تبرأ العرب والمسلمون من تنظيم داعش واعتبروه إرهاباً وافداً عليهم وهو من صنع الشياطين لا من صنع الآلهة وادعوا قتاله واقتلاع شوكته ومازالوا في الطريق المُفضي إلى عالم عربي وإسلامي منزوع من داعش ومن التطرف و الإرهاب الذي ينتشر كوباء الكوليرا في المجتمعات المستعدة لفعل أيّ شيء للخلاص من دنيا الفناء .
هذا الإجماع من الدول العربية والإسلامية مجرد قناع لا أكثر لحقيقة مساهمتهم ومشاركتهم الآثمة في دفع المجتمعات إلى أحضان التطرف من خلال إتباع سياسات مسهلة لأدوار الإسلامين السياسي والجهادي عوضاً عن إعتماد الدول على المؤسسات الدينية الرسمية لتثبيت دعائم الأنظمة القائمة واعتماد الشريعة الإسلامية كمصدر أو مصدراً وحيداً للتشريع عوضاً عن قيام دول ملتحفة بعباءة الدين وتطلق على أنظمتها أسماء الله الحسنى .
قديماً إستخدم الرئيس أنور السادات جماعة الإسلام السياسي لمواجهة تيارات اليسار والقوميين ونجح من خلالهم في إنهاء دور الجماعة اليسارية ومن ثم سُحب السلاح الإسلامي المصادر من جعبته وتمّ تصفية الحساب معه على خلفية التعامل مع العدو الإسرائيلي وإستغلال ورقة الإسلام السياسي لصالح سلطته دون مقابل سلطوي في حين أن العلاقة مع السادات أسهمت في تغلغل الإسلاميين في الوسط المصري سواء داخل عُلب النخب أو في الفضاء الشعبي .
إقرا أيضا: الحريري وجعجع على مفترق طرُق
وقد سبقت مصر السادات السعودية التي أسهمت في تقوية الإسلام الجهادي من خلال الدعم المفتوح للمجاهدين الأفغان في صراعهم مع النظام الشيوعي وهذا ما أدّى إلى إمتداد الدور الجهادي على الطريقة الأفغانية إلى سائر الأمصار العربية والاسلامية وكان لدعاة المذهب الوهابي الدور الأساسي في فتح باب الجهاد الأفغاني على مصارع العالمين العربي والإسلامي ومن ثم تحوّل المجاهدون إلى بُغاة بعد أن بغوا على المملكة التي دعمتهم وسهلت لهم وسائل الإنتصار على نظام نجيب الله وعلى الإحتلال الروسي .
كذلك فعلت إيران إذا اعتمدت على الإسلاميين كرُسل لثورتها ومن ثم كأذرع لدولتها ويكاد أن لا ينجو حزباً إسلامياً غير متورط بعلاقة مع الإيرانيين في كل بقاع العالم وهي نجحت حتى الآن في الحفاظ على علاقته بالإسلاميين على إختلاف صيغهم وطوائفهم ومللهم و أحزابهم ولم يحصل معها حتى الآن ما حصل مع دول إعتمدت على الإسلاميين كمرحلة ضرورية وإن حصل بعض الفتور مع جهات إسلامية لكنه لم يصل إلى مستوى الإحتراب أو ما يشبه الإنقلاب على العلاقة المستوعبة لكل أطر الإسلاميين " معتدلين " ومتطرفين وما حالة حركة حماس إلا نموذجاً عن الفتور الساخن والذي لم يصل لمستوى الفعل المستعدي لإيران فهو بالكاد وصل إلى حد الإنقطاع عن إيران مالياً وسياسياً وخفض مستوى العلاقة إلى مستويات أدنى مما كانت عليه قبل دخول إيران الحرب السورية لصالح نظام الأسد وشن هجوم على الربيع العربي الذي رفع من مستوى الإسلام السياسي في حسابات السلطة في أكثر من بلد عربي .
على نفس الخطى تسير تُركيا بقيادة أردوغان الإخواني إذ أنه حاول ويحاول إغلاق باب الدولة العلمانية لصالح فتح الباب العالي والعودة إلى زمن الخلافة العثمانية وهذا ما دفعه إلى تبني سياسات متأسلمة رفعت من دور الإسلاميين في مناشط عديدة وما دور تركيا كمركب نقل للإسلاميين إلى سورية والعراق إلاّ مشهداً من مشاهد تركيا المتعددة الأدوار لصالح الإسلامين السياسي والجهادي وهذا ما وسع من دائرة الجهاد الديني تحت رايات متعددة لخلق الدولة الإسلامية المفقودة .
لا تزال لائحة المعتمدين على الإرهاب والتطرف من دول عربية و إسلامية مفتوحة على الجميع دون إستثناء وقد لعبت كل أنظمة الإستبداد نفس الدور لديمومة نعمة السلطة باعتماد الإسلاميين كأدوات داخلية وخارجية لتحسين شروط حكمهم الطويل الأمد .
من هنا يبدو تنظيم داعش ومن سبقه ومن سيلحق به من أحزاب الإسلامين السياسي والجهادي نسخة طبق الأصل عن الأنظمة السائدة في بلاد العرب والعجم .