الفلسطينية استقباله، قبل ان تتراجع إدارة ترامب عن القرار بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل.
وأوضحت المصادر رداً على سؤال ان قرار الزيارة كان متخذاً، لكن تعديلاً ما طرأ، وقضى بتأجيل الزيارة، في ضوء تصاعد حملات الغضب ضد الإدارة الأميركية، بعد قرار ترامب.
مؤتمر باريس
وفي تقدير مصادر سياسية متابعة، ان مؤتمر باريس لمجموعة الدعم الدولية للبنان، شكل جرعة دعم سياسية جديدة للبنان، الخارج لتوه من أزمة سياسية بقي يترنح على حبالها شهراً، إلى جانب كونه مظلة دولية لحمايته من أزمات المنطقة وصراعاتها والحروب المستقرة فيها.
لكن هذا الدعم لم يكن فقط سياسياً، من خلال تأكيد التزامه وتأييده لسياسة النأي بالنفس التي أقرّتها الحكومة اللبنانية، قبل يومين، ودعوته لإعادة تنظيم المؤسسات الشرعية، من خلال دعم تنظيم الانتخابات النيابية في أيّار من العام المقبل، بل وسعى هذا الدعم إلى تنظيم ثلاثة مؤتمرات دولية، تقرر ان تبدأ مطلع العام الجديد، وهي مؤتمر روما - 2 بمبادرة من إيطاليا وبدعم من الأمم المتحدة يخصص لتعزيز قدرات الجيش اللبناني، الذي وصفه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، بأنه «مفتاح السلام والأمن في لبنان والمنطقة»، والثاني مؤتمر باريس - 4 الذي سيعقد في شهر آذار المقبل لدعم الاستثمار، ومؤتمر بروكسل- 2 بدعم من الاتحاد الأوروبي لمساعدة لبنان على تحمل عبء والنزوح السوري.
وشارك في اجتماع المجموعة إلى جانب الرئيسين ماكرون والحريري، كل من وزراء خارجية الولايات المتحدة الاميركية ريكس تيلرسون وفرنسا جان-ايف لودريان وممثلين عن وزراء خارجية الصين وروسيا والمانيا وبريطانيا وايطاليا والاتحاد الاوروبي وعن جامعة الدول العربية ومفوضية الامم المتحدة لشوون اللاجئين وبرنامج الامم المتحدة الانمائي والبنك الدولي ومكتب منسق الامم المتحدة الخاص لشؤون لبنان.
وتولى رئاسة المؤتمر المشتركة كل من لودريان ونائب الامين العام للامم المتحدة أمينة محمد.
وشدّد المشاركون في المؤتمر، في ختام أعمالهم على التزامهم مجددا باستقرار لبنان وامنه وسيادته ودعمهم الجهود التي تبذلها السلطات اللبنانية من أجل استعادة الأداء الطبيعي للمؤسسات والتحضير لتنظيم الانتخابات التشريعية في أيّار 2018، وأعربت المجموعة عن ارتياحها لعودة الرئيس الحريري إلى بيروت ووصفته بأنه يمثل شريكا رئيساً لصون وحدة لبنان واستقراره واشادت بقرار الحكومة اللبنانية بالنأي بالنفس عن الصراعات والحروب الإقليمية وعن التدخل بشؤون البلدان العربية.
وفيما لوحظ ان البيان الختامي للمجموعة الدولية أعاد احياء «اعلان بعبدا» لعام 2012، وضرورة تطبيق القرارات الصادرة عن مجلس الأمن والتقيد بها بما فيها القرارين 1559 و1701 واثنى على دور قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان في حفظ الهدوء على طول الخط الأزرق وتعاونها مع الجيش اللبناني بهدف توسيع نطاق سلطة الدولة اللبنانية وترسيخها على كامل الأراضي اللبنانية، ذكرت معلومات عممتها محطة O.T.V، ان خلافات حول صياغة البيان الختامي أخرت صدوره، منها ما يتعلق بفارق الترجمة بين العربية والانكليزية للفقرة المتعلقة بتطبيق القرار 1701، ومنها ما يتعلق بعودة النازحين السوريين «الطوعية؛ وهو ما رفضه وزير الخارجية جبران باسيل، واصر على شطب عبارة «الطوعية» وعودتهم قبل الاتفاق على الحل السياسي للازمة السورية. وبالفعل تمّ تعديل الفقرة إلى عبارة «عودة آمنة وكريمة وغير قسرية متى تتوفر الظروف المناسبة على ان تيسر الأمم المتحدة هذه العودة».
