على وقع المشاورات التي أجراها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تقف أزمة «تريّث» رئيس الحكومة في الاستقالة بين حدَّين: أولهما حجم التنازلات التي يمكن «حزب الله» أن يقدّمَها للعهد وحكومته. وثانيهما السقف الذي يحمي الحريري للعودة عن استقالته. وما بين الحدَّين تنتظر الأوساط الرسمية حصيلة الحراك الدولي الداعم للبنان. فما هي المخارجُ المتوقّعة؟
عبرت المشاورات الرئاسية على وقع أجواء ايجابية بثّتها دوائرُ القصر الجمهوري بعد «عين التينة» و«بيت الوسط» على قاعدة أن «لا مشكلة إلّا ولها حلّ» في ظلّ القراءة الواضحة للأزمة التي أجمع اللبنانيون على قراءتها للمرة الأولى بعيون واحدة تقريباً.
والتي تمحورت حول العناوين الأربعة التي حدّدها رئيس الجمهورية قبل أن يستدعيَ قادة وممثلي الأحزاب والتيارات والحركات الممثّلة في الحكومة ورئيسَ حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل غير المشارِك في الحكومة.
وقبل البحث في التوقّعات المحيطة بالمشاورات وما يمكن أن تأتي به بديلاً من طاولة حوار أو أيّ شكل من أشكال المشاورات الوطنية الشاملة، تبقى الإشارة واضحة الى أنّ رئيس الجمهورية قصَد مِن كل ما قام به توفير أجوبة واضحة وصريحة على العناوين الخمسة التي شكّلت مضمونَ لقاءاته المعلنة:
- الأول، الوضع العام في البلاد وضرورة حماية الأمن والإستقرار الذي جعل من لبنان «محميّةً أمنية» تحوط بها النيران المشتعلة من جهات عدة.
- الثاني، يكمن في النظرة الى موضوع «النأي بالنفس» ومفهوم الأفرقاء السياسيين وتفسيرهم لهذا «العنوان الفضفاض» الذي لا تفسيرَ دقيقاً له في الدستور ولا في الحياة السياسية العامة سوى أنه بدعةٌ لبنانية اختيرت وسيلةً لإبعاد لبنان من المحيط المتفجّر والخلافات الدموية العربية ـ العربية وتلك التي يعيشها بعض الدول العربية والإسلامية، وبقي مفهومُه مدارَ جدل وتفسيرات متناقضة قياساً على التوازنات المتقلّبة بين مرحلة وأخرى.
- الثالث، يتمحور حول سبل مقاربة علاقات لبنان مع الدول العربية التي تعيش أزماتٍ بينية وإقليمية وخارجية كبرى جعلت منها ساحات لمواجهات إقليمية ودولية بلغت ذروتها من التصعيد الذي لم تشهد مثيلاً له قبلاً.
- الرابع، يتصل بمفهوم استكمال تطبيق «اتفاق الطائف» إذا ما بقي الجامعُ المشترَك بين جميع الفئات اللبنانية في نصّه وروحه وما أنتجه تطبيقُه من معادلات غير ثابتة.
- الخامس، يتّصل بالوضع الحكومي المجمَّد على خلفية تريّث رئيس الحكومة في تقديم استقالته ما لم يستقم الوضعُ الذي كان سائداً في المرحلة الأولى للتسوية الرئاسية التي امتدّت منذ إنهاء الشغور الرئاسي وحتى إعلان الحريري استقالته من الرياض في الرابع من الشهر الجاري، وإحياء العمل الحكومي والأسس الواجب توفيرها لتزخيمه أو اللجوء الى حكومة جديدة يتيحها صوغُ نسخة جديدة للتسوية.
وتزامناً مع ما شهدته مشاورات بعبدا أمس وفي انتظار نتائجها العملية التي ستبدأ بالظهور في الساعات المقبلة تترقّب المراجع المعنيّة التي تدير هذه المرحلة حصيلة المشاورات الإقليمية والدولية التي تقودها فرنسا أوروبياً، ومصر عربياً، وتحديداً نتائج زيارة الموفد الفرنسي لطهران الذي من المفترض أن يكون له دورٌ في توفير الضمانات التي تعيد لبنانَ الى موقع المحايد إزاءَ ما يجري في المنطقة على خلفية عدم قدرته على تحمّل ردّات فعل المواجهة الكبرى في سوريا واليمن ومناطق التوتر الأخرى.
وعليه، يتحدّث العارفون بخفايا الأمور عن سباقٍ بين الوساطة الدولية والمحلّية في اعتبار أنّ أهدافَها واحدة. وهي على رغم كل الآمال المعلّقة عليها ما زالت تقف عند حدود خطوتين كبيرتين:
- الأولى، ما يمكن أن يقدّمه «حزب الله» من ضمانات للعهد قبل الحكومة الحالية، يمكن أن تعيد لبنان الى قلب التسوية التي وضعته خارج تجاذبات أزمات المنطقة وسط توقعات مختلفة حول حجمها ومداها في ظلّ صمت الحزب عمّا ينوي تقديمه أو ما هو ممكن في ظلّ التطوّرات العسكرية على الساحات العراقية والسورية واليمنية.
