يعتبر مصطلح الدولة تقليديا تعبير عن الشراكة الموحدة بين مكونات وشرائع وعرقيات مختلفة داخل جغرافيا وحدود محددة ويجمع بينهم تاريخ مشترك سواء من الحروب أو السلام وإرتضوا أخيرا بالعيش معا.
ولكي تتشكل الدولة لا بد من عدة شروط أن تتوفر منها الإعتراف الدولي بها وأن تكون حرة بقرارها السيادي وأن تفرض وحدها بقواها العسكرية والأمنية الأمن والأمان في البلاد وأن لا يشاركها أحد في ذلك إلا في حالات محددة كتوقيع إتفاقات عسكرية لبناء قواعد عسكرية لدول أجنبية ، أما ما عدا ذلك فهو تهديد لمفهوم الدولة وإنهيار للمصطلح والمضمون والشكل وكل شيء.
وكلما تجذرت مؤسسات الدولة في التاريخ وأصبحت " عتيقة " كلما كان نسيج هذه الدولة أقوى وتستطيع أن تستمر بالعمل ولا تتأثر بغياب رئيس وبالتالي فهي ليست مرتبطة بشخص بل بفكرة قانونية يسميها خبراء القانون بالدستور الذي يتضمن صلاحيات للمؤسسات والسلطات لا يجوز المس بها أو التعدي عليها.
وقدم المؤسسات ضمن الدولة يعطيها صلابة وقوة تستطيع من خلالها الوقوف في وجه العواصف ويدخلها في نادي " الدول العميقة " أي الدول المتجذرة بمؤسساتها في التاريخ والتي تمتلك مؤسسات قوية وكيانات سيادية لا يتوقف عملها عند فقدان الزعيم أو الرئيس.
إقرأ أيضا : وهاب: هل يعترف ترامب بالقدس عاصمة للكيان الغاصب ليتلافى العزل؟
نقول هذا الكلام لنعلق على كلام رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب في مقابلته الأخيرة ببرنامج " كلام الناس " مع الإعلامي مارسيل غانم والذي ذكر فيها أن في لبنان دولة عميقة.
فعن أي دولة يتحدث وهاب ؟
هل تمتلك هذه الدولة قرار الحرب والسلم مثلا وهل تمسك بكافة الحدود والمرافىء وهل هي أقوى أو أحزاب الطوائف في لبنان ؟
فكل يوم تقريبا نتفاجأ بإستعراضات عسكرية لميليشيات موجودة في البلد.
ماذا عن عمل المؤسسات التي تعطلت لمجرد أن أعلن الرئيس سعد الحريري إستقالته وكادت أن تنهار الليرة .
أما الدستور فحدث ولا حرج عن خروقات يومية تحصل من تمديد وصفقات وإقرار موازنات من دون قطع حساب.
وفي السياق نفسه ، يظهر النظام اللبناني على أنه نظام زبائني لا نظام مواطنة من أجل ربط جمهوره فيه وإحتكار حقهم في الإختيار.
فقبل أن يتكلم الوزير السابق وهاب عن دولة عميقة في لبنان ، عليه أن يسأل عن الدولة العادية في بلاد الأرز .