الخطة ترتكز على تجفيف مصادر المال المرتبطة بطهران، والمالكي يفتعل معركة فساد في حزب الدعوة لإبعاد الشبهات عنه
 

قالت مصادر سياسية عراقية إن رئيس الوزراء حيدر العبادي سيبدأ حملة ضد “كبار الفاسدين”، كواجهة لمرحلة جديدة في العراق تلي دحر تنظيم داعش، وأن الهدف منها تحجيم النفوذ الإيراني داخل العراق.

ووفقا لمصادر قريبة من العبادي، فإن “رئيس الوزراء ينوي التحرك نحو محاصرة مصالح شخصيات سياسية شيعية في بغداد موالية لإيران بناء على قرار دولي”.

وأعلن العبادي أن “المرحلة المقبلة في العراق ستشهد حربا على الفساد والفاسدين”. وقال، “مثلما كان الخيار أمام إرهابيي داعش الاستسلام أو الموت، فإن الفاسدين سيخيرون بين أن يسلموا ما سلبوه للعفو عنهم أو أن يقضوا بقية حياتهم في السجن”.

وتابع، “سندخل معركة مع الفساد وسننتصر فيها. سنفاجئ الفاسدين، وسيستغربون مما سنفعله”.

ويقول المحلل السياسي العراقي، واثق الهاشمي، إن “العبادي بدأ بفتح ملف الفساد بعد الانتهاء من ملفات محاربة داعش وأزمة إقليم كردستان وعلاقات العراق الخارجية”، مشيرا إلى أن الحملة ستطول “أسماء كبيرة من الطبقة السياسية أو من رجال الأعمال الذين يمثلون الواجهات الاقتصادية للأحزاب والشخصيات السياسية”.

وقال الهاشمي إن “فريقا تحقيقيا دوليا أسهم في كشف وتوثيق العديد من ملفات الفساد” في العراق، وسلم نتائج عمله إلى الحكومة العراقية.

وتقول مصادر سياسية شيعية في بغداد إن الفريق المحيط برئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، وهو أبرز حليف عراقي لإيران، “يشعر بأنه هو المستهدف بهذه الحملة”.

ويتهم المالكي، بتبديد أموال طائلة، خلال ولايتين دامتا 8 أعوام على رأس السلطة في العراق، كما شهدت فترته الثانية سقوط أجزاء واسعة من البلاد في أيدي متشددي داعش.

ومنح المالكي لقادة ميليشيات عراقية موالية لإيران امتيازات في مشاريع تدر الملايين من الدولارات لمساعدتهم على تجنيد الآلاف من الشبان، بين عامي 2012 و2014، فيما عرف حينذاك بمشروع “المقاومة الإسلامية”، حيث سافر عدد كبير منهم إلى سوريا، للقتال تحت إمرة قيادات في الحرس الثوري الإيراني، إلى جانب جيش نظام الرئيس بشار الأسد.

وفي إجراء نادر طرد حزب الدعوة الذي يتزعمه المالكي وينتمي إليه العبادي، أحد أبرز قادته بعد اتهامه بالفساد. وأعلن الحزب أنه قام بالتحقيق مع محافظ بغداد السابق، والعضو البارز في الدعوة، صلاح عبدالرزاق، ثم فصله بعد ثبوت إدانته بالفساد.

ويقول مراقبون إن “المالكي ربما يكون سمح بهذه الخطوة داخل الحزب، تزامنا مع إعلان العبادي عن حملته لمكافحة الفساد، لتجنب الظهور بمظهر حامي الفاسدين”.

وتداول نشطاء في “فيسبوك” قوائم تضم شخصيات عراقية بارزة، قيل إن حملة العبادي ستستهدفها. ولاحظ مراقبون أن معظم الشخصيات الشيعية التي وردت في هذه القائمة مقربة من المالكي.

ولم تعلق أي جهة رسمية ببغداد على هذه القوائم، لكن أنصار المالكي يقولون إنها مزيفة، وتندرج في إطار التنافس السياسي الشيعي.

وتقول مصادر سياسية رفيعة لـ “العرب”، إن “العبادي يمتثل لقرار دولي، تقف خلفه دول كبرى، ويستهدف محاصرة النفوذ الإيراني في العراق”.

ووفقا لهذه المصادر، فإن “حلفاء إيران في العراق، استخدموا البلاد لتنظيف أموال تعود للحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، كما أنهم حصلوا خلال ولاية المالكي الثانية على تسهيلات كبيرة، ساعدتهم في الاستحواذ على أموال عراقية طائلة، تحت لافتة إنشاء مشاريع استثمارية”.

وتقول المصادر إن “الجانب الأكبر من خطة العبادي لمكافحة الفساد، يرتكز على تجفيف مصادر المال المرتبطة بإيران في العراق”.

ولكن أوساطا سياسية في بغداد، تعتقد بصعوبة تبني العبادي حملة لمواجهة الشخصيات الكبيرة، على غرار المالكي.

وتتحدث الأوساط السياسية عن “الحصانة التي يتمتع بها المالكي وحلفاؤه، في العراق بسبب صلتهم العلنية بإيران”.

ويقول مراقبون إن “العبادي قد يفتح على نفسه أبواب الجحيم، إذا ما قرر الاصطدام بالمالكي”.

لذلك يعتقد هؤلاء أن “حملة الفساد التي يتبناها العبادي، ربما ستقتصر على ملاحقة شخصيات من الدرجة الثانية، متورطة في فساد تنفيذي مثل المحافظين، والوزراء الذين لا ينتمون إلى كتل سياسية قوية، والإدارات الوسطى في المؤسسات الحكومية”.