أعرب رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري عن ارتياحه لما تم التوصل إليه في مجلس الوزراء اليوم في موضوع النأي بالنفس، معتبرا أن ما صدر كان قرارا حكوميا، وليس مجرد بيان، بالتزام كل المكونات السياسية بالنأي بالنفس عن الصراعات والحروب والتدخلات الإقليمية"، مؤكدا أنه سيتابع شخصيا موضوع تنفيذ مسألة النأي بالنفس على الأرض.
كلام الرئيس الحريري جاء خلال استقباله مساء أمس في "بيت الوسط" حشدا من الهيئات والفعاليات الاقتصادية ورجال الأعمال في طرابلس والشمال.
وقال الحريري: "مما لا شك فيه أننا مررنا خلال العام المنصرم بمراحل صعبة، ولكن الهدف الأساسي كان تدوير الزوايا والتركيز على الاستقرار في البلد، لأنه بدون تحقيق الاستقرار وتوفير الأمن والأمان للمواطن، لا ازدهار ولا اقتصاد ولا أمن، لقد تريثت في موضوع استقالتي بناء على طلب رئيس الجمهورية، ولكن بعد أن تم الالتزام بتحقيق النأي بالنفس فعلا وليس قولا فقط، عدت عن هذه الاستقالة، وأنا شخصيا سأتابع موضوع تنفيذ النأي بالنفس على الأرض. وإن لم يحصل نأي فعلي بالنفس فإننا نضع لبنان في دائرة الخطر، وليس سعد الحريري. فهمي لبنان ومصلحة اللبنانيين، الذين مصلحتهم الأساسية هي مع دول الخليج والأشقاء العرب".
وأضاف: "الرئيس الشهيد كان يقول دائما "القلب على الشمال"، وقد يكون الشمال قد مر بمراحل من الإهمال، إلا أننا في هذه الحكومة عقدنا اجتماعات كثيرة لكل المحافظات وركزنا على محافظة الشمال بشكل خاص لكي نعقد جلسة لمجلس الوزراء في الشمال ونتخذ قرارات مهمة للغاية، لكن الأهم أننا في هذه الحكومة عملنا على مشروع أساسي للبلد وهو الاستثمار في كل البنى التحتية في لبنان ككل بكلفة 16 مليار دولار، وهذا المشروع يرتكز على توفير فرص العمل والكهرباء والمياه والطرقات والخدمات التي يحتاجها لبنان في كل مناطقه، وقد حاولنا أن نؤمن التمويل له من كافة الصناديق الدولية. والمشكلة الأساسية في كل المشاريع التي قُدمت في السابق كانت محاولات إرضاء هذه المنطقة أو تلك وهذه القوة السياسية أو تلك. أما في هذا المشروع فإن كل القوى السياسية يجب أن تكون حول طاولة واحدة في مجلس الوزراء لكي نحدد أولويات هذه المشروع حتى نستطيع توفير الكهرباء 24 على 24 ساعة، وكذلك المياه والطرقات وغيرها من المرافق، وصيانتها، وإيجاد فرص عمل لكل اللبنانيين ونرفع نسبة النمو في الاقتصاد من 2% إلى 7%. من هذا المنطلق اجتمعنا مع كل القوى السياسية لكي نعدل في تفاصيل هذا المشروع على أن نعرضه في النهاية على الحكومة ومن ثم مجلس النواب الذي سيعطي الصلاحية لمجلس الوزراء بالتعاطي مع كافة الصناديق الدولية ويكون له الحق بالتوقيع وإنهاء كل الإجراءات، بما يوفر الكثير من الروتين الإداري والبيروقراطية والوقت، ويفترض أن تنتهي كل التحضيرات لهذا المشروع في الحكومة قبل نهاية شهر كانون الثاني المقبل ونرفعه إلى مجلس النواب لإقراره قبل منتصف شهر شباط المقبل".
وتابع: "الكل يرى ما يحصل حولنا في المنطقة من حرائق وحروب، ولكن بالمقابل هناك من يريد منا أن نرفع الصوت ونطلق العنتريات التي تضر بالبلد، وقد جربنا هذا الأسلوب على مدى السنوات الماضية ولم يجدِ نفعا. موقفنا واضح، نحن وحزب الله على خلاف في عدة أمور لن نتوافق عليها، لا من قريب ولا من بعيد. فنحن لن نتوافق، لا في موضوع سوريا ولا في مسألة التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية، ولا هم سيوافقون على علاقاتنا مع السعودية والخليج والولايات المتحدة وأوروبا. هناك خلاف سياسي واضح، ومن هنا لدينا خياران: إما أن نصعّد خلافاتنا السياسية بمواقفنا، وإما أن نعترف أننا على خلاف مع الحزب وهو على خلاف معنا، ونبادر إلى الاهتمام بشؤون المواطن الاقتصادية ومسألة النازحين وتوفير الخدمات وغيرها من الأمور، وأن نعمل لإيجاد حلول لكل هذه الأمور. هذه هي الطريقة التي أعمل بها أنا، وهي الطريقة التي اعتمدها رفيق الحريري من قبلي لتحقيق إنجازات على مستوى الوطن. فهو أعاد إعمار بلد مدمر، ولكنه لكي يتمكن من ذلك قام بالتسويات. واليوم وبعد انتخاب الرئيس ميشال عون، ألفنا حكومة قامت بالعديد من الإنجازات. غيري يفضل أن يصعّد الخطاب السياسي، أما أنا فأعتقد أن الناس تحتاج إلى إنجازات في كل المجالات".
وختم الرئيس الحريري قائلا: "علاقتنا مع السعودية ودول الخليج جيدة جدا وسترونها في تحسن مستمر. هناك تحد في هذا الموضوع فيما يخص النأي بالنفس الذي سنحرص عليه لأن هذا هو المسار الوحيد الذي ينقذ البلد، فلم يعد بمقدورنا أن نبرر أن هناك فريقا سياسيا يقوم بما يقوم به في اليمن ودول عربية أخرى. هذا الأمر الكل يعرفه ونتفاوض على هذا الأساس ولكننا توصلنا إلى إنجاز بهذا الشأن، وأنا فخور جدا أننا وصلنا إلى النأي بالنفس واتخذنا قرارا حكوميا، وليس مجرد بيان، بالتزام كل المكونات السياسية بالنأي بالنفس عن الصراعات والحروب والتدخلات الإقليمية. كل هذه الأمور مدرجة في قرار مجلس الوزراء، لذلك أنا مرتاح لهذا الموضوع ومتأكد من أننا قادرين على أن نحرز تقدما في هذا الشأن".