"إنّ حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جليًا أنّه لن يؤتى بعمل من شأنّه أنّ ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى".
هذا هو نص "وعد بلفور" المشؤوم الذي نجحت بريطانيا بتطبيقه وتنفيذه في تشرين الثاني عام 1917، وزرعت بالقوة دولة الإحتلال في قلب الوطن العربي، تسببت بمعاناة متواصلة لأكثر من 12 مليون فلسطيني، عبر مجازر نجم عنها طرد وتهجير قرابة سبعة ملايين فلسطيني في منافي الأرض دون أن يرف لبريطانيا جفن.
و بعد 100 عام على دعم الولايات المتحدة الأميركية اللامشروط واللامحدود لتوطين السرطان الإسرائيلي وجعله جزءًا أصيلًا من العالم العربي والإسلامي، قال مسؤولون أميركيون إن دونالد ترامب سيعترف اليوم الأربعاء بالقدس عاصمةً لإسرائيل ويطلق عملية نقل السفارة الأميركية إلى المدينة التاريخية في قرار يُهدد بإثارة اضطرابات جديدة بالشرق الأوسط.
ويبدو ترامب عازمًا على تحقيق وعده، خصوصًا أنه وعد خلال حملته الإنتخابية الرئاسية العام الماضي بنقل السفارة إلى القدس.
إقرأ أيضًا: اللبناني فؤاد مقصود أفضل مخترع في العالم العربي
ومن هنا تكمن خطورة الخطوة الأميركية في نقل السفارة لمدينة القدس، ويعد اعترافًا نهائيًا بدولة إسرائيل، وبالتالي أصبحت القدس عاصمة لها ولا داعي لوضعها على طاولة المفاوضات، وفقًا للمنظور الأميركي، وسيتم التعامل مع هذا الملف عالميًا وليس فقط أميركيًا.
أما المستفيد الأكبر من تلك الخطوة فهو إسرائيل، ولعل اللافت ما صدر أمس الثلاثاء من تعليمات من قبل السلطات الإسرائيلية بعدم التعليق على مسألة قرار ترامب وموضوع القدس.
وكان وزير المخابرات الإسرائيلي إسرائيل كاتس، الذي قابل مسؤولين أميركيين في واشنطن الأسبوع الماضي أشاد بإعلان ترامب الوشيك، بإعتباره اعترافًا "بالقدس العاصمة الأبدية للشعب اليهودي على مدار ثلاثة آلاف عام عاصمة لإسرائيل"، وعندما سُئل هل إسرائيل مستعدة لموجة عنف إذا اعترف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل قال "نحن مستعدون لكل خيار، أي شيء كهذا يمكن أن ينشب دومًا، إذا قاد أبو مازن عباس الأمور في هذا الإتجاه إذا فإنه سيقترف خطأ كبيرًا.
وبالرغم من مرور 37 عامًا على قرار الإحتلال الإسرائيلي ضم الجزء الشرقي من مدينة القدس إليها عام 1980، والذي احتلته بعد حرب حزيران 1967 وإعلان المدينة عاصمة لها، إلا أن المجتمع الدولي لا يعترف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، ويعتبر القدس الشرقية جزءًا من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
بإختصار يا أيها العرب الطريق إلى القدس ليست بالبعيدة ولا بالقريبة، إنها بمسافة الثورة!