فجأة، ومن دون سابق إنذار، يحلّ سفير الإمارات حمد الشامسي ضيفاً على وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، في حضور مستشار رئيس الجمهورية لشؤون العلاقات الدولية الوزير السابق الياس بوصعب. والأخير، علاقته بالمسؤولين الإماراتيين متينة. لم يُنشر الخبر الذي يعود إلى يوم الاثنين السابق، قبل أن ينشر الشامسي صورة للقاء أمس، على الحساب الرسمي للسفارة على موقع «تويتر».
قبل اللقاء بيومين، كانت البعثات الدبلوماسية الإماراتية حول العالم تحتفل بالعيد الوطني لبلادها. وصدف أن عدداً منها تجاهل سفراء وقناصل ورؤساء بعثات لبنانيين، في أكثر من دولة. و«صدف» أيضاً أن عدداً من سفراء الإمارات قاطع احتفالات السفارات اللبنانية بعيد الاستقلال في الثاني والعشرين من تشرين الثاني. التعامل الإماراتي مع لبنان لا يشذّ عن قاعدة التصعيد التي رسمتها السعودية، لا بل يتجاوزها في بعض الأمور. فعلى سبيل المثال، لم يقاطع أي دبلوماسي سعودي عيد الاستقلال اللبناني. الفارق الوحيد أن أبو ظبي قبلت تعيين سفير لبناني جديد لديها، فيما الرياض لم تقبل (حتى يوم أمس) اعتماد السفير اللبناني فواز كبارة، الذي عينه مجلس الوزراء، وبعثت وزارة الخارجية برسالة اعتماده إلى الرياض قبل نحو 4 أشهر، علماً بأن المهلة المتعارف عليها بين دول العالم هي 3 أشهر.
وبعد انقضاء هذه المهلة، تعتبر الدولة المرسِلة أن الرد سلبي، وأن الدولة المرسَل إليها لم توافق على اعتماد السفير. حتى اليوم، السعودية ترفض اعتماد كبارة، المحسوب على تيار المستقبل. ولهذا السبب، ربما، لم تعيّن وزارة الخارجية اللبنانية موعداً لتسلّم أوراق اعتماد السفير السعودي الجديد في بيروت وليد اليعقوب، الذي لا يزال، قانوناً، مواطناً سعودياً لا سفيراً، وحركته السياسية تكاد تقتصر على استقبال النائب خالد ضاهر!
استقبال باسيل للشامسي لم يكن لقاءً بروتوكولياً. ثمة مسعى يقوم به السفير الإماراتي، وأبو صعب بتكليف من باسيل، لمحاولة إيجاد سبيل ما لتحسين العلاقات اللبنانية ــ الخليجية (السعودية والإماراتية تحديداً). هذا المسعى الذي يعوّل عليه البعض، يتابعه عن كثب رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي شدّد طوال الأسبوعين الماضيين على ضرورة إيجاد مخرج للأزمة بين لبنان والسعودية، بعد تجاوز محنة احتجاز رئيس الحكومة سعد الحريري في الرياض. وبحسب مقربين من بري، وسياسيين من تيار المستقبل، فإن ما أنجز لبنانياً وعربياً ودولياً بعد «محنة الحريري»، والذي تُوِّج بعودة الحريري عن فكرة استقالته من رئاسة الحكومة، وجّه صفعة إلى السياسة السعودية في لبنان والمنطقة. وبالتالي، لا بد من وسيط يعيد تركيب ما انكسر بين بيروت والرياض.
لا يعلّق سياسيون من مختلف الانتماءات السياسية كثيراً من الآمال على المسار الإماراتي لحل الازمة. فهم يرون أن أقصى ما يمكن تحقيقه حالياً هو الحفاظ على الهدنة القائمة، بضمانات دولية.
على صعيد آخر، يستمر التأزم في العلاقة بين كل من تيار المستقبل والتيار الوطني الحر من جهة، والقوات اللبنانية من جهة، على خلفية الاتهامات التي يوجهها التياران إلى القوات بالمشاركة في محاولة الانقلاب السعودية على الرئيس سعد الحريري. ورغم نفي معراب دوماً لأي خلاف بينها وبين التيار الوطني الحر، أكّد باسيل أمس ما كان يُنشر ويُقال في هذا المجال، إذ قال في مقابلة مع قناة «أم تي في» إن «القوات انقلبوا على التفاهم وهم مدعوون للمراجعة». ونفى باسيل إمكان عقد لقاء قريب بينه وبين رئيس حزب القوات سمير جعجع، مكرراً موقفه الرافض لاعتبار حزب الله منظمة إرهابية.
وفي سياق آخر، ينعقد مجلس الوزراء الأسبوع المقبل، بعد عودة رئيس الحكومة من مؤتمر «مجموعة دعم لبنان» في باريس الذي يُعقد غداً. وجرى التداول في اليومين الماضيين بمعلومات تشير إلى إمكان تقريب موعد الانتخابات النيابية إلى آذار المقبل. إلا أن مصادر في وزارة الداخلية لفتت إلى أن تقريب موعد الانتخابات من يوم 6 أيار 2018 إلى آذار، يُحتم دعوة الهيئات الناخبة في شهر كانون الأول الجاري، وتعديل قانون الانتخاب، وتحديداً المادة 35 منه المتعلقة بإقفال لوائح الشطب يوم 30 آذار. أما إجراء الانتخابات في نيسان، فلا يحتاج إلى تعديل القانون، لكنه متعذّر قبل 15 نيسان، بسبب تزامن أول يومَي أحد مع عيد الفصح لدى الطوائف التي تتبع التقويم الغربي في 1 نيسان، ولدى الطوائف التي تتبع التقويم الشرقي في 8 نيسان. وتقديم موعد الانتخابات لثلاثة أسابيع يُصبح بلا أي جدوى. وتجزم مصادر معنية بالاستحقاق النيابي بأن الانتخابات ستُجرى في موعدها، بلا أي تعديل.