الجميع بلا أيّ إستثناء معرّض للإصابة بمتلازمة نقص المناعة المكتسبة أو «السيدا». فهذا المرض قد يصيب الجميع نتيجة بعض العادات الخاطئة، ما يفسّر أهمية الوعي للحدّ منه، أو للتعايش معه في حال الإصابة. فما هي أحدث الدراسات العلاجية؟ وماذا عن إصابة الأطفال؟
 

يُعتبر كانون الأول، شهر «السيدا» بحسب منظمة الصحة العالمية، التي تُعرّف عنه أنه «فيروس العوز المناعي البشري» الذي يصيب خلايا الجهاز المناعي، ويتسبّب في تدمير وظائفها أو تعطيلها.

ويوجد فارق كبير بين حامل فيروس الـ «HIV» ومريض متلازمة نقص المناعة المكتسبة، لاسيما أنّ هذا الفيروس يهاجم جهاز المناعة في الجسم ويعطل عمله، ما يجعل الإنسان ضعيفاً، وبدون أيّ قوة دفاعية ضدّ أيّ مرض، ما يجعله عرضةً للإصابة بأمراض كثيرة وخطيرة، مثل الالتهابات والسرطانات التي تؤدّي الى وفاته.

الكشف مهم بين الـ15 والـ65 عاماً

لا تظهر أيُّ عوارض تشير الى الاصابة بهذا الفيروس في السنوات الخمس الاولى، لذلك ينقله المصاب لغيره دون أن يعرف أنه مصاب. من هنا أهمية الكشف المبكر لاسيما بين عمر الـ 15الى الـ 65 عاماً لعلاج فيروس HIV في حال وُجد، ومنعه من التطوّر والوصول الى مرحلة متقدّمة أي «السيدا».

هكذا تنتقل العدوى!

أمّا اذا كان الشخص مصاباً بفيروس نقص المناعة لا يعني أنه مصاب بالسيدا أو أنه سيموت. فإنّ الكشف المبكر والعلاجات الدوائية التي توفرها وزارة الصحة اللبنانية مجاناً، تساعد على إبطاء التلف الذي يصيب جهاز المناعة، والمحافظة على مناعة جيدّة، والحدّ من انتقال المرض والعيش حياة سليمة.

كما أنّ هذا الفيروس ضعيف جداً، ولا يعيش خارج جسم الإنسان فلا يمكن انتقال العدوى بالملامسة أو باستعمال أدوات الشرب أو الأكل، بل
ينتقل عن طريق الدم والإفرازات الجنسية أي من خلال الأسباب الثلاثة التالية فقط:

- الاتّصال الجنسي غير المحمي بالواقي الذكري

- التعرّض للدم الملوّث عن طريق آلة حادّة ملوّثة، أو عن طريق الإبر والحقن

- من خلال نقل الأم الحامل والمصابة بالفيروس إلى الجنين.


وفاة 120 الف طفل

في هذا الاطار، كشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف)، أنّ 18 طفلاً كانوا يصابون بفيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) كل ساعة، خلال العام الماضي، ما يشير إلى ضعف التقدّم على صعيد حماية أطفال العالم من الفيروس المسبِّب للسيدا.

وتشير توقعات «اليونيسيف» وفقاً لأحدث إحصاءاتها لعام 2017، والتي أعلنتها أمس بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الإيدز، إلى أنه إذا استمرّ المعدّل الحالي فستكون هناك 3.5 ملايين إصابة جديدة بالفيروس بين فئة المراهقين بحلول عام 2030، بينما لفتت الى انه كان هناك 37 مليون شخص مصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة حول العالم العام الماضي.

ومن بين المصابين 2.1 مليون في سن المراهقة أي إنّ هذا المعدل ارتفع 30 في المئة منذ عام 2005، في حين توفي 120 ألف طفل، تقلّ أعمارهم عن 14 عاماً لأسباب مرتبطة بالـ«سيدا».

ويواجه الأطفال المصابون الذين تقلّ أعمارُهم عن 4 سنوات الخطر الأكبر مقارنةً بالفئات العمرية الأخرى. وقالت الدكتورة تشو لو، رئيسة قطاع الإيدز في «اليونيسيف» إنّ «عدوى الإيدز لم تنتهِ، ولا تزال تمثّل خطراً على حياة الأطفال والصغار»، مشيرة الى أنه «ليس مقبولاً أن نرى هذا العدد الكبير من الأطفال يموتون بسبب هذا المرض، دون أن نرى تقدّماً يُذكر لحماية المراهقين من العدوى».

دراساتٌ جديدة

ليس من دواء يقضي على السيدا نهائياً لكنّ العلاج المتكامل على المدى الطويل دون انقطاع يحدّ من تطوّر فيروس الـ»HIV» ويؤمّن حياة طبيعية جداً للمصاب. وفي هذا الاطار، أعلن العلماء هذا الاسبوع، إطلاق دراسة كبيرة لقياس فاعلية لقاح لفيروس «HIV» لإنعاش الآمال في الوقاية من الفيروس المسبّب لمرض نقص المناعة المكتسبة، رغم خيبة الأمل في الماضي.

كما شملت تجربة جديدة 2600 امرأة في جنوب أفريقيا، وضمّت تجريتين سريريّتين كبيرتين للقاح لفيروس «HIV « في آن واحد للمرة الاولى منذ اكثر من 10 سنوات.

وتختبر الدراسة الجديدة مركّباً من لقاحَين طوّرتهما «جونسون آن دجونسون» مع المعاهد الوطنية الأميركية للصحة ومؤسسة «بيل وميلينداغيتس». وبدأت تجربة اللقاح الأول الذي دعمته أيضاً المعاهد الوطنية للصحة في تشرين الثاني الماضي. وتهدف الدراستان، الى اضافة شيء على النجاح المتواضع الذي حققته تجربة سابقة في تايلاند عام 2009، حيث أظهر لقاح سابق إنحسار الإصابات بنسبة 31 في المئة.

في هذا السياق، قال بول ستوفلز كبير المسؤولين العلميّين في «جونسون آند جونسون: «إننا نحقق تقدّماً، ويمكن تحقيق فاعلية بنسبة تفوق الـ50 في المئة».

ويستلزم اللقاحان الجديدان جرعة لتحفيز الجهاز المناعي وحقنة ثانية لتعزيز استجابة الجسم. ويستخدم لقاح «جونسون آند جونسون» تكنولوجيا لدمج بروتينات تحفيز المناعة من سلالات مختلفة لفيروس «HIV» لتمثل أنماطاً مختلفة من الفيروس حول العالم وهو ما يفترض أن ينتج لقاحاً عالمياً. ورغم أنّ أدوية «HIV» الحديثة حوّلت المرض من فتاك إلى مزمن، يُعتقد أنّ اللقاح مهم نظراً لتزايد عدد المصابين.