سطع نجم ملف "اختلاسات الضمان الاجتماعي" من جديد يوم الثلاثاء بعدما حضر رئيس اللجنة الفنية في الضمان الاجتماعي سمير عون جلسة الاستجواب التمهيدية وتم استجوابه وتبلغيه بموعد جلسة المحاكمة في 27 كانون الاول وتُرك دون توقيف، وبقي السؤال "لماذا لم يتم تنفيذ مذكرة القاء القبض على سمير عون حتى الساعة رغم حصول الاستجواب التمهيدي أمام محكمة الجنايات في بيروت؟"، وخصوصاً في ظل وجود مذكرة القاء قبض بحقه، وفي وقت تم توقيف من وجه إليهم الاتهام في قضايا أقل من المرتكبة من قبل عون، ولماذا رفضت المحكمة طلب الانضمام الذي تقدم به تحالف "متحدون" (حراك مجتمع مدني يضم في هيئته الادارية مجموعة محامين يعملون تحت راية مكافحة الفساد)؟

تعود أحداث "اختلاسات الضمان" إلى 2016، حين أوقف جورج بعينو صاحب شركة "المضمون" بتهمة اختلاس حوالي 10 مليارات ليرة، وحينها أقرّ بالتهم الموجهة إليه ولكنه اعترف على "شركائه" في الجرم وبدأت التحقيقات التي شملت 8 مستخدمين في الصندوق، من ضمنهم رئيس اللجنة الفنية سمير عون.

الوقائع والأدلة

في الاعترافات وشهادة الشهود التي استندت عليها الهيئة الاتهامية من مطالعة النيابة المالية والقرار الظني من قاضي التحقيق الأول في بيروت غسان عويدات، أقرّ بعينو صراحة أنه تعرف على سكرتيرة سمير عون وديعة توما (أخلي سبيلها لاحقاً) واتفقا في عيد الميلاد عام 2016 على العمل سوية وان تقوم بتخليص معاملاته في الضمان مقابل أجر 5 آلاف دولار شهرياً نقداً، مؤكداً أنها "كانت تقبض الاموال شهرياً بعلم سمير عون".

في المقابل، أنكر مستخدمو الضمان الموقوفون أي علاقة مع جورج بعينو باستثناء وديعة توما التي قالت إن سبب الاتصالات معه متصل بسيارة الرانج روفر التي باعها لسمير عون، فيما كان بعينو أشار في التحقيق إلى أن توما قالت له: "سمير عون يحميك ويغطّيك ويكبّرك لقاء هدية الرانج روفر، حيث دفع من أصل ثمنها 9 آلاف دولار، أي 13 مليونا و500 ألف استلمتها من منزل وديعة، ومن ثم قسّطت باقي ثمن السيارة على ثلاث دفعات، بمجموع 48 ألف دولار".

وبعدما أجرت الهيئة الاتهامية تحقيقاتها، وجّهت في قرارها الاتهامي إلى المدعى عليه سمير عون اتهاماً وفق جنايات المواد 351/352 و457/219 و457/454/219 و360/359/219 من قانون العقوبات، وقرّرت إصدار مذكّرة إلقاء قبض بحقّه، وهنا بيت القصيد، لماذا لم يتم توقيف عون حتى الساعة؟

رداً على هذا السؤال تقول مصادر تحالف "متحدون"، والذي يتابع ملف الضمان منذ بدء كشف خيوطه إن "هناك بعض الإجراءات غير المفهومة من قبل القضاء في هذا الاطار، وتحديداً في خطوة عدم توقيف سمير عون، وتخفيض الكفالة مقابل إخلاء سبيل وديعة توما إلى 25 مليون ليرة في مقابل 500 مليون ليرة لإخلاء سبيل متهمين آخرين في نفس القضية".

ورأت المصادر أن "عدم توقيف عون يعود إلى "طبخة" تنهي هذا الملف وفق تسوية معينة تتبلور مع مرور الوقت، وهناك نيّة واضحة للفلفة هذا الموضوع على أكثر من صعيد، وخصوصاً لجهة تورط إداريين آخرين في الضمان بارتكابات الاختلاس والفساد"، محذرة من "أي تحوير في مجريات سير العدالة".

وعن رفض محكمة الجنايات في بيروت طلب الانضمام الذي تقدم به التحالف، رأت المصادر أن "السبب الذي تحججت به المحكمة غير منطقي لأن أي مواطن لبناني يستطيع تقديم طلب انضمام لأن المال الذي تم اختلاسه هو مال عام لجميع اللبنانيين".

بيان التحالف

وكان تحالف متحدون أصدر بياناً توضيحياً بعض رفض طلب الانضمام جاء فيه: "في سياق متابعتنا لملف الفساد والاختلاس في الضمان الاجتماعي، والذي ثبت بالدليل القاطع تورط عدد من الرؤوس الكبيرة ضمن دائرة الاداريين في هذه القضية، وبعدما لمسنا محاولات عديدة للفلفة هذا الملف برغم ما يحتويه من هدر في مؤسسة ينتسب إليها أكثر من مليون لبنان، ها هو اليوم القضاء عبر محكمة الجنايات يؤكد المؤكد ويرفض طلب الانضمام الى القضية الذي تقدم به التحالف بحجة ان "الجهة المستدعية لم تبين ماهية الضرر الذي لحق بها، واكتفت بسرد وقائع تتعلق بجرائم متلازمة مع الجرائم المدعى بها في الملف".

ويذكّر التحالف ان المادة 7 من أصول المحاكمات المدنية تنص على "حق المتضرر من الجريمة الانضمام الى الدعوى العامة أمام الجنايات"، وهذا الحق يمكن أن يطالب به أي مواطن لبناني منتسب الى الضمان الاجتماعي كونه من المتضررين، لأن الهدر والفساد في الملف الذي تنظر فيه المحكمة وصل الى 10 مليارات ليرة، بحسب التحقيقات، وهذه الأموال سحبت من جيب المواطن اللبناني المتضرر الاكبر في هذا الملف.

إن تحالف "متحدون" الذي يتابع هذه القضية منذ كشف خيوطها يستغرب بشدة ردّ طلب الانضمام ويضعه في إطار ابعاده عن هذا الملف لأسباب أصبحت واضحة أمام الرأي العام.

ويعلن التحالف في هذا السياق، عزمه التصعيد حتى النهاية في هذا الملف لمواجهة أي شريك او متواطئ أو متورط مباشرة في هذه القضية أو بشكل غير مباشر بالتستر على المتهمين وإخراج كبارهم كـ"الشعره من العجين".

إن موعد المحاكمة المقبلة في هذا الملف ستكون في 27 من الشهر الجاري، وعليه يبقي التحالف اجتماعاته مفتوحة، وسيقف بالمرصاد، في الشارع وفي قاعات المحاكمة، وسيواجه كل من تسوّل عليه نفسه إغلاق هذا الملف دون محاسبة وعلى أساس التسوية.