نشر موقع جيوبوليتيكال فيوتشرز المتخصص في خدمات التنبؤ الجيوسياسي، مقالاً للمحلِّل الأميركي جورج فريدمان تطرّق فيه إلى الضربة الإسرائيلية الأخيرة في سوريا، وإلى التوسّع الإيراني في المنطقة الذي قد يجبر حتّى إسرائيل على مراجعة أفكارها واستراتيجيتها الحالية
 

وقال فريدمان إنّ إسرائيل أطلقت صواريخ على قاعدة بالقرب من دمشق في نهاية الأسبوع. وبعد الضربة حذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أنّ إسرائيل لن تتساهل مع القوات الإيرانية في سوريا، ولفت إلى أنّ تدخّل إسرائيل محدود في سوريا، ولكن على تل أبيب أن تغيّر سياستها في الشرق الأوسط الذي يتغيّر بسرعة.

قوة إيران

وشدّد فريدمان على أنّ قوّة إيران تتعاظم في المنطقة، والواقع أنّه منذ أفول "الدولة الإسلامية"، برزت إيران كقوة عظمى في المنطقة، مع قوة قد تمكّنها من أن تصبح المسيطرة. وأشار الى أنّ "إيران تمتلك تاريخيًا قوّة دفاعيّة، مطوّقة من روسيا، تركيا، بريطانيا والولايات المتحدة. وفي النتيجة انقسمت إيران ما بين روسيا من جهة وبريطانيا والولايات المتحدة من جهة أخرى خلال الحرب العالمية الثانية، كما واجهت حربًا مع العراق".

وأضاف: "من أجل تعزيز أمنها، احتاجت إيران للإندفاع من محيطها، وأن تصبح قوة مسيطرة من أجل تأمين حدودها الغربية وتفادي أي حرب جديدة مع العراق ولكي تسيطر على حقول الغاز". وتابع: "مع انهيار "داعش"، أصبح الهدف تحقيق أمر واقع بمواجهة القوى العظمى مثل الولايات المتحدة والقوى الإقليمية مثل تركيا وروسيا، إضافةً الى إسرائيل". وأوضح أنّ أحد أبرز الأهداف التي تركز عليها إيران بقوتها هو لبنان، حيث يوجد "حزب الله" الذي يعمل أيضًا في سوريا.

وقال إنّه فيما يضغط الروس من أجل تسوية للسلام في سوريا، إنطلاقًا من تأكيد أنّ الرئيس السوري بشار الأسد ربح الحرب بدعم روسي وإيراني. وأكّد أنّ الأسد يعارض الوجود الإيراني بشكل واسع بعد التسوية، ولكن إذا أرادت إيران إنشاء بنية تحتيّة لقاعدة دائمة لقواتها في سوريا، فالآن هو الوقت المناسب، فالقتال الكبير قد انتهى، ولكن السوريين لم يكونوا قادرين على فعل ذلك من دون الإيرانيين".

وأضاف الكاتب: "إذا تحقق هدف إيران بأن تصبح مسيطرة في الشرق الأوسط، فإنّها ستثبّت الأسد كحليف لها، وتكون بموقع المهيمنة على لبنان، وتحيط بالعراق، كذلك سيكون لها قوات بالقرب من الحدود التركية".

معضلة إسرائيل

من وجهة نظر إسرائيل، فإنّ الوجود الكبير والدائم للقوات الإيرانية في سوريا سيخلق مشكلة إستراتيجية لها، والقصف الإسرائيلي الأخير على سوريا كان رسالة لإيران بأنّ خططتها الطموحة جدًا ستُقابل بضربات إسرائيلية إستباقية.

وبحسب الكاتب، يريد الإسرائيليون استخدام الضربات الجوية والصواريخ لتدمير مصانع إيران قبل بروزها، لكنّ قوة سلاح الجو لن تكون كافية، فقد واجه الإسرائيليون هذا الأمر خلال حرب تموز 2006، مع "حزب الله" في لبنان. إذ شنّت إسرائيل أولاً حملة جويّة، وقد فشلت بتحييد أو إضعاف "حزب الله".

ولفت الكاتب إلى أنّ بعض المهام تحتاج لقوات كبيرة على الأرض. إذًا فالقصف الجوي لن يوقف قوة إيران والتدخل البري سيكلّف إسرائيل نتائج بشرية، وعلى إسرائيل أن تفكّر باستراتيجية جديدة للتعامل مع القوة الإيرانية في سوريا ولبنان وتفادي الحرب المكلفة.

وختم الكاتب قائلاً: "إذًا خرج الإيرانيون من الصندوق وعلى جميع اللاعبين في المنطقة الآن التفكير كيف سيؤثر هذا النفوذ على إستراتيجيتهم". لافتاً إلى أنّ الضربة الإسرائيلية في سوريا كانت بداية الرد الإسرائيلي وأنّ تل أبيب لم تطلق كلّ ما لديها بعد.

 

 

 

(جيوبوليتيكال فيوتشرز)