عدل لبنان عن فكرة المشاركة في اجتماع وزراء دفاع التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الارهاب، الذي استضافته المملكة العربية السعودية، الأحد في 26 تشرين الثاني. فبعدما شكر رئيس الجمهورية ميشال عون الملك سلمان بن عبدالعزيز على دعوة لبنان إلى المؤتمر، والموافقة على مشاركة الوزير يعقوب الصراف، عاد لبنان عن قراره، وقرر عدم المشاركة. لم توضح المراجع الرسمية سبب عدم المشاركة، فيما هناك من اعتبر أن لبنان أراد تجنّب المشاركة في الاجتماع لتجنّب أي حرج قد يصدر عنه، لاسيما بعد تصنيف حزب الله منظمة ارهابية في جامعة الدول العربية.
أما مصادر متابعة فتقول إن لبنان ظنّ في البداية أن الاجتماع مخصص لوزراء الدفاع العرب، فوافق. ولما تبين أن الاجتماع مخصص للتحالف الإسلامي تراجع رئيس الجمهورية، لأن لبنان ليس عضواً في التحالف، رغم أنه تمثّل بسفيره لدى الرياض، وعلماً أنه خلال الفراغ الرئاسي وافق الرئيس تمام سلام على الإنضمام إلى التحالف.
وسط هذه الاجواء، تستمر الضغوط الدولية، التي تقودها المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، من أجل اجبار إيران على تقديم تنازلات في المنطقة. وبمعزل عن التفاصيل اللبنانية وفترة التريث وما يمكن أن يتحقق، لا شك أن مؤشرات عديدة تفيد بأن هناك تحولات كبرى ستحصل في المنطقة، قد تكون على صعيد التحالفات الجديدة التي ستنشأ. المعطيات تفيد بأن هذه التحالفات ستؤدي إلى حصول ضربة معينة أو حرب في منطقة ما، ستكون مكمّلة للحرب المشهودة الآن.
تصر السعودية على ضرورة حصر نفوذ إيران في المنطقة، من لبنان إلى اليمن والبحرين. لذلك، فسحت المجال أمام المساعي السياسية والدبلوماسية الدولية لإيجاد حلّ لهذه الازمات، عبر إجبار إيران على تقديم تنازلات جدية، انطلاقاً من لبنان عبر تطبيق سياسة النأي بالنفس، وانتفاء منطق الغالب والمغلوب. في مقابل ذلك، في انتظار بلورة التطورات الإقليمية، يُحضّر حزب الله للمرحلة المقبلة، التي ترتكز على مبدأ عودته إلى لبنان، لاسيما أن الحزب يعتبر أن لبنان سيكون قاعدته الصلبة، التي ستحفظ دوره ومداه. لذلك، يحرص على الامساك بكامل مفاصل السلطة، عبر التفاهمات التي يعقدها مع مختلف الأطراف.
لا شك أن أسئلة كثيرة ترافق كل هذه التطورات تتعلق بمصير حزب الله، عندما سيحين وقت التسويات، وهل أن الحزب سينسحب إلى لبنان محتفظاً بسلاحه؟ هنا، تبرز التحذيرات الإسرائيلية التي تطرح في كل لحظة، حول أن إسرائيل لن تسمح لحزب الله بنقل سلاحه النوعي والكاسر للتوازن إلى جنوب لبنان، كي لا يشكل تهديداً لها. عليه، هناك أفكار عدة تطرح، لكنها لا تبدو واقعية، كإبقاء حزب الله سلاحه في سوريا، وتسليمه إلى السلطة السورية التي قد تتشكل بعد إنجاز التسوية، أو أن تسترده إيران.
بالإضافة إلى مسألة السلاح ومصيره، هناك موضوع أساسي يتعلّق بالمناطق الحدودية بين لبنان وسوريا، التي يسيطر الحزب عليها. هنا، يدور البحث حول كيفية إيجاد تسوية لهذه الأراضي، وبعض الطروحات تقضي بأن يسلم الحزب المواقع من الجهة اللبنانية على طول السلسلة الشرقية إلى الجيش اللبناني. أما من الجهة السورية، فإن العمل سيكون من مهمات روسيا، التي ستسعى إلى إيجاد حلّ ملائم لهذه المناطق، وقد تطلب من إيران وحزب الله الانسحاب منها، لتجنيبها أي توتير أو تصعيد عسكري.
لا شك أن حزب الله يعمل على دراسة كل الخيارات التي ستفرضها الوقائع السياسية، التي تبدأ من استعداده لتسهيل مهمة رئيسي الحكومة والجمهورية في ترتيب الوضع مع دول الخليج والمجتمع الدولي، وذلك لتعزيز مفهوم النأي بالنفس. فيما هناك من يأمل من الحزب أكثر من ذلك، ويلجأ إلى البدء بسحب قواته من كل الجغرافيا السورية، وتجميعها ضمن عملية إعادة تموضع في مدينة القصير في ريف حمص. وهي أول المدن التي سيطر عليها الحزب، وأقام فيها قواعد عسكرية وتدريبية.