وإن كان البعض يعتقد أنّ الحزب قادر بما يملكه من فائض قوة أن يقدّم شيئاً بقياس ما تحتاجه التسوية اللبنانية الداخلية لعبور الأزمة القائمة وتوفير الأجواء التي تسمح بالوصول الى الإنتخابات النيابية المقبلة لإعادة تكوين السلطة ومعالجة بعض الملفات الكبرى الإجتماعية والأمنية وفي مقدّمها ملف النازحين السوريين والوضع الإقتصادي تمهيداً للإنتقال الى مرحلة أخرى.
- الثانية، تتوقف عندما ما يطلبه الحريري من ضمانات تعيد الثقة المفقودة بينه وبين مجموعة دول الخليج وفي مقدّمها المملكة العربية السعودية التي تسعى الى كبح جماح الإنفلاش الإيراني في لبنان والفصل النهائي الذي تحققت أولى خطواته في مقرّرات مؤتمر وزراء الخارجية العرب الاخير بين المؤسسات الشرعية والحكومة اللبنانية خصوصاً وبين «حزب الله» بامتداداته الإقليمية عموماً بهدف إستعادة العلاقات الطبيعية بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي بعدما بلغت الضغوط الداخلية على الحريري ما لا يمكنه احتمالُه أوالقبول به.
وما بين هذه الخيارات الداخلية والإقليمية والدولية يترقّب العارفون حجمَ الضغوط الدولية الكبرى التي يمارسها رعاة التسوية الجديدة وهي باتت على قاب قوسين أو أدنى من بلوغ المرحلة التقريرية وسط مؤشرات توحي أنها ليست صعبة وباتت مرهونةً بحجم ما يمكن جبايته أو تحقيقه من ضمانات ستقدّمها إيران والدول الغربية في آن وهو ما يوحي بتسوية جديدة ليس سهلاً تجاوزها داخلياً إذا ما رسمت خطوطها العريضة ما بين باريس والرياض وطهران والقاهرة من دون أن تكون واشنطن وموسكو بعيدة عنها.
وبناءً على ما تقدّم، يبقى الرهان كبيراً على المبادرات الخارجية التي تتلاقى وللمرة الأولى مع ما هو مطروح على أهل الحكم والحكومة في الداخل من استحقاقات كبرى نتيجة الزلزال الذي أصاب لبنان على أكثر من مستوى، والذي ما زالت تردّداته تلقى الصدى المُراد في الخارج على أمل أن تنتهي الصيَغ المطروحة في وقت لا يتجاوز مطلع الأسبوع المقبل ليظهر الخيط الأبيض من الأسود.
والتي تمحورت حول العناوين الأربعة التي حدّدها رئيس الجمهورية قبل أن يستدعيَ قادة وممثلي الأحزاب والتيارات والحركات الممثّلة في الحكومة ورئيسَ حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل غير المشارِك في الحكومة.
وقبل البحث في التوقّعات المحيطة بالمشاورات وما يمكن أن تأتي به بديلاً من طاولة حوار أو أيّ شكل من أشكال المشاورات الوطنية الشاملة، تبقى الإشارة واضحة الى أنّ رئيس الجمهورية قصَد مِن كل ما قام به توفير أجوبة واضحة وصريحة على العناوين الخمسة التي شكّلت مضمونَ لقاءاته المعلنة:
- الأول، الوضع العام في البلاد وضرورة حماية الأمن والإستقرار الذي جعل من لبنان «محميّةً أمنية» تحوط بها النيران المشتعلة من جهات عدة.
- الثاني، يكمن في النظرة الى موضوع «النأي بالنفس» ومفهوم الأفرقاء السياسيين وتفسيرهم لهذا «العنوان الفضفاض» الذي لا تفسيرَ دقيقاً له في الدستور ولا في الحياة السياسية العامة سوى أنه بدعةٌ لبنانية اختيرت وسيلةً لإبعاد لبنان من المحيط المتفجّر والخلافات الدموية العربية ـ العربية وتلك التي يعيشها بعض الدول العربية والإسلامية، وبقي مفهومُه مدارَ جدل وتفسيرات متناقضة قياساً على التوازنات المتقلّبة بين مرحلة وأخرى.
- الثالث، يتمحور حول سبل مقاربة علاقات لبنان مع الدول العربية التي تعيش أزماتٍ بينية وإقليمية وخارجية كبرى جعلت منها ساحات لمواجهات إقليمية ودولية بلغت ذروتها من التصعيد الذي لم تشهد مثيلاً له قبلاً.
