بعدما سرق رئيس الحكومة سعد الحريري كل الأضواء في الاسبوعين الماضيين، وبعدما بلغ ذلك ذروته يوم أمس باعلانه التريث بتقديم استقالته، عادت هذه الأضواء لتتجه مجددا الى حزب الله وللضمانات التي سيقدمها لملاقاة الحريري عند منتصف الطريق، ولانقاذ التسوية الرئاسية وبالتالي اخراج البلد من الأزمة التي وضعته مؤخرا في عنق الزجاجة.
وان كان البعض يعتبر ان الحزب استبق قرار الحريري هذا بتقديم "ضمانات شفهية" على لسان أمينه العام السيد حسن نصرالله في اطلالته الأخيرة ساعدت رئيس الحكومة بحسم أمره، الا ان هناك من ينتظر أكثر من ذلك لجهة القيام بـ"خطوات عملية" تلاقي الوساطات الاقليمية والدولية التي بذلت لاحتواء التصعيد السعودي. وفي هذا المجال، تكشف مصادر في قوى 8 آذار مقربة من حزب الله ان "الخطوات العمليّة" سبقت فعليا "الضمانات الشفهية" التي قدمها ولو بشكل غير مباشر السيد نصرالله، "لجهة ان انسحاب الحزب من العراق بدأ قبل اعلان الأمين العام عنه"، موضحة ان "تواجده هناك يقتصر أصلا على الكوادر والقيادات والخبراء، والذين يستخدمون عادة للتحشيد. اما وقد انتهت هذه المرحلة، فقد بدأ هؤلاء بالعودة الى لبنان".
الحزب الذي يبدو متساهلا في الحديث عن الانسحاب الكامل من العراق، يرفض تعميم الحالة العراقية على تلك السورية. ويشدد على ان مهماته في سوريا لم تنته، رابطا ايّاها بملفين رئيسيين، هما ملف ادلب والأكراد. وتشير المصادر في هذا الاطار الى ان الملف الأول قد يكون جزءا من حل سياسي ينتج عن قمة "سوتشي" الروسية– الايرانية–التركية، اما الملف الثاني فتبقى معالجته غير واضحة على الاطلاق وأكثر تعقيدا من اي من الملفات الأخرى التي لا تزال على طاولة البحث. وتضيف المصادر: "لا يتصورنّ أحد انّه قادر على دفع الحزب للانسحاب من سوريا قبل اتمام مهمته الأخيرة هناك والمتمثلة بتثبيت الانتصار وحراسته، خاصة وان الكثير من المجموعات الارهابية تحولت الى خلايا نائمة قد لا تتأخر بتنفيذ ضربات محددة في اوقات معينة".
وتربط المصادر سلوك حزب الله في هذه المرحلة بـ"درجة الأخطار والموجبات"، لافتة الى ان "الحاجة للحزب في سوريا تراجعت بمقدار النصف ولكنّها لم تنتفِ ما يستدعي نفس الزخم والحماس".
اما موضوع سلاح الحزب ووضعه مجددا على طاولة البحث، فتعتبر المصادر ان من يعول على ذلك فهو "مجنون تماما"، مشددة على انّه وبعد ما حصل في سوريا والعراق، فحزب الله بات متمسكا أكثر من اي وقت مضى بسلاحه. واضافت: "الدول الكبرى رضخت لذلك، وبعض اصوات الداخل لا تزال تغرّد خارج سرب الواقعية والمنطق"، مشيرة الى ان "الموقف الذي اعلنه الرئيس الفرنسي ايمانويال ماكرون مؤخرا يوحي بتغيير استراتيجي في الموقف الدولي من موضوع السلاح، فقد استخدم مصطلح التمنّي على الحزب بوضع سلاحه جانبا واحترام سيادة لبنان بعدما كان الفرنسيون وسواهم يستخدمون مصطلح انتزاع السلاح".
اذا هي الأضواء تعود مجددا الى حزب الله الذي بات يتقن فنّ التعامل معها، فهل يصوبها مجددا الى الحريري برفضه التجاوب مع بعض الشروط الدولية، ام يهادن ملتزما بحد أدنى من سياسة النأي بالنفس؟.