أوفى الرئيس الأميركي دونالد ترامب بما وعد به قيادة العدو وارتكب الجريمة الكبرى لا بحق فلسطين والفلسطينيين بل بحق العرب والمسلمين وما تبقى من دول ملتزمة بقضايا الشعوب وفي طليعتها القضية الفلسطينية وبحق قوى الإعتدال ممن تنازلوا عن فلسطين الكاملة لصالح جزء من فلسطين طالما أن موازين القوى لصالح الكيان الإسرائيلي وما أوفى به ترامب هو دعم للتطرف ولقوى الصراع المفتوح مع العدو و إن من مدن وشوارع عربية كما حصل سابقاً عندما مرّت المقاومة الفلسطينية من شوارع الأردن ومن مدينة وضواحي بيروت ومن حرب الكويت وكما يحصل اليوم من خلال الصراع الفلسطيني على سلطة غير مملوكة ومن خلال إنخراط الجميع في حروب بعيدة كل البعد عن فلسطين ولكنها قريبة من مصالح الأعداء .
إقرأ أيضا : القدس عاصمة فلسطين الأبدية
لقد فعلها ترامب ولم يفعلها أحد من رؤساء أميركا وهذا إن دلّ على شيء فهو يدل على المستوى الذي وصل إليه العالم برمته إذ أصبح بلا مسؤولية ومجرد تابع لسياسات أميركا وما عاد هذا العالم ذا قيمة أو وزن تحسب له الولايات المتحدة أي حساب وهنا لن أتحدث بطريقة كلاسيكية عن العرب وعن المسلمين أنظمة وشعوباً باعتبار أن فاقد الشيء لا يعطيه ولكن أتحدث عن أوروبا وعن دورها وعن مسؤوليتها تجاه شعب وتجاه دول تربطها بها مصالح وتجاه مواقفها التاريخية من القضية الفلسطينية وسعيها الدائم لإعطاء الفرص لعملية السلام وتعزيز حلّ الدولتين كونه الخيار الأمثل لإنهاء صراع بات عبئًا على العالم لا على أطرافه وكذلك أتحدث عن روسيا هذه الدولة التي يتشدق الكثيرون بذكرها كذكر حكيم باعتبارها رأس حربة في مشروع الممانعة والمقاومة مالنا لا نسمع صوتاً روسياً كما يرعد صوتها في سورية رغم أن فلسطين أحوج من سورية لكل هذه الترسانة الروسية ولم يحتط ترامب في موقفه ويراعي الموقف الروسي ويزنه في ميزان القوّة وقد تعامل مع الروس كما تعامل مع الآخرين بدون مبالاة فالعالم بالنسبة له مجرد فراغ ولا أحد يملأ حيزاً فيه ومهما كان ضيقاً أو محدوداً فالكل في نظر الولايات المتحدة مجرد أصفار لا أرقام لذا لم يأخذ ترامب بعين الإعتبار كل المواقف الذي دعته إلى التراجع ولم يبال بها ولم يهتم ولم يسأل عنها و كأن أصحابها مجرد عبيد لا أحرار ولا تأثير لهم في السياسات الدولية ولا محل لهم من الإعراب في اللغة الأمريكية .
إقرأ أيضا : ترامب يهدي القدس إلى... إيران
قال ترامب كلمته ومشى والعالم يتقوّل دون فعل يُذكر والكل صرّح ولم يتوفر إجماع بين المختلفين على كثير من القضايا كما توفر لردع ترامب عن إرتكاب الجريمة الكبرى وثنيه عن إعتراف أميركا بالقدس كعاصمة لدولة الإحتلال ولكن ما الجدوى ؟ لا شيء على مستوى ردود الفعل العالمي وبات الإنتظار لما سيفعل الفلسطينيون ومن معهم من قوى مؤمنة بمنطق القوّة وهذا الإنتظار سيكون في ساحات متعددة باعتبار أن التوظيف دائماً ما يتم في الساحات البعيدة عن الساحة المعنية باستثناء بعض الرسائل التي يتم توصيلها لتلبية بعض الشروط الخجولة .
لو اجتمع المنددون بقرار الرئيس الأميركي في جبهة واحدة لما فكّر ترامب في ما ذهب اليه ولفكّرت قوى الرأي في الولايات المتحدة في دفع عملية السلام إلى الأمام بدلاً من دفعها إلى الخلف ولفرضت واشنطن شروط الحلّ العادل والذي يستند إلى قرارات مجلس الأمن ولكن هشاشة هذه الدول المعترضة بالأقوال على ترامب دفعت ترامب إلى فعل ما لم تفعله كل الإدارات الأمريكية السابقة .
لا شك بأن أوضاع المنطقة جعلت قرار ترامب الإسرائيلي سهلاً وغير صعب وبدون أي حسابات تُذكر إنها الفرصة الذهبية المناسبة والسانحة والتي وفرها المتقاتلون في حروب لا رابح فيه وبات التنافس على أنقاض بعد أن هُدّمت صوامع وبيع وأمسى الخراب وأصبح الدمار وحده الحقيقة القائمة من ليبيا إلى سورية فاليمن والعراق وكل من يدّعي غير ذلك مجرد منتصر واهم بعد أن وقعت الخسارات الكبرى وسقطت بٌنى الدولة وتصدّعت البنية الإجتماعية وتمزقت الوحدة الوطنية إلى مزق وبات كل مُمزق مجرد ميت لا إمكانية لإعادة إحيائه من جديد .
أميركا سيدة العالم والعالم مجرد عبد في خدمة أميركا .