هل في لبنان أزمة حكومية سياسية أم هنالك أزمة كيان وانتماء، وهل الجميع يطبّقون الفدرالية وشرها، دون إعلانها، ثم يقولون بلبنان الوطن ثم يقولون بلبنان أولا؟
قبل كل شيء عروبة أي بلد عربي مقياسها التصدّي للعدو الإسرائيلي ومساعدة الشعب الفلسطيني المظلوم، لا القيام بحلف مع إسرائيل مثل الحلف السعودي - الإسرائيلي حاليا، الذي أقامه محمد بن سلمان مع اعلى القيادات الإسرائيلية، وباتوا ينسقون معاً، وأي عروبة في السعودية والرياض أصبحت في تل ابيب وتل ابيب أصبحت في الرياض.
نحن نعيش فدرالية وشرها، ولبنان ليس وطناً فعليا، بل هو كيان اصطناعي يضم طوائف وكل طائفة لها انتماء. أليس حزب الله والمقاومة بدأا بمقاومة الاحتلال الاسرائيلي في الجنوب، ومعهم رشاش كلاشينكوف وبالكاد قذيفة آر. بي. جي، ولم يجدا الا سوريا تساعدهما بقدر استطاعتها، ولكن ليس كثيرا، في بداية مقاومتها، لكنها دعمتهما معنويا وببعض الأسلحة ووجدت المقاومة نفسها وحدها تقاتل العدو الإسرائيلي لتحرير الجنوب، ولم تتحرك أي دولة عربية لمساعدة مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، لا السعودية ولا الخليج ولا بقية الدول العربية، ولا هم ذهبوا الى مؤتمر طارئ لجامعة الدول العربية لوزراء الخارجية، ولا هم ذهبوا الى الأمم المتحدة لتنفيذ القرار 425 الذي يقول بانسحاب اسرائيلي غير مشروط ن جنوب لبنان.
دخلت ايران على الخط وساعدت المقاومة ونشأت علاقة بين المقاومة وايران، وعلاقة بين شيعة لبنان وشيعة ايران، وولاء حزب الله لولاية الفقيه. فقد قدمت ايران كل المال والسلاح لحزب الله، فأصبح حزب الله في حلف مع ايران وفي ولاء مطلق مع معظم الطائفة الشيعية لولاية الفقيه او للمرجع الأعلى الشيعي في النجف وكربلاء. هذا هو وضع الطائفة الشيعية والمقاومة وحزب الله.
السنة موالون للسعودية والشيعة لإيران
في المقابل، الطائفة السنية موالية للسعودية منذ زمن طويل وبعيد، والحاكم باسم الله في السعودية يستند الى الوهابية والى الشريعة الإسلامية، ويحكم الشعب باسم الله. والإسلام هو دين المملكة العربية السعودية، والسنّة في لبنان يوالون السعودية ويعتبرونها الدولة السنيّة القوية في المنطقة، وهي مرجع. والرئيس سعد الحريري رئيس وزراء لبنان، على تنسيق كامل مع السعودية، وهو يواليها وينفذ توجيهاتها.
وكان الرئيس سعد الحريري يناقش مع القيادة السعودية امورا كثيرة قبل تنفيذها، لكن الحريري وجد نفسه تحت ضغط لم يسبق له مثيل من محمد بن سلمان ولي اعهد، ولم يستطع النقاش في وضع لبنان، مع ان الرئيس سعد الحريري كان رمز الاعتدال ورمز العمل على اعمار لبنان وتسهيل المؤسسات من خلال رئاسته للحكومة طوال 10 اشهر، كان اللبنانيون يراهنون على امر هام، وكان الحريري القادر على القيام بنهضة عمرانية عبر رئاسته للحكومة وادارتها لنهضة الاقتصاد اللبناني وزيادة نموه وإخراج لبنان من الازمة الاقتصادية التي يعيشها في حالة صعبة جدا.
وجد الحريري نفسه انه لا يستطيع النهوض اقتصادياً في لبنان دون مساعدة الخليج، وبخاصة المملكة العربية السعودية، لكن الطائفة السنية توالي السعودية والطائفة الشيعية توالي ايران، فكيف الحل؟
استقالة الحريري والنأي بالنفس
استقال الرئيس سعد الحريري وطالب بالنأي في النفس وتنفيذه فورا. واعلن تريثه في تقديم استقالته نتيجة تمني رئيس الجمهورية. واذا استطاعت طاولة الحوار الوصول الى حلول، فان سحب خبراء حزب الله من اليمن يحتاج الى وقت. ثم ان انسحاب حزب الله من العراق يحتاج الى اشهر، كما ان انسحابه من سوريا يحتاج الى سنة او سنتين. ثم ان البحث في سلاح حزب الله في لبنان يحتاج الى وضع سياسة دفاعية كاملة تشمل الجيش والأجهزة الأمنية والشعب والمقاومة اللبنانية، وحزب الله لتحديد كيفية ردع أي عدوان إسرائيلي على لبنان، لأنه بات معروفا ان الجيش اللبناني عبر انكشاف كل ثكناته العسكرية ووزارة دفاعه واسلحته ودباباته، فان الطيران الإسرائيلي قادر على تدميرها، اما وجود المقاومة تحت الانفاق وعدم ظهور صواريخها والقيام بإنشاء مراكز تحت الارض في غرف عمليات ووجود عناصر مسلحة كي تنهض من الانفاق وتتصدى للجيش الاسرائيلي وتهزمه، كما قام المجاهدون في مارون الراس وضربوا لواء غولاني نخبة الجيش العدو وقتلوا من الجيش الاسرائيلي عددا كبيرا وهزموا لواء غولاني في مارون الراس ومحيطها.
لذلك، فان السياسة الدفاعية المطلوب وضعها، تحتاج الى طاولة حوار ونقاش مع قيادة الجيش اللبناني لوضع استراتيجية دفاعية متكاملة. ضباط الجيش اللبناني هم مثقفون واشتركوا في دورات تدريبية عالية ودورات اركان في الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا، وهم يستطيعون وضع سياسة دفاعية، وإذّاك يتم بحث سلاح المقاومة.
نحن أمام مشكلة كيان وانتماء
نحن امام مشكلة ليس ازمة حكومية سياسية، نحن أمام مشكلة كيان وانتماء. الطائفة السنية تنتمي الى السعودية وتواليها بمعظمها. المقاومة والشيعة ينتمون بمعظمهم الى ايران، وايران والسعودية في حرب كبرى، فهل يستطيع الرئيس عون او الرئيس بري او الرئيس سعد الحريري او الوزير جنبلاط وضع حد للصراع الإيراني - السعودي، في حين نرى اميركا وروسيا وأوروبا غائبة عن هذا الصراع، باستثناء فرض عقوبات لفظية وغير هامة من قبل إدارة ترامب او أوروبا على ايران او حزب الله، وليس لها قيمة فعلية على الأرض.
أميركا والمؤامرة على سوريا
في العراق الجيش الأميركي موجود، والحشد الشعبي وايران موجودان، والجيش الأميركي لم يتحرك قط تجاه إيران، ويتعايش مع القوة الإيرانية في العراق. في سوريا لم تحرك اميركا ساكناً، بل تركت الخليج ودولاً أخرى ودعمت بالمال القوى التكفيرية ضد سوريا، لكنها فعلا لم تفعل شيئاً سوى المؤامرة على سوريا، لكنها لم تضع حداً لأي تدخل إيراني في سوريا.
ثم انه في لبنان تفرض أميركا عقوبات على حزب الله، وحزب الله لا يحتاج الى حسابات مصرفية، فهو يستعمل المال الإيراني نقدا لدفع كل مصاريفه.
الاعلام الاميركي والاوروبي ينتقد السعودية بسبب اليمن
اما في اليمن فان الصحف الأميركية والأوروبية تنتقد الحرب السعودية على اليمن وحصار 230 مليون يمني وموت الأطفال في اليمن ومنع الغذاء والدواء عن 20 مليون يمني بسبب الحصار السعودي والقصف الجوي وحرب عاصفة الحزم على اليمن. ثم ان الغرب قلق من خلال حصار السعودية والدول الأربع على قطر، وهو حتى الآن لم يجد حلاً لهذه الأزمة، لا بل ان قطر ازدادت قربا من ايران.