ولفتت الانتباه ايضا تشديد بيان المجموعة، إلى ضرورة عدم حيازة أي أسلحة غير اسلحة الدولة اللبنانية، ودعت في هذا السياق جميع الأطراف اللبنانية إلى استئناف المناقشات من أجل التوافق على خطة الدفاع الوطنية (الاستراتيجية الدفاعية) واثنت على الدور الذي يقوم به الجيش اللبناني وجميع المؤسسات الأمنية في حماية البلاد وحدودها وشعبها، مذكرة بأن الجيش اللبناني هو القوة المسلحة الشرعية الوحيدة، وفق ما كرسه الدستور اللبناني واتفاق الطائف.
عون في قمّة اسطنبول
الى ذلك، أوضحت مصادر وزارية لـ «اللواء» ان الرئيس ميشال عون سيحضر قمّة اسطنبول الأربعاء المقبل، تلبية لدعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للبحث في الموقف الواجب اتخاذه من قبل الدول الاسلامية تجاه قرار الرئيس الأميركي في شأن القدس.
وأشارت المصادر، إلى ان الرئيس عون يرغب في ان يتشاور مع الرئيس الحريري، في ما يتصل بالقمة الإسلامية، ونتائج مؤتمر باريس لمجموعة الدعم الدولية، واللقاءات التي عقدها على هامش المؤتمر مع المشاركين في المجموعة، ولا سيما اللقاء الذي جمعه مع وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون والذي اتسم «بالايجابية» بحسب مصادرالوفد اللبناني، إلى جانب التحضيرات الجارية لعقد جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل، والاتفاق على جدول أعمالها وما إذا كانت ستعقد في قصر بعبدا أو السراي الحكومي، علما ان هذا الموضوع يعودالى ما إذا كان الرئيس الحريري يرغب في ان يُشارك في قمّة اسطنبول، وفي هذه الحالة، يمكن ان يتم «تبكير» موعد الجلسة الى الثلاثاء أو تأخيرها الى ما بعد الخميس المقبل.
وفيما يتوجه وزير الخارجية جبران باسيل إلى القاهرة اليوم للمشـاركة في الإجتماع غير العادي للمجلس الوزاري العربي لجامعة الدول العربية للبحث في القرار الأميركي حول القدس، كان المجلس النيابي اللبناني، اول مجلس تشريعي عربي يُبادر إلى عقد جلسة طارئة خصصت لموضوع القدس، وحيث اجمع النواب بمختلف تلاوينهم السياسية والطائفية على إدانة القرار، ووصفه بأنه أخطر من وعد بلفور ثاني، كونه يُدخل المنطقة في توترات خطيرة.
وبعد ان تحدث في الجلسة 17 نائباً بمن فيهم الرئيس نبيه بري، أصدر المجلس توصية اعتبر فيها أن القرار الاميركي يقود الى الحروب ويهدد الامن والسلام الاقليمي والدولي، ويشكل غطاء للاحتلال الاسرائيلي وعدوانيته وعملياته الاستيطانية وكل تجاوزاته على القوانين الدولية والانسانية.
واكد المجلس في توصيته دعمه للمصالحة الوطنية الفلسطينية، وتوجيه كل الجهود العربية والاقليمية لوضع الامكانات كافة في سبيل إيصال الفلسطينيين لحقوقهم وتجنب كل الصراعات الاخرى.
