سرَّعت الأحداث الدامية في المنطقة، بدءاً من اليمن، حيث لقي الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح مصرعه على ايدي الحوثيين، وصولاً إلى سوريا التي تشهد تبدلات في المواقف، وفي الميدان، في ظل تصاعد المخاوف من لعب إسرائيل بالنار، على خلفية الترتيبات الجارية، سرّعت من الاتصالات اللبنانية لإنهاء ذيول أزمة الاستقالة ببيان يصدر عن مجلس الوزراء يكرّس التسوية السياسية، ويطوّرها بإضافة عنوان جديد: «النأي بالنفس عن صراعات المنطقة»، وذلك بالتزامن مع الاستعدادات الجارية في العاصمة الفرنسية لعقد اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان التي تضم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وهي بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة.
ونسبت «رويترز» إلى دبلوماسي أوروبي في باريس قوله ان هدف الاجتماع سيكون «ممارسة الضغط على السعوديين والايرانيين»..
وأضاف المصدر ان الاجتماع سيكون فرصة للتأكيد ان على اللبنانيين الالتزام بسياسة الدولة في «النأي بنفسها» عن أية صراعات إقليمية.
وعلمت «اللواء» ان الورقة التي سيقرها مجلس الوزراء مكتوبة، وهي تتضمن 5 نقاط:
1- النأي بالنفس عن الصراعات العربية والإقليمية.
2- اتفاق الطائف.
3- العلاقات العربية - العربية.
4- علاقات لبنان العربية.
5- وقف الحملات الإعلامية.
وقالت مصادر المعلومات لـ«اللواء» ان هذه النقطة استجدت، وهي تقضي بعدم دخول لبنان طرفاً، لا سيما حزب الله في الحملات الاعلامية على الدول العربية.
الجلسة اليوم
ومع ان الجميع كان ينتظر دعوة الرئيس الحريري لعقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء، تكون عنواناً لطي صفحة الاستقالة والشروع في تسوية سياسية جديدة لانطلاق عمل الحكومة، تحت عنوان النأي بالنفس عن صراعات المنطقة، فإن المعلومات التي رجحت انعقادها اليوم صدقت، ووجه الرئيس الحريري الدعوة قرابة العاشرة والنصف من ليل أمس، محدداً موعد الجلسة عند الساعة الثانية عشرة ظهر اليوم الثلاثاء في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون.
وجاءت الدعوة، وان متأخرة بضع ساعات لتعطي إشارة إيجابية إلى «أن الأمور باتت ناضجة على مستوى البيان الوزاري الذي يفترض ان يصدر عن الجلسة، ويؤكد على مبدأ النأي بالنفس عن الصراعات الإقليمية وعدم التدخل بالشؤون العربية والالتزام بكافة مندرجات اتفاق الطائف.
وعنت أيضاً ان الاتصالات واللقاءات والمشاورات والتي استمرت مفتوحة أمس وبشكل مُكثّف، اعطت ثمارها، بعدما وضعت مسودة البيان الوزاري المنتظر في عهدة مكونات الحكومة، ولا سيما الثنائي الشيعي، وكان البارز على هذا الصعيد الاجتماع الذي عقد في مكتب وزير المال علي حسن خليل، وضمه مع مدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري، وانضم إليه لاحقاً النائب وائل أبو فاعور، الذي كان التقى الرئيس الحريري في «بيت الوسط»، متوقعاً ان تطوى صفحة الاستقالة في الأيام القليلة المقبلة، وبعد ان تمّ توضيح الكثير من النقاط والتفاهمات السياسية التي سيعبر عنها بموقف جامع لمجلس الوزراء توقع انه لن يكون بعيداً.
وأوضح بأن هناك قضايا أساسية شدّد الرئيس الحريري على ضرورة حسم الرأي حولها، وهي: اتفاق الطائف والعلاقات العربية - العربية وعلاقات لبنان العربية والنأي بالنفس، إلى جانب الموضوع الإعلامي الذي هو ايضا جزء من هذا الأمر، مشيرا إلى ان النقاش يدور حول هذه المواضيع، وكيف يمكن تجنيب لبنان تداعيات ما يحصل في المنطقة، والتدخل في ما ليس له شأن فيه وليس له قدرة عليه».
