لقد بدا واضحا من خلال المعلومات التي نشرتها وسائل الاعلام الأميركية وحتى الإسرائيلية وما قاله وزير خارجية اميركا تيلرسون الى وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف كذلك ما اذاعته وسائل اعلان إسرائيل ومصادر أوروبية عن ان خطاب الرئيس الأميركي ترامب ليس عفويا او صدفة بل هو بداية لتصفية القضية الفلسطينية.
وذكر التلفزيون الأميركي فوكس نيوز الاوسع انتشارا نقلا عن مصادر للمخابرات الأميركية، ان صفقة القرن ستجري سنة 2018 في شأن القضية الفلسطينية، وذكرت ان صفقة القرن تعتمد على النقاط التالية:
1 ـ اعتبار القدس عاصمة إسرائيل.
2 ـ الإبقاء على 50 الف فلسطيني من اصل 325 الف فلسطيني يقيمون في القدس، بعد اعتبارها عاصمة إسرائيل من قبل اميركا، وفي ذات الوقت، أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن إقامة 14 الف وحدة سكنية تتسع الى 400 الف إسرائيلي لتهويد القدس ديموغرافيا.
3 ـ إبقاء مدن المستوطنات الإسرائيلية داخل الضفة الغربية، حيث اصبح عدد سكانها 350 الف إسرائيلي.
4 ـ بما ان مساحة الضفة الغربية هي 5800 كلم، ومساحة سيناء هي 60 الف كلم ويقيم في سيناء فقط مليون و400 الف مواطن، فان صفقة القرن تقضي باعطاء 2000 كلم مربّع من اصل 60 الف كلم وهي مساحة سيناء، واضافة مساحة الـ 2000 كلم الى قطاع غزة، لنقل الفلسطينيين من الضفة الغربية الى غزة، والى منطقة رفح والعريش ومساحة 2000 كلم من سيناء.
5 ـ تقوم السعودية عبر وعد من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، كذلك إسرائيل، كذلك الولايات المتحدة، بوصل غزة بمساحة الـ 2000 كلم في سيناء، إضافة الى 3 في المئة من صحراء النقب لصالح توزيع غزة، مقابل بقاء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
6 ـ يتم اعلان قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها مدينة أبو ديس القريبة من القدس المحتلة، ويقيم 3 ملايين فلسطيني في مساحة الـ 2000 كلم من سيناء التي مساحتها 60 الف كلم والـ 2000 كلم يشكلون نصف مساحة الضفة الغربية، إضافة الى 3 في المئة من صحراء النقب، على ان تقدم السعودية 400 مليار دولار كي توافق السلطة الفلسطينية تحت الضغط من اميركا وإسرائيل والسعودية ودول الخليج على صفقة القرن التي تشمل النقاط التالية، وان بداية التنفيذ هو اعلان الرئيس الأميركي ترامب ان القدس عاصمة إسرائيل.
 

 نتنياهو يطلب تغيير أسماء الشوارع العربية


وبسرعة كبيرة واثر اعلان الرئيس الأميركي ترامب ان القدس هي عاصمة إسرائيل، اجتمعت الحكومة الإسرائيلية برئاسة نتنياهو، وطلبت من عمدة مدينة القدس البدء بخطة لتغيير أسماء الشوارع العربية في القدس، كما أعطت الامر الى وزارة الإسكان والدفاع والزراعة الإسرائيلية بإقامة 14 الف وحدة سكنية، كل وحدة مؤلفة من 6 طوابق وفي كل طابق 4 شقق، وفق ما ذكرته القناة العاشرة الإسرائيلية.
كما انه سيتم منع الفلسطينيين من خارج القدس بالصلاة في مسجد القدس، بل يقتصر الامر على إقامة الصلاة ظهرا في مسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة، اما بالنسبة الى جبل الزيتون وكنيسة القيامة فان الشرطة الإسرائيلية ستسمح فقط للفلسطينيين المسيحيين بزيارة كنيسة القيامة باذن خاصة من المخابرات الداخلية الإسرائيلية ووزارة الداخلية.
 