وقرر المجلس إبلاغ هذه التوصية الى الحكومة، والى الادارة الاميركية، والى مجلس الامن الدولي واعضائه، والى الجمعية العامة للامم المتحدة، والى الامم المتحدة، واعتبارها وثيقة رسمية باسم الشعب اللبناني».
واشار الرئيس بري الى ان اجتماعا للبرلمان العربي سيعقد في المغرب يوم الأربعاء المقبل للبحث في قضية القدس.
الاخبار :
ما من أحد واهم بأن القرار الأميركي الأخير جاء منعزلاً عمّا سبقه وسيلحقه. الولايات المتحدة ليست في حاجة إلى خطوة يتيمة من هذا النوع. ومن اتخذ القرار يعرف أنه تمهيد لما هو أكبر، وأكثر خطورة. ولا حاجة، هنا، لانتظار ما يخبرنا به العدو عن تنسيق وتفاهم مسبق مع دول عربية أهمها السعودية والإمارات ومصر والأردن.
وما بات معروفاً يؤكد أن واشنطن وتل أبيب قطعتا أشواطاً في المحادثات مع دول عربية تتقدمها السعودية، للانتقال نحو فصل جديد من محاولة تصفية القضية الفلسطينية.
الأعداء يقومون بما يجب عليهم لتحقيق مصالحهم. ولهم ما عندهم من تقدير للواقع العربي ولردود الفعل على ما ينوون القيام به. وهم، بالتأكيد، يتوقعون احتجاجاً ينتهي ببعض التظاهرات والصراخ ليس أكثر. وهم لن يترددوا في المساعدة، إن تطلب الأمر، لترك الغاضبين ينفّسون غضبهم ببعض تظاهرات وبيانات إدانة. لكنهم يظهرون استعداداً لمواجهة ما هو أكبر، في ما لو تدحرجت ردود الفعل نحو مواجهات أوسع. ووسيلتهم الوحيدة في المواجهة هي القمع والقتل وتفعيل الفتنة.
لذلك يقع التحدي، كما في كل مرة، على عاتق من ينادي بالصمود والمقاومة لمنع الأعداء من تحقيق أهدافهم. وهو التحدي الذي لم يعد ممكناً تركه على عاتق الشعب الفلسطيني وحده. وسيكون خطأ كبيراً الركون إلى نظرية أنه لا يجب أن نكون ملكيين أكثر من أصحاب الأرض. فوجود إسرائيل واستمرار توسعها، وتضخم الهيمنة الأميركية في بلادنا، ليست أموراً تعني الفلسطينيين وحدهم. وهي لم تكن كذلك من الأصل. بل إن الخطر اليوم بات يتربّص ليس بمن يعيشون في فلسطين وحولها فحسب، بل بكل الذين ينطقون بلغة فلسطين.
هذا يعني، ببساطة، أنه آن الأوان لتغيير جذري في قواعد اللعبة، وهو أمر يفترض:
أولاً، التخلص، لمرة أخيرة ونهائية، من مقولة القرار الفلسطيني المستقل. وعدم القبول، تحت أي ظرف، بأن مستقبل فلسطين يقرره شعبها الفلسطيني. وإذا كان البعض سينظر إلى هذا العنوان على أنه اعتداء على سيادته، فليبلّط البحر ليل نهار.
ثانياً، أن التدخل المطلوب، في صياغة الموقف والخطوات الواجب اتباعها لمواجهة المستجد، يعني ببساطة المشاركة في التقييم والتقدير، وبالتالي مناقشة الفلسطينيين في الأولويات المنطقية، والمتصلة ليس فقط بقدراتهم، بل بما يمكن المحيط أن يقدمه لهم اليوم، أو في فترة لاحقة.
