ورد في مجلة "سيدتي" أنه في هذا الموسم، أدركت منتجة برنامج "نقشت" رولا سعد الذي تعرضه محطتا LBCI وLDC أنّ المشاهد امتصّ الصدمة الأولى، فتيات جريئات يشاركن في البرنامج بهدف المواعدة، يخترن شاباً أمام الكاميرات التي تطاردهنّ في موعدهنّ الغرامي الأوّل، صيغة بدت هجينة حتى على المجتمع اللبناني المتحرّر نسبياً، وأثارت امتعاض النقّاد والمشاهدين، ووصلت حدّ المطالبة بإيقافه، قبل أن تتحوّل الحملة إلى حملة مضادّة تدعو إلى صون الحريات، ولو على حساب ما يعرض على الشاشة من تشويه لسمعة المجتمع اللبناني.
القرار جاء حاسماً، لم تعد المراهنة على صيغة البرنامج فحسب لشدّ اهتمام المشاهدين، في ظلّ المنافسة الحامية التي فرضها برنامج "ديو المشاهير" الذي يعرض في نفس التوقيت عبر شاشة MTV، فكان الحل إدخال تعديلاتٍ جديدة لضمان نسبة مشاهدة مرتفعة لجمهور لم يعد يصعقه مشهد غزل يتخطّى كل المعايير الأخلاقية، ولا مشهد مواعدة أمام الكاميرا ولا حتى مشهد فتيات تخطّين حدود التلميح إلى التصريح، فكان الحل الاستعانة بنماذج صادمة، أم وابنتها تتنافسان على مواعدة الشبان في البرنامج، وفتاة محجّبة اختيرت ربّما لتلميع صورة البرنامج، أو لإثارة صدمة المشاهدين، مع الإبقاء على دعد، السيّدة الطاعنة في السن، التي تقوم بتوبيخ الفتيات كلما قصرت التنورة، في توزيع للأدوار، بأن تقول دعد ما يقوله المشاهد في بيته ليقول البرنامج بدوره "عدانا العيب".
في الحلقة التي عرضت مساء الأحد الماضي تخطّى البرنامج كل الخطوط الحمراء، خرجت الفتاة المحجّبة التي اختارت شاباً لمواعدته في موعدٍ غرامي أمام الكاميرا، واختار لها البرنامج موقعاً مهجوراً في محطة قطار قديمة، أمسكت بيد صديقها الجديد وسارا في الأزقة الضيّقة، ربما رغبةً من البرنامج في القول إنّ مشتركاته ينتمين إلى كل شرائح المتجمع المتحرر منها والمحافظ، وربما رغبة منه في إحداث صدمة بأنّ الفتاة المحجّبة أيضاً تخرج في مواعيد غرامية من اللقاء الأول، وأنّ الأمر لا يستحق كل هذه الدهشة.
في تقريرٍ آخر، عرض البرنامج مواعدة أخرى، لم تخلُ من القبل أمام الكاميرا على شاطئ البحر. قبلة أمام الكاميرا من اللقاء الأوّل بدت وطأتها أخف من الأحاديث الجانبيّة التي دارت في الحلقة، والتي تخطّت معايير الأخلاق والآداب العامة.
فقد أعربت "إيفونا" المشتركة الأكثر جرأة في البرنامج عن إعجابها بشاب لفتتها تضاريس جسده، ذهبت إيفونا إلى حدود سمّت الأمور بمسمياتها من دون خجل، قبل أن يطلب مقدّم البرنامج من الشاب الاستدارة لاستعراض مفاتنه، استعراض أثار مشتركة أخرى، فوقفت تستعرض تضاريسها هي الأخرى، في مشهد تعمّدت فيه المحطة استخدام "صفارة الرقيب"، إلا أنّ الصفارة كشفت أكثر ما سترت في مشهد لم تشهد مثله الشاشة اللبنانية من قبل.
ولم تتوقّف الأمور عند هذا الحد، إذ وصل الأمر بالمشتركات إلى الاعتراض لأنّ الشاب الوسيم أعلن أنّ ما يهمه في الفتاة سمعتها، الأمر الذي اعتبرنه إهانة يستحق أن يعاقب عليها بإطفاء الضوء الذي يسمح له باختيار واحدة من بينهن، وكانت "إيفونا" أوّل من أطفأ الضوء مبرّرة الأمر "سمعتي سيئة"، وأغرقت في الضحك مؤكّدة أن الأمر ليس مجرّد مزحة، قبل أن ينهي الشاب وصلته بخلع ملابسه والرقص بالشورت أمام المشتركات.
على "تويتر" دشّن ناشطون لبنانيون هاشتاغ يدعو إلى إيقاف البرنامج، كان له مفعولُ عكسيٌ حمّس من لم يشاهد البرنامج لمشاهدته بداعي الفضول. فأحاديث قد تقال بخفر في المجالس الخاصّة تقال علناً على التلفزيون أمرٌ مثيرٌ للفضول، واللافت أنّ الأرقام الواردة من شركات الإحصاءات، تبثت أنّ "نقشت" يحقّق أعلى نسبة مشاهدة في لبنان من بين البرامج التي تعرض مساء كل أحد، إذ أنّه حقّق في حلقته الأولى نسبة 10.8 يومها لم يعرض برنامج "ديو المشاهير"، ليعود ويحقق في حلقته الثانية 11.5 مقابل 8.5 لـ"ديو المشاهير"، وحقّق في حلقته الثالثة 11.5 مقابل 8.3 للبرنامج المنافس.
وعليه تبقى كل الحملات المطالبة بإيقاف البرنامج مجرّد حملات لا قيمة لها على مواقع التواصل الاجتماعي، ما لم تتحرك وزارة الإعلام اللبنانية ضد برنامج أساء إلى صورة المجتمع اللبناني، وهو أمرُ يبدو مستبعداً مع إعلان وزير الإعلام ملحم رياشي خلال الحملة التي انطلقت لإيقاف البرنامج في موسمه الأوّل أنّ "رئيس مجلس ادارة المؤسسة اللبنانية للإرسال بيار الضاهر سيشرف شخصياً على مونتاج برنامج "نقشت" منعاً لبث أي عبارات نابية"، وهو ما لم تلتزم به المحطّة، أو ربما التزمت معتبرة أنّ ما مرّ على الشاشة من كلمات نابية يكفي إخفاؤه بصفارة الرقيب، التي تكشف أكثر مما تستر.