- الرابع، يتصل بمفهوم استكمال تطبيق «اتفاق الطائف» إذا ما بقي الجامعُ المشترَك بين جميع الفئات اللبنانية في نصّه وروحه وما أنتجه تطبيقُه من معادلات غير ثابتة.
- الخامس، يتّصل بالوضع الحكومي المجمَّد على خلفية تريّث رئيس الحكومة في تقديم استقالته ما لم يستقم الوضعُ الذي كان سائداً في المرحلة الأولى للتسوية الرئاسية التي امتدّت منذ إنهاء الشغور الرئاسي وحتى إعلان الحريري استقالته من الرياض في الرابع من الشهر الجاري، وإحياء العمل الحكومي والأسس الواجب توفيرها لتزخيمه أو اللجوء الى حكومة جديدة يتيحها صوغُ نسخة جديدة للتسوية.
وتزامناً مع ما شهدته مشاورات بعبدا أمس وفي انتظار نتائجها العملية التي ستبدأ بالظهور في الساعات المقبلة تترقّب المراجع المعنيّة التي تدير هذه المرحلة حصيلة المشاورات الإقليمية والدولية التي تقودها فرنسا أوروبياً، ومصر عربياً، وتحديداً نتائج زيارة الموفد الفرنسي لطهران الذي من المفترض أن يكون له دورٌ في توفير الضمانات التي تعيد لبنانَ الى موقع المحايد إزاءَ ما يجري في المنطقة على خلفية عدم قدرته على تحمّل ردّات فعل المواجهة الكبرى في سوريا واليمن ومناطق التوتر الأخرى.
وعليه، يتحدّث العارفون بخفايا الأمور عن سباقٍ بين الوساطة الدولية والمحلّية في اعتبار أنّ أهدافَها واحدة. وهي على رغم كل الآمال المعلّقة عليها ما زالت تقف عند حدود خطوتين كبيرتين:
- الأولى، ما يمكن أن يقدّمه «حزب الله» من ضمانات للعهد قبل الحكومة الحالية، يمكن أن تعيد لبنان الى قلب التسوية التي وضعته خارج تجاذبات أزمات المنطقة وسط توقعات مختلفة حول حجمها ومداها في ظلّ صمت الحزب عمّا ينوي تقديمه أو ما هو ممكن في ظلّ التطوّرات العسكرية على الساحات العراقية والسورية واليمنية.
وإن كان البعض يعتقد أنّ الحزب قادر بما يملكه من فائض قوة أن يقدّم شيئاً بقياس ما تحتاجه التسوية اللبنانية الداخلية لعبور الأزمة القائمة وتوفير الأجواء التي تسمح بالوصول الى الإنتخابات النيابية المقبلة لإعادة تكوين السلطة ومعالجة بعض الملفات الكبرى الإجتماعية والأمنية وفي مقدّمها ملف النازحين السوريين والوضع الإقتصادي تمهيداً للإنتقال الى مرحلة أخرى.
- الثانية، تتوقف عندما ما يطلبه الحريري من ضمانات تعيد الثقة المفقودة بينه وبين مجموعة دول الخليج وفي مقدّمها المملكة العربية السعودية التي تسعى الى كبح جماح الإنفلاش الإيراني في لبنان والفصل النهائي الذي تحققت أولى خطواته في مقرّرات مؤتمر وزراء الخارجية العرب الاخير بين المؤسسات الشرعية والحكومة اللبنانية خصوصاً وبين «حزب الله» بامتداداته الإقليمية عموماً بهدف إستعادة العلاقات الطبيعية بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي بعدما بلغت الضغوط الداخلية على الحريري ما لا يمكنه احتمالُه أوالقبول به.
وما بين هذه الخيارات الداخلية والإقليمية والدولية يترقّب العارفون حجمَ الضغوط الدولية الكبرى التي يمارسها رعاة التسوية الجديدة وهي باتت على قاب قوسين أو أدنى من بلوغ المرحلة التقريرية وسط مؤشرات توحي أنها ليست صعبة وباتت مرهونةً بحجم ما يمكن جبايته أو تحقيقه من ضمانات ستقدّمها إيران والدول الغربية في آن وهو ما يوحي بتسوية جديدة ليس سهلاً تجاوزها داخلياً إذا ما رسمت خطوطها العريضة ما بين باريس والرياض وطهران والقاهرة من دون أن تكون واشنطن وموسكو بعيدة عنها.
وبناءً على ما تقدّم، يبقى الرهان كبيراً على المبادرات الخارجية التي تتلاقى وللمرة الأولى مع ما هو مطروح على أهل الحكم والحكومة في الداخل من استحقاقات كبرى نتيجة الزلزال الذي أصاب لبنان على أكثر من مستوى، والذي ما زالت تردّداته تلقى الصدى المُراد في الخارج على أمل أن تنتهي الصيَغ المطروحة في وقت لا يتجاوز مطلع الأسبوع المقبل ليظهر الخيط الأبيض من الأسود.