 الغضب الشعبي الفلسطيني والعربي والاسلامي والمسيحي في فلسطين


في هذا الوقت، عمّ الغضب الشعب الفلسطيني والعربي والإسلامي والمسيحي في فلسطين والعالم وسارت مظاهرات، دعت الى انتفاضة في فلسطين المحتلة وغزة، وادى ذلك الى سقوط 3 شهداء و767 جريحا من الفلسطينيين، برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي. 
وفي فلسطين عمت المظاهرات مدينة قلقيلية والخليل وطول كرم ورام الله وبيت لحم والقدس ومعظم الضفة الغربية، إضافة الى مظاهرات حصلت ضمن الخط الأخضر، حيث يوجد فلسطينيو 48 لكن الجيش الإسرائيلي نشر وحدات كبيرة في فلسطين 48 ومنع تحرك الفلسطينيين فيها. 
اما في العالم كله، خاصة دول إسلامية، فقد انتشرت مظاهرات في الأردن ومصر والعراق واليمن وسوريا وتونس والمغرب والجزائر وموريتانيا ودول افريقية إسلامية عديدة، كذلك جرت مظاهرات في باكستان وماليزيا واندونيسيا وأفغانستان وبنغلادش، كما جرت مظاهرات في المانيا واسبانيا وإيطاليا ومدينة مارسيليا في فرنسا. كما جرت مظاهرات في الولايات المتحدة في مدن شيكاغو وديترويت وواشنطن، وذلك غضبا ضد قرار الرئيس الأميركي ترامب الذي قضى باعتبار مدينة القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل.
 

 البيت الابيض رفض التعليق على المظاهرات وادانات دولية لقرار ترامب


لكن البيت الأبيض رفض التعليق على هذه المظاهرات، وعندما تم توجيه السؤال الى الناطق باسم البيت الأبيض عن المظاهرات التي تعم العالم رفض الناطق باسم البيت الأبيض الجواب وقال لا تعليق.
اما بريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وهي الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن إضافة الى كامل أعضاء مجلس الامن، فقد ادانوا بشدة قرار الرئيس الأميركي ترامب، معتبرين ان ذلك هو خروج عن الشرعية الدولية وتوجيه ضربة قوية الى شرعية مجلس الامن والى 12 قرارا صدرت في شأن القدس والضفة الغربية والاحتلال الإسرائيلي لهما، وان الولايات المتحدة اسقطت القرارات الدولية ولم يعد للشرعية الدولية قيمة في ظل عدم احترام الولايات المتحدة للقرارات الدولية، خاصة وان واشنطن صوّتت على القرارات وعددها 12 بالموافقة. ثم خرج الكونغرس الأميركي واقر قانونا سنة 1995 باعتبار مدينة القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، ولم ينفذ هذا القرار الرؤساء الاميركيون كلهم، منذ عام 1995 وحتى عام 2017، الى ان قام الرئيس الأميركي ترامب بتنفيذ هذا القرار رغم القرارات الدولية التي تمنع ذلك.
 

 اتفاقية كامب ديفيد


إضافة الى قرارات مجلس الامن، فان الولايات المتحدة وقعت وثيقة معاهدة كامب ديفيد التي أشرفت عليها الولايات المتحدة بين مصر وإسرائيل وبموجبها حصلت اتفاقية سلام بين إسرائيل ومصر وجرى التطبيع الكامل بين مصر وإسرائيل وإقامة سفارة لكل من الدولتين في إسرائيل وفي مصر.
وفي معاهدة كامب ديفيد وضعت اميركا وإسرائيل بنداً، بأن القدس تبقى منقسمة الى القدس الغربية وهي تابعة لإسرائيل والقدس الشرقية وتبقى تابعة لدولة فلسطين، وعلى هذه الوثيقة وقعت الولايات المتحدة في ظل رئاسة الرئيس الأميركي كارتر للولايات المتحدة، ومع ذلك اسقط الرئيس ترامب توقيع الولايات المتحدة على تعهد في شأن مدينة القدس، إضافة الى اسقاط 12 قرار من مجلس الامن حول الدولة الفلسطينية وخاصة بالتحديد مدينة القدس المحتلة.
 

 السعودية منعت التظاهر


الشعوب العربية والإسلامية والمسيحية التي انتفضت بقوة وخاصة الشعب الفلسطيني الأعزل من السلاح في وجه بنادق وقنابل الغاز والأسلحة النارية والرصاص المطاط، اظهر قوة في الغضب ضد قرار الرئيس الأميركي ترامب، لكن السعودية منعت التظاهر وقامت وسائل اعلامها بتسمية الشهداء الذين سقطوا في المظاهرات من القتلى، وظهر ذلك على شاشة التلفزيون السعودي الرسمي وعلى شاشة محطة الحدث التي يملكها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، كذلك محطة قناة العربية التي تملكها السعودية أيضا. وبدل وضع اسم الشهيد كان يجري تسمية القتيل من المتظاهرين الفلسطينيين.
 

 الانظمة العربية لم تلب شعور شعوبها


لكن الأنظمة العربية لم تلبّ شعور شعوبها، واكتفت ببيان الاستنكار والاسف، فيما وقفت 27 دولة أوروبية بقوة ضد القرار الأميركي ووصفته بأنه قرار احادي ولا يحق للرئيس الأميركي ترامب اعلان القدس عاصمة لإسرائيل، وكانت الأنظمة الأوروبية اكثر وضوحا واستنكارا ورفضا للرئيس الأميركي من الأنظمة العربية. كما ان المظاهرات الكبرى حصلت في تونس في شكل لا سابق له، وعمّت المدن التونسية وقرر مجلس النواب التونسي الاجتماع وإلغاء أي علاقة مع الكيان الصهيوني، ويعني ذلك مع إسرائيل.
 

 27 دولة أوروبية رفضت قرار ترامب


واذا كانت أوروبا مجتمعة عبر 27 دولة واستنكار وزير خارجية فرنسا والرئيس الفرنسي ماكرون ورئيسة وزراء بريطانيا مي، ومستشارة المانيا ميركل بقوة ضد قرار الرئيس الأميركي ترامب، إضافة الى استنكار الحكومة الإيطالية والاسبانية والبرتغال قرار الرئيس الأميركي، فان الأنظمة العربية بقيت دون المستوى في الوقوف ضد قرار الرئيس الأميركي، باستثناء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي رفض استقبال نائب الرئيس الأميركي بينس، وعدم استقباله في 19 كانون الأول. واعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ان الولايات المتحدة لم تعد وسيطا مقبولا في شأن السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وتنفيذ القرارات الدولية.
وفيما جرت مظاهرات ضخمة لأول مرة في مصر منذ الانقلاب الذي قام به الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فقد اعلن شيخ الازهر وهو اعلى سلطة إسلامية في مصر حيث عدد سكانها 100 مليون رفضه استقبال نائب الرئيس الاميركي والاجتماع به بعدما قدمت السفارة الأميركية في القاهرة طلبا لموعد الرئيس الأميركي ، وشرح قرار الرئيس الأميركي باعتبار القدس عاصمة إسرائيل.
اما في بيروت، وفي مدن لبنانية، فقد انتشرت مظاهرات رافضة لقرار الرئيس الأميركي ترامب، إضافة الى مظاهرات شاركت فيها جماهير فلسطينية من المخيمات حيث يقطن لبنان نصف مليون لاجئ فلسطيني منذ 70 سنة في مخيمات بائسة، وممنوع عليهم حق العودة الى وطنهم فلسطين، لا في فلسطين 48 ولا في الضفة الغربية ولا في غزة.
 

 اجتماع بوتين ـ اردوغان


ويمكن اعتبار ردة الفعل الفلسطينية والعربية والإسلامية بأكبر مظاهرة وانتفاضة منذ الحريق الذي حصل في المسجد الأقصى، قبل 20 سنة، ومن المقرر ان يقوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالاجتماع الى الرئيس التركي اردوغان الذي دعا مجلس التعاون الاسلامي الى الاجتماع في إسطنبول وهو يضم 57 دولة إسلامية لاتخاذ موقف في شأن قرار الرئيس الأميركي ترامب بإعلان القدس عاصمة إسرائيل.
وستعلن روسيا وتركيا موقفا ضد قرار الرئيس الأميركي ترامب. لكن لم يُعرف سر زيارة الرئيس الروسي بوتين بهذه السرعة، في الوقت الذي دعت فيه تركيا الى اجتماع قمة لرؤساء 57 دولة إسلامية في العالم، وفي ذات الوقت اجتمع مجلس الامن الدولي واليوم يجتمع مجلس وزراء الخارجية العرب وقد استنكر امس مجلس الامن الدولي قرار الرئيس الأميركي ترامب، لكن خطاب مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الامن كان يشكل كبرياء وغطرسة وهاجمت الدول التي اعترضت على قرار الرئيس الأميركي ترامب، وقالت ان الإدارة أميركية حرة في قرارها، ولا يستطيع احد ان يملي قراره عليها ولا تمنياته ولا رغباته، فالولايات المتحدة، وهي اكبر دولة في العالم، وفق ما قالت المندوبة الاميركية تتخذ القرار الذي تريده، ولا تنظر الى من يعارضه. فيما قام مندوبو فرنسا وبريطانيا وروسيا والصين، وأعضاء مجلس الامن الـ 14 الباقون دون الولايات المتحدة باستنكار قرار الرئيس الأميركي ترامب.
 

 3 شهداء و767 جريحاً


على صعيد فلسطين، سواء الخط الأخضر او الضفة الغربية وغزة، فان الانتفاضة قد تستمر واذا كان سقط 3 شهداء و767 جريحا في يوم الغضب امس الجمعة بعد صلاة الظهر، فان الانتفاضة ستستمر في الضفة الغربية لكن للأسف، الأنظمة العربية لم تقم بخطوة قطع علاقة مع إسرائيل ولم تقم بخطوة واحدة باستدعاء سفير دولة عربية من واشنطن، كما ان الدول العربية المعترفة بإسرائيل لم تسحب سفيرها من إسرائيل، او تجمّد اتفاقية السلام التي عقدتها تحت رعاية الولايات المتحدة وبقرار من مجلس الامن بين هذه الدول العربية وإسرائيل.
 

 اجتماع لمنظمة التحرير


في هذا الوقت، دعا الرئيس محمود عباس الى اجتماع كل أعضاء ومجموعات منظمات التحرير الفلسطينية لاتخاذ قرار تاريخي بعد قرار الرئيس الأميركي ترامب، وستبحث منظمة التحرير باحتمال الغاء اتفاق أوسلو الذي كان حمله في يوم من الأيام الرئيس ياسر عرفات وزار دمشق واجتمع مع الرئيس حافظ الأسد، وبعد قراءة الرئيس الراحل حافظ الأسد لاتفاق أوسلو قال الى الرئيس ياسر عرفات ان هذا الاتفاق هو اكبر طعنة بحق الشعب الفلسطيني ولم تنفذه إسرائيل ولا الولايات المتحدة وان دمشق تعترض عليه لكن فترة الحرية لمنظمة التحرير وهي تعتبر ان القضية الفلسطينية سيتم تصفيتها من خلال اتفاق أوسلو الذي لم يتم تنفيذه، لان سوء النية لدى إسرائيل والولايات المتحدة سيكون السبب في ذلك