ويفترض ان يكون الوزير خليل اطلع على مسودة البيان الوزاري بالنأي بالنفس تمهيدا لاطلاع الرئيس نبيه بري عليه، قبل التشاور بشأنه مع «حزب الله» الذي تقول المعلومات، انه لا يوفّر جهدا من أجل ان تكون الصيغة ترضي الرئيس الحريري، وإن كان يفضل ان تكون صيغة النأي بالنفس غير مجتزأة، بمعنى ان عدم تدخل لبنان بالشؤون العربية يجب ان يسري ايضا على العرب أنفسهم بعدم التدخل في الشؤون اللبنانية.
الا ان مصادر وزارية من فريق الرئيس الحريري أبلغت «اللواء» ان الوزراء لم يتسلموا أي صيغة تتصل بموضوع النأي بالنفس، وأوضحت ان المداولات تتم بين رؤساء الأحزاب المشاركة في الحكومة، وأن مجلس الوزراء يُشكّل الانعكاس الطبيعي للاتفاقات السياسية في البلد.
وقالت إن الصيغة لن تخرج عن سياق ما يعمل عليه الرئيس الحريري لجهة حماية البلد وعلاقات لبنان الجيدة مع المحيط العربي وعدم قيام عداوة مع أحد. ولم تتحدث المصادر عن شكل محدد للنأي بالنفس، لكنها قالت إن المبدأ متفق عليه. وقالت أن الحكومة ليست مضطرة إلى تحمل أي ضربات.
وقالت إن مسألة توجيه الدعوة لمجلس الوزراء تتعلق بالرئيس سعد الحريري الذي يقود مشاورات مكثفة، وإن كانت أكدت انه من الطبيعي مناقشة ما سيطرح في الصيغة لكنها لفتت انه من الأهمية بمكان التزام حزب الله بما سيقر.
اما ا لمصادر الوزارية المنتسبة إلى القوات اللبنانية فنفت من جهتها ان تكون هناك مسودة حتى الآن، فقط مجرّد كلام، الا انها أقرّت بأن التواصل معها متقطع، في إشارة إلى ان العلاقات مع «المستقبل» لم تسلك بعد طريق الحلحلة، وإن كانت استعادت بعض حيويتها من خلال فتح قنوات اتصال بين الوزرين ملحم رياشي والدكتور غطاس خوري.
ومن جهته، اعرب وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني لـ «اللواء» عن اعتقاده ان المشكلة انتهت ووصلت إلى خواتيمها والأمور إلى تحسن».
وعن شكل التسوية والصيغة التي يمكن ان تعتمد؟ قال الوزير تويني: لا معلومات دقيقة لدي، لأن الاتصالات لم تنته بعد، لكن بالتحليل اعتقد ان الأهم تأكيد ابتعاد لبنان عن سياسة المحاور، خاصة بعد كلام السيّد حسن نصر الله عن الانسحاب من العراق وقرب انتهاء المعارك في سوريا والاقتراب أكثر من الحل السياسي باتفاق أميركي روسي. والاتجاه للسلم سيعطي نتائج جيدة على المستويات، فيصبح الموضوع اللبناني اسهل».
وعن احتمال قبول او رفض السعودية لصيغة الحل المقترح، خاصة بعد دعوة وزير الخارجية عادل الجبير الى نزع سلاح حزب الله؟ قال: لا أعلم ما يمكن ان تقبل به او ترفضه، لكني اعتقد ان صيغة الحل المقترح ترضي الكثير مما طالبت به المملكة، اما موضوع السلاح فهذا شأن لبناني ونحن نقرر كيف نعالج مسألة السلاح، طالما ان السلاح لا يستعمل ضد اي بلد عربي. اما كيف نرتب بيتنا الداخلي فهذا من مسؤوليتناالسيادية، ونحن قررنا عدم التدخل في شؤون الدول العربية ونرجو الا يتدخل احدفي شؤوننا.
زوار الحريري
ومهما كان من امر، فإن زوار الرئيس الحريري في بيت الوسط كانوا جزموا امس، بأن الامور سائرة نحو الايجابية والانفراج.
وقال رئيس المكتب السياسي للجماعة الاسلامية النائب السابق اسعد هرموش، ان الرئيس الحريري طمأن وفد الجماعة بأن البيان الذي تم الاعداد له بات في المرحلة النهائية، وان الامور تسير باتجاه ترتيب البيت الداخلي واستئناف دوره في رئاسة مجلس الوزراء وعقد جلسة للحكومة خلال هذا الأسبوع.
لكن هؤلاء الزوار اشاروا في الوقت عينه إلى انه لا يزال هناك بعض التفاصيل البسيطة التي لا تزال تحتاج إلى بعض المشاورات لوضع اللمسات الأخيرة على البيان المنتظر، واستبعدوا لـ «اللواء» ان تكون هناك إمكانية لأن تلعب الشياطين أي دور في إتمام تفاصيل البيان والتوافق عليه، خصوصا وانه من الواضح ان هناك نيات طيبة لدى الجميع.
ولمس الزوار ارتياح الرئيس الحريري لمسار الاتصالات الجارية، وشددت هذه المصادر على ان الجميع يعي دقة وحساسية المرحلة الراهنة، واهمية الوصول الى التوافق السياسي الداخلي اللبناني المطلوب في هذه الفترة، خصوصا ان مطالب الرئيس الحريري ليست تعجيزية وهي لم تعد خافية على احد، بل هي اصلا في صلب البيان الوزاري لحكومته التي نالت الثقة على اساسه، كما انها ايضا ضمن خطاب القسم وخطابات الرئيس عون امام المنابر العربية والدولية، وهي مطالب طبيعية تؤكد عليها معظم الفئات اللبنانية لاهميتها ولكي يبقى لبنان بعيدا عن اي نيران قد تطاله.
وبحسب المصادر فإن الرئيس الحريري حزم امره وبدأ استعداداته وتحضيراته للمشاركة في اجتماع مجموعة الدعم الدولية الذي دعا لعقده وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لو دريان في باريس يوم الجمع المقبل، مما يُؤكّد ان جلسة مجلس الوزراء ستعقد قبل موعد اجتماع باريس وسيتسلح الرئيس الحريري بالبيان الوزاري الجديد قبل عقد هذا الاجتماع الذي من المتوقع أن يُشكّل دعما دوليا كبيراً للبنان واستقراره واقتصاده، وسيظهر الرئيس الحريري للعالم صورة توافق اللبنانيين خصوصاً حول موضوع نأي لبنان بنفسه عن الصراعات العربية وتمسكه بالمواثيق الدولية.
اللجان المشتركة
ويتزامن انعقاد جلسة مجلس الوزراء اليوم، مع جلسة اللجان النيابية المشتركة التي دعا إلى عقدها اليوم أيضاً الرئيس برّي وعلى جدول أعمالها مشروع وأربعة اقتراحات قوانين تقدمت بها كتلة التنمية والتحرير سبق وأعلن عنها الرئيس برّي في مؤتمر صحافي عقد بعد اجتماع التكتل، وتتمحور كلها حول ملف النفط والغاز - بالتزامن مع الخلافات المستحكمة التي رافقت هذا الملف في مجلس الوزراء حول التلزيمات، وفي ظل المناقصات المنتظرة في موضوع استخراج النفط من المنطقة الاقتصادية الخالصة داخل المياه الإقليمية اللبنانية، ما سيفتح الباب أمام مواجهة حكومية برلمانية من بابها العريض.
ومن المتوقع ان تضع جلسة اليوم، كل الملف سابقاً وحاضراً على بساط البحث، والنقاش في اليوم قبل الدخول في صلب جدول الأعمال والبازر فيه أربعة اقتراحات هي: الموارد البترولية في الأراضي اللبنانية، الصندوق السيادي اللبناني، شركة البترول الوطنية اللبنانية، إنشاء مديرية عامة للأصول البترولية في وزارة المالية.