ثالثاً، إن الانتصارات النوعية التي حققها محور المقاومة في لبنان وسوريا والعراق تفرض على القائمين على هذا المحور المبادرة، سريعاً، بإعادة الاعتبار إلى عنوان فلسطين، كأساس لأي سياسات خارجية وتحالفات مع الإقليم والعالم. وهو استحقاق ماثل اليوم أمام المسؤولين العراقيين أولاً، وأمام فئات سورية ثانياً، وأمام انعزالية لبنانية لم تتعظ بعد من كل الدروس. وهو استحقاق يفيد بأن «بلدي أولاً» ليس سوى حيلة اخترعها من يريد الاستسلام لما قررته أميركا والغرب في بلادنا.
رابعاً، أن البحث في طريقة التصدي للاحتلال وللمستعمر الأميركي لم يعد يقتصر على مقارعة تقليدية مع هؤلاء. الأعداء اليوم في متناول اليد، من كيان وجيش الاحتلال، إلى قواعد جيوش أميركا وسفاراتها في منطقتنا. لكن الأمر يتعلق، هذه المرة، بخطوات عملية من العملاء المتواطئين مع الاحتلال وأميركا، من بقايا السلطة الفلسطينية التي لا نعرف متى تدرك أن مسيرتها لا تنتهي إلا بموت ذليل، مروراً بحكومات الأردن ومصر والسعودية والإمارات العربية والبحرين، إذ لم يعد يخجل هؤلاء من تماهيهم مع المشروع الأميركي ــــ الإسرائيلي.
خامساً، أن المواجهة الشاملة لا تعني المعركة الواحدة أو المتماثلة. لكنها تعني أنه لا يمكن التعامل مع حلقة دون بقية حلقات سلسلة الشر التي يحاولون خنقنا بها. وهي مواجهة تحتاج إلى عقل مبدع، وأعصاب باردة، وإلى قلب مشتعل بالحقد على القذارة المنتشرة من حولنا على هيئة بشر. وهذا يفرض عدم الدخول في مزيد من المناقشات التي تنتهي، فقط، إلى إعياء الناس ورفع نسبة الإحباط والتراجع عن الفعل المطلوب. أكثر من ذلك، ما يحصل لم يعد يوجب على قوى المقاومة الحقيقية الوقوف على خاطر هؤلاء، حكاماً كانوا أو نخباً أو حتى كتلاً شعبية، لأن ما يريدونه جرّبناه على مدى أكثر من سبعين عاماً، وليس لنتيجته سوى اسم واحد: الموت قهراً!
سادساً، قد يكون من حسنات القرار الأميركي فتح الأبواب التي أُوصدت بفعل تداعيات ما شهده العالم العربي خلال السنوات السبع الماضية، سواء لجهة دفع الذين ضُللوا إلى مراجعة تعيدهم إلى موقع المواجهة الأولى والوحيدة مع العدو، أو لجهة دفع القوى التي تضررت من ضلال هؤلاء إلى مراجعة ترتكز على أن مهمة الأخ الصالح مساعدة الأخ الضال على العودة إلى صوابه. وهذا يفرض على إيران أن تلعب دوراً كبيراً، خصوصاً في العراق، ومن ثم في سوريا. إذ لا يمكن أن يكون أمراً عادياً ألّا يخرج أبناء الشعبين السوري والعراقي في تظاهرات احتجاج كبرى على ما يجري اليوم، بحجة الانشغال بالأزمات الداخلية، أو بذريعة ترك من تركونا ليتدبّروا أمورهم. وبين أيدينا مثال ساطع، هو ما يحصل في اليمن، حيث الحرب الكونية القائمة، وحيث القصف والقتل والجوع والمرض، لم تمنع أبناء تيار المقاومة هناك من الخروج ورفع الصوت ضد قهر فلسطين.
في واقعنا، اليوم، من يراهن على تعب الفلسطينيين، وعلى عجزهم عن ابتداع وسائل مقاومة جديدة. وستظهر الأيام لمن هو واهم أن أبناء القدس والضفة وغزة وبقية فلسطين التاريخية، ليسوا في انتظار إلا من يؤمن بأن الحل يكون، فقط، بإزالة إسرائيل من الوجود!