لبنان مجموعة طوائف
في لبنان ليس هنالك ازمة حكومية، بل أزمة كيان وانتماء وهل لبنان كيان قادر على الحياة، أم انه مجموعة طوائف وكل طائفة توالي دولة خارجية، مثلما السنة يوالون السعودية ومثلما الشيعة يوالون ايران؟ اما بالنسبة الى المسيحيين، فقد كان هنالك للبنان رئيس مسيحي ماروني ضمن 22 دولة عربية وهو الرئيس المسيحي الوحيد، والعالم العربي يضم 350 مليون مسلم والرئيس اللبناني المسيحي لديه صلاحيات فجاء الطائف وسحب صلاحيات الرئيس الماروني المسيحي وأعطاها لرئيس الحكومة السني، رغم الكلام بأن القرار يتخذ في مجلس الوزراء مجتمعا، لكن حقيقة الامر ان رئيس الحكومة السني أصبحت صلاحيات رئيس الجمهورية عنده.
الطائف اعطى الصلاحيات لرئيس الحكومة السني والمسيحيون يستقيلون من الدولة
لقد تعطل المجلس النيابي 3 سنوات ولم يتم شل البلد. وحصل فراغ رئاسي على مستوى رئاسة الجمهورية مرتين ولمدة سنتين ولم يصب البلد بالشلل. اما عندما استقال رئيس الوزراء السني 15 يوما فوقع الشلل في البلاد واهتز الاستقرار، لان الطائف اعطى الصلاحيات الفعلية لرئيس الحكومة السني، ولان الطائف جرت كتابته وتم نصه في المملكة العربية السعودية تحت رعاية المرحوم الأمير سعود الفيصل واشتراك الرئيس الشهيد رفيق الحريري والسفير الأميركي ساترفيلد ومجموعة ارادت سحب صلاحيات الرئيس المسيحي. وماذا يفعل الان المسيحيون غير الاستقالة من الدولة، والمسيحيون عانوا الكثير من الرهان على الخارج، ثم وجدوا انفسهم مدمرين، وبلداتهم وقراهم مدمرة بسبب حروب، سواء حرب عون وجعجع ام حرب عون وسوريا ام حرب فتح ضد الجيش اللبناني. والطائفة السنية دعمت فتح ضد الجيش اللبناني وليس بمعظمها والحرب الداخلية الطائفية دارت طوال 15 سنة، ولذلك اصبح المسيحيون لا يهمهم الصراع الإيراني - السعودي وانت اذ تنتقل من بعبدا الى الحازمية الى سن الفيل الى قضاء المتن الشمالي الى قضاء كسروان والفتوح الى قضاء جبيل الى قضاء البترون الى قضاء الكورة الى قضاء زغرتا الى قضاء بشري، تسأل المسيحيين عن الصراع الإيراني - السعودي، والجميع يجاوبونك انهم لا يهمهم الامر. وهم اصبحوا خارج المراهنات الخارجية، وهم لا يوالون احداً وهم يرون انفسهم انهم استقالوا من الدولة، بخاصة بعد سحب صلاحيات رئيس الجمهورية، واصبح واقع الامر ان لبنان يعيش شر فدرالية شيعية تعيش في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية والبقاع الأوسط، وشر فدرالية سنية تنتشر في صيدا وبيروت وطرابلس والضنية والمنية وعكار والبقاع الأوسط، وإقليم الخروب وجزء من العرقوب. وهكذا بات لبنان يعيش شر الفدرالية عبر الجغرافيا وعبر انتماء الطائفة الشيعية لإيران والطائفة السنية للسعودية.
الزواج المدني يريده المسيحيون
الزواج المدني يريده المسيحيون، وعلماء المسلمون يعلنون الثورة على مبدأ الزواج المدني. والمسرحية الكبرى ان الزواج المدني هو على مسافة ربع ساعة في قبرص حيث يذهب س لعقد الزواج المدني، ثم يعودون الى لبنان، ويقبله القانون اللبناني ويسجله، ويحصل الزواج على أساسه ويحصل الطلاق على أساس القانون القبرصي. ومع ذلك الزواج المدني في لبنان مرفوض من طائفة ومقبول من طائفة. ونحن نتحدث عن الزواج المدني الاختياري الذي هو الان في جوارير رئاسة الحكومة السنية.
لبنان بلد يعيش شر الفدرالية
لبنان بلد يعيش شر الفدرالية، فلماذا لا يعلنون الفدرالية وشرها؟ واذا كانوا يخافون من إعلانها، فليذهبوا الى وحدة وطنية الى وحدة الانتماء والانتماء الى لبنان، الى لبنان العربي الفعلي، الى لبنان المعادي لإسرائيل، الى لبنان الذي ينصر الشعب الفلسطيني المظلوم، الى لبنان أولا لنصرة نصف مليون فلسطيني يقيمون في المخيمات منذ 70 سنة وفي مخيمات تعسة وظالمة وتحت التنك، والبيوت جدرانها ضعيفة لا يسكنها الا اقصى المظلومين على كرة الأرض.
اذا كنا نريد لبنان أولا، علينا ان نكون ننتمي الى ولاء واحد والى هوية واحدة. فاذا كان ميثاق 1943 اعلن ان لبنان ذو وجه عربي، ونتيجة طلب المشاركة الإسلامية في الحكم عبر المظاهرات، جرت ازمة سياسية كبرى في لبنان ودعمتها فتح والفلسطينيون بخاصة، وان اكثريتهم من الطائفة السنية، الى ان وصلنا الى سقوط الاتفاق الثلاثي. وبعد ذلك جرى اتفاق الطائف، الذي قال إن لبنان عربي، ولم يعد ذا وجه عربي، كما قال ميثاق 1943. ولبنان عربي صحيح، ولكن اين وحدة الانتماء، اذا كان المسيحيون يشعرون بأنهم استقالوا من الدولة بعد سحب صلاحيات رئيس الجمهورية المسيحي؟ واذا كان الشيعة يقولون ان ايران تدعمهم بالمال والسلاح وليس لهم غير حليف قوي الا ايران في المنطقة، واذا كان السنّة يوالون السعودية ويأخذون بتوجيهاتها وأوامرها. واذا كانت الطائفة الدرزية اخذت على نفسها قرار الحياد، فأين الوحدة الوطنية، وأين الانتماء الواحد، وأين الكيان اللبناني المستقل عن أي انتماء الى دولة خارجية وتلقّي الأوامر منها؟ اما ان تعلنوا ان الفدرالية وشرها هما الدستور الفعلي والأفضل للبنان، واما ان تعلنوا ان لبنان وطن ويجب ان يكون وطننا، وان نحميه، وان نقدم له الدماء، وان نقدم له كل ما نستطيع، وان نعيش في وحدة وطنية حقيقية، وان نعيش في وحدة تعايش مسيحي - إسلامي، وفي وحدة حياة، ونبني لبنان، ونبني مجتمعاً مدنياً لا فرق بين مسلم ومسيحي، بل تكون قيمة المواطن على أساس كفاءته، لا على أساس مبدأ المناصفة 6 و6 مكرر، ولا على أساس المرجعيات الدينية التي تؤثر في الحكم السياسي، إضافة الى العصبية المذهبية التي انتشرت في لبنان.
الانتماء للبنان وليس الى ايران أو السعودية أو فرنسا
اذا اردتم لبنان الوحدة الوطنية، فقوموا بالانتماء الى لبنان فقط، لا الى ايران ولا الى السعودية، ولا الى فرنسا، بل قوموا بالانتماء الى لبنان فقط. وليتكم تضعون مبادئ لبنان في السياسة الخارجية، وفي سياسة الدفاع عن نفسه في منطقة مشتعلة بالنار. ان اول عدو واخطر عدو لوجود لبنان هو إسرائيل، وعلى هذا الأساس تكون الوحدة الوطنية بأن يعلن الشعب اللبناني كله ان إسرائيل عدو، وان يتم تسليح لبنان بالسلاح الكافي لردع إسرائيل ضد أي عدوان منها، ما دام انه لا يستطيع الانتصار عليها، وليس لديه ترسانة إسرائيل العسكرية. وانه ليس هنالك من عدالة أميركية تجاه القضية الفلسطينية، فعلى الأقل فلنعلن وحدة وطنية على أساس تعايش حضاري إسلامي - مسيحي ووحدة حياة واحدة، وهوية لبنانية واحدة، ولكن دون ان ننسى قضية فلسطين، التي يجب ان تبقى قضية العرب الأولى، لا ان تقوم دول عربية بالتطبيع مع العدو الاسرائيل فيما الشعب الفلسطيني مظلوم ومشرد في الشتات، لا ان تقوم السعودية بإنشاء حلف مع إسرائيل لان ايران خطر عليها وتحتاج الى القوة الإسرائيلية التي هي معادية لإيران. ولا ان تقوم السعودية بانتفاضة ضد الوجود الإيراني في اليمن او العراق او سوريا او لبنان فجأة وتقرر تغيير موازين القوى واسقاط حكومات وشن حروب ومحاصرة قطر ودعم عشائر سنية في العراق وارسال تكفيريين الى سوريا وكأن الامر في هذه السهولة، بل ان الامر يحتاج الى سنوات. حتى ان الرئيس الحريري الذي تريث لمدة أيام او أسابيع، انما يقوم بديكتاتورية كاملة لفرض شروطة على الساحة اللبنانية، وهذه الشروط تحتاج الى سنة للتفاهم عليها. والمطلوب من الرئيس الحيري ما دام انه تريث في الاستقالة نتيجة تمني رئيس الجمهورية، ان يدعو الحكومة اللبنانية ويترأس جلساتها ويبدأ بالعمل وفي الوقت عينه تجري طاولة حوار، ويكون تفعيل الحكومة وإقرار بنود جدول اعمالها وبخاصة التنقيب عن النفط وحل مشكلة الكهرباء وكيفية النهوض بالاقتصاد اللبناني وزيادة نموه بنسبة 1 ونصف فقط في المئة الى 5 في المئة اذا استطاع لبنان.
الدولة الارهابية الكبرى هي السعودية
اما الجامعة العربية فقد وصفت حزب الله بالارهابي، لكن الدولة الارهابية الكبرى هي السعودية وهي مَن أرسلت التكفيريين، فقاموا بتخريب أهم المدن العربية وأهم مدينة في المشرق وهي الموصل وقتلوا المئات عبر تفجير السيارات والعمليات الارهابية وما كان التكفيريون الا ارهابيين ولا فرق بين الارهابيين والتكفيريين. أما حزب الله، فهو حزب مقاوم قاتل اسرائيل ولم يفجر او يقتل. أما التكفيريون فهم الارهابيون. وحزب الله حزب مقاوم هزم اسرائيل التي هي أكبر دولة ارهابية، واسرائيل تمارس ارهاب الدولة اما حزب الله فهو حزب المقاومة الذي حرر ارض الجنوب اللبنانية وهزم اسرائيل في حرب تموز، فكيف يمكن أن تصفه الجامعة العربية بأنه حزب ارهابي؟ وكيف لا تفرّق الجامعة العربية بين المقاومة والارهاب؟ وهذا الأمر يشكّل أكبر وصمة عار على الجامعة العربية بأن تصف حزب الله بالارهابي.
نحن نسأل هل أن السعودية التي خاضت حرباً على اليمن وقامت باستعمال مئة طائرة أف-15 الاميركية المتطورة بأحدث الصواريخ وقامت بضرب الشعب اليمني، ألم تكن تعتقد بأن الشعب اليمني له الحق في الدفاع عن نفسه وهل ان اطلاق صاروخ من اليمن على الرياض وأسقطه الأميركيون قبل الوصول الى هدفه هو ارهاب أو دفاع عن الشعب اليمني؟ أم أن الارهاب وتجويع 20 مليون يمني وترك 400 الف منهم مصابين بالكوليرا وكذلك حصار 20 مليوناً في اليمن أليس هو ارهاباً؟ اما المملكة العربية السعودية الدولة الارهابية الاولى فقامت بتمويل وتسليح اكثر من 100 الف تكفيري وارهابي وارسالهم الى العراق وسوريا عبر دفع اموال الى تركيا لوصولهم الى العراق وسوريا وتدمير الحضارة العراقية واسورية وارسالهم الى لبنان فهذا هو الارهاب.
طاولة حوار ومصارحة شاملة
وفي الوقت نفسه، تكون هنالك طاولة حوار ومصارحة شاملة هل يستطيع حزب الله التخلي عن حلفه مع ايران، هل يستطيع حزب الله الانسحاب من سوريا والعراق فورا كما يريد الرئيس الحريري، وهل يستطيع الحريري التخلي عن حلفه مع السعودية وعدم الاخذ بتوجياتها ومناقشتها؟ ان وضع لبنان صعب، ولا يمكن الاستقالة في هذا الشكل والقيام بصدمة سلبية تهز الاستقرار اللبناني وتهز وضع لبنان كله.
ان الأمور تحتاج الى عقلانية، ان الأمور تحتاج الى حوار صريح، ان الأمور تحتاج الى تحديد انتماء لبناني واحد، ان الأمور تحتاج الى مجتمع مدني لا مذهبية فيه، ولا مراجع دينية تحكم، بل مراجع دينية تعطي النصائح وتقدم المشورة وتعطي الروح المقدسة للشعب اللبناني من خلال القرآن الكريم والانجيل والحكمة، وهذا ما يحتاج إليه الشعب اللبناني ولا يحتاج الى أزمات.
دستور فدرالي رغم شره
اننا نرى ان الازمة الحالية ليست ازمة حكومية بل هي ازمة كيان وانتماء، فإما ان تعلنوا دستوراً فدرالياً وشر الأمر الواقع بفرض الفدرالية على الشعب اللبناني كما تعملون في لبنان أو ان تضعوا دستوراً مدنياً لأن لبنان هو البلد الحضاري العظيم الذي قدّم نموذجاً للعالم عن الوحدة الوطنية وحوار الأديان وعيش المسلمين والمسيحيين في دولة واحدة عبر تضحيات قاموا بها في سبيل الدولة والجمهورية اللبنانية. ولبنان لا يعيش الا ضمن مجتمع مدني لا يقوم على العصبية المذهبية ولا الطائفية، بل على الانتماء الوطني وعلى العروبة، والعروبة تقضي بنصرة شعب فلسطين وكل شعب عربي مظلوم.
فرجاء اجلسوا الى طاولة الحوار وحددوا مواقفكم بصراحة وشجاعة، والناس يسألونكم الى اين تذهبون بالشعب اللبناني؟ والشعب اللبناني يجوع والشعب اللبناني فقير والشعب اللبناني معذب والشعب اللبناني يعيش كل 10 سنوات حرباً او ثورة، نتيجة دستور طائفي، مذهبي ونتيجة غياب الاتجاه الى مجتمع مدني يضرب العصبية المذهبية ويجعل وحدة الحياة بين المسلمين والمسيحيين على قاعدة حضارية تمثل افضل نموذج للعالم، من خلال لبنان المتنوع بالدين المسيحي والدين الإسلامي وبالحكمة.
ما هو الوضع السياسي ووضع الحكومة ومواقف الأطراف؟
مصادر قريبة من حزب الله تقول انه حتى الان لم يتم التباحث معها بشأن اليمن والعراق وسوريا وسلاح المقاومة في لبنان، وان لا رئيس الجمهورية ولا رئيس المجلس النيابي ولا مصادر من رئيس الحكومة أوصلت مواقف الى حزب الله عن وضعه في منطقة المشرق العربي حتى الخليج.
اما بالنسبة الى الرئيس الحريري، فلم يحدد مدة التريث، لكنه يريد أجوبة واضحة على شروط يحملها نتيجة قناعاته ونتيجة ضغط محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، وخطة سعودية ضد ايران ونفوذها في لبنان والمنطقة. ولا يعرف الشعب اللبناني مدة التريث، ويعيش القلق في شأن استقالة جديدة وسقوط الحكومة وكيفية تشكيل حكومة جديدة تقاطعها الطائفة السنية، لانه اذا استقال الرئيس سعد الحريري لن يشترك تيار المستقبل في المشاورات النيابية لتشكيل الحكومة، وبالتالي لن تكون حكومة جديدة دون الطائفة السنية.
كذلك اذا تم قيام البعض بفرض شروط على حزب الله لا يقبلها، فقد يقاطع المشاورات النيابية اذا استقالت الحكومة، ولن يشترك في حكومة تحاول فرض شروط عليه، وبالتالي لن تكون هنالك حكومة دون الطائفة الشيعية.
صلاحيات الرئيس المسيحي
اما بالنسبة الى المسيحيين، فهم استقالوا من الدولة بعد سحب صلاحيات الرئيس المسيحي واعطائها لرئيس الوزراء السني. والمسيحيون الذين كان عددهم في لبنان 3 ملايين ونصف مليون، هاجر منهم مليونان وبقي في لبنان مليون ونصف مسيحي فقط، وهم اصبحوا في اوستراليا وكندا وأميركا والبرازيل والأرجنتين وغيرها، بخاصة بعد ان عانوا المراهنة على الخارج، وكان اخرها رفض العماد ميشال عون حتى اخر نقطة دم من جندي شهيد لوقوفه ضد الطائف. اما لماذا عاد العماد ميشال عون ووافق على الطائف، فالسؤال نطرحه عليه.
وكانت «الديار» طوال فترة حكم عون في التسعينات ضد الطائف، وما زالت تريد طائفاً لمجتمع مدني ولدولة مدنية حديثة.
ونحن لا نستطيع الاستمرار في ظل الطائف، بل نريد دستوراً مدنياً لمجتمع مدني، ونريد ارجاع بعض الصلاحيات الى رئيس الجمهورية المسيحي، لان لبنان دون الدور المسيحي يعيش الاصطدام السني - الشعي المباشر، في حين كان المسيحيون يقومون بدور الوسيط القوي، عبر صلاحيات رئيس الجمهورية كيلا يصطدم السنّة بالشيعة في لبنان، وهذا ما يحصل حاليا.
اما بالنسبة الى الرئيس نبيه بري، فقد اعلن ان 90 في المئة من الخطورة قد مر، وان الازمة قد تجد حلا لها، وقد بشّر الرئيس بري الشعب اللبناني بحلول قريبة.
عون سيبدأ اتصالاته
اما بالنسبة الى موقف رئاسة الجمهورية، فان العماد ميشال عون سيبدأ اتصالاته وقد يدعو لطاولة حوار، لدراسة الوضع الإقليمي كله وانعكاسه على لبنان، وموقف حزب الله الحليف لإيران وموقف تيار المستقبل ورئيسه سعد الحريري الذي هو رئيس مجلس الوزراء وحلفه مع السعودية.
إضافة الى بحث تفعيل الحكومة، اذا وافق الرئيس الحريري بانتظار تريثه بالاستقالة، لان المطلوب من الحكومة إقرار بنود كثيرة على جدول اعمالها، فليقم الرئيس الحريري بخدمة وطنية كبرى ويجمع مجلس الوزراء ما دام انه متريث في تقديم الاستقالة وإقرار البنود الضرورية للشعب اللبناني وللبنية التحتية في لبنان، من كهرباء الى التنقيب عن النفط، الى بنود كثيرة تهم الهيئات الاقتصادية التي هي أساس النهوض الفعلي في لبنان.
والحل بحوار لبناني خارج ايران والسعودية واي دولة أخرى، وعلى قاعدة الانتماء الى وحدة لبنان الحقيقية. وهنا يكون الحل، اما غير ذلك فلبنان ذاهب الى ازمة كبرى هي ازمة كيان، هي ازمة انتماء، وعندئذ اعلن صراحة انكم شيعة وسنّة ومسيحيون ودروز تطبّقون الفدرالية الطائفية في لبنان وتطبقون الجغرافيا الفدرالية في لبنان. وما دام ان الشعب اللبناني قد لا يذهب الى الفدرالية ويريد الوحدة الوطنية، فأنقذوا لبنان بحوار عقلاني موضوعي وطني يؤدّي الى حل جذري للازمات في لبنان.