شكلت تصريحات رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري بشأن سلاح حزب الله الذي قال إنه ليس موجها للداخل صدمة للكثيرين، الذين اعتبروا هذه التصريحات تنازلا منه وتزييفا للوقائع.
وكان الحريري قال في حوار مع مجلة “باري ماتش” الفرنسية خلال زيارة عائلية إلى باريس، “لحزب الله دور سياسي. ولديه أسلحة، لكنه لا يستخدمها على الأراضي اللبنانية. وإن مصلحة لبنان هي بضمان عدم استخدام هذه الأسلحة في أماكن أخرى. وهذه هي المشكلة”.
ورد المستشار في الكونغرس الأميركي وليد فارس على كلام الحريري في تغريدة على موقعه في تويتر بأن “حزب الله اجتاح بيروت وهاجم جبل لبنان بأسلحة ثقيلة في العام 2008، وقام باغتيال السياسيين والضباط والمواطنين اعتبارا من العام 2005. واستخدم أسلحته ضدّ اللبنانيين وينبغي نزع سلاحه بموجب قرار مجلس الأمن 1559”.
من جهته قال النائب عن حزب الكتائب نديم الجميّل عبر تويتر “يقال إن حزب الله لم ولن يستعمل سلاحه داخل لبنان. ماذا عن 7 أيار؟ ماذا عن القمصان السود؟ ماذا عن اتهامات المحكمة الدولية في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري؟ ماذا عن شهداء ثورة الأرز؟”.
ومعلوم أن حزب الله أحد المتورطين الرئيسيين في قتل والد سعد الحريري رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في تفجير ضخم عام 2005، وقد أدانت المحكمة الخاصة المكلفة بالنظر في قضية اغتيال الحريري الوالد 5 عناصر من الحزب.
كما سبق وأن استخدم الحزب سلاحه في الداخل بشكل علني في العام 2008 وتحديدا في 7 مايو حينما قام باجتياح بيروت ومناطق في جبل لبنان، بعد قرار حكومة فؤاد السنيورة بمصادرة شبكة اتصالات الحزب، وقد اضطرت الحكومة إلى التراجع عن ذلك تحت ضغط السلاح.
واعتبر عضو الأمانة العامة في قوى 14 آذار إلياس الزغبي أن “تصريحات الحريري من الخارج لا تبشّر بتسوية على مستوى ‘الصدمة’ بل تؤسّس لصدمة أكبر”.
ولم يفوت وزير العدل السابق اللواء أشرف ريفي الفرصة ليصوب مجددا على الحريري حينما قال “موقفا الرئيسين عون والحريري من سلاح حزب الله إهانةٌ لذاكرة اللبنانيين وتنكرٌ لشهداء ثورة الأرز وشهداء السابع من أيار واستسلامٌ مرفوض للوصاية الإيرانية”.
ردود الأفعال على التصريح المثير للجدل اعتبرها الحريري ومقربون منه ليست سوى نوع من المزايدة السياسية على مواقفه، لافتين إلى أن اليوم تيار المستقبل في مرحلة “ربط نزاع” مع حزب الله وهناك سعي لاحتواء الأزمة السياسية التي شهدها لبنان منذ أكثر من ثلاثة أسابيع على خلفية الاستقالة التي أعلنها الحريري ثم تراجع عنها لفسح المجال للحوار، وبالتالي يعتبرون السعي إلى التهدئة ضرورة وليس خيارا، كما أنه ليس تنكرا للماضي.
ويرى مراقبون أن الحريري يحاول أن يبقي على شعرة معاوية قائمة مع الحزب، خاصة وأن الأخير أظهر نوعا من المرونة في التعاطي مع مطالبه، والتي يتوقع أن يكون الأسبوع المقبل حاسما في التعاطي معها.
وفي المقابل يخشى البعض أن يؤدي منطق المهادنة إلى افتقاد ثقة الشارع السني الذي يعتبر الحريري زعيمه بلا منازع وهو ما أثبتته الأيام الماضية.