شكل قرار الجامعة العربية تطوراً جديداً، في مسار الأزمة اللبنانية. يفرض تصنيف حزب الله منظمة إرهابية السؤال، إذا ما كان القرار مقدمة لخطوات أخرى، أم أنه سيكون مجرّد بيان. في الرد السريع والأولي لحزب الله وإيران على القرار، اعتبرا أنه غير ذي قيمة، ولن يغير في مسار الصراع في المنطقة. فيما من هم في الجهة المقابلة، تنقسم آراؤهم وتقديراتهم حول هذا القرار، وما يمكن أن يليه. بعض المتحمسين يعولون على هذا القرار، ويعتبرون أنه سيفتح مسارات جديدة في التعاطي مع إيران وحزب الله، وأن كل ما يجري حالياً هو تحضير الأجواء وتهيئة سياسية وإعلامية، لاتخاذ خطوات بحق الحزب. فيما هناك من يرفض استعجال الاستنتاج، ويعتبر أن القرار ليس ذا أهمية.
بعيد القرار، حضر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إلى بيروت. واختلفت التقديرات بشأن الزيارة، كما اختلفت بشأن توصيف موقف أبو الغيط. ووفق المعلومات، فإن هذه الزيارة محددة مسبقاً، ولا علاقة لها بما صدر عن وزراء الخارجية العرب، بل هو أتى للمشاركة في مؤتمر للأسكوا، كما أنه كان من المفترض أن يشارك في ندوة تنظمها مؤسسة فؤاد شهاب، لكنها عادت وألغيت. واتخذ أبو الغيط من الزيارة التي تزامنت بعيد صدور القرار، للقاء المسؤولين اللبنانيين. وهو حاول التخفيف من حدة القرار.
في كلمته الافتتاحية لاجتماع وزراء الخارجية العرب، كان السقف الذي رفعه أبو الغيط مرتفعاً جداً، ووجه إتهامات واضحة لإيران وحزب الله، لكن في نهاية الاجتماع أكد أن ما صدر ليس إعلان حرب على إيران، ولا يهدف إلى الذهاب نحو مجلس الأمن وتقديم شكوى. وهو ما اعتُبر تخفيفاً للهجة، ويعني أن لا استراتيجية واضحة حتى الآن.
أما في بيروت، فقد اختلف كلام أبو الغيط عن مضمون القرار، إذ أكد أنه لا يراد تحميل لبنان الرسمي أو الحكومة اللبنانية مسؤولية الاعتداءات التي تتعرض لها الدول العربية من جانب فئة مشاركة في هذه الحكومة. وهذا الكلام لا يُطابق الموقف السعودي، الذي يعتبر أن الموقف الرسمي اللبناني وتغاضيه عن حزب الله والسماح له بالمشاركة بالسلطة والقرار، أمور تعني أن لبنان مشارك في هذا الاعتداء.
وبمعزل عن غاية زيارة أبو الغيط، فإن التقديرات تذهب إلى أنه عمل على إبلاغ السلطات اللبنانية بالقرار، وأراد إيصال رسالة أساسية تتحدث عن دقة الوضع وأنه لا يحتمل أي تهور، أو أي خطوة غير محسوبة. بالإضافة إلى وضع الخطوط الحمر أمام أي تحرك قد يؤدي بالأمور إلى تطورات سلبية، تؤدي إلى اهتزاز الاستقرار. فيما الطرف الآخر يعتبر أنه قد يكون أبلغ اللبنانيين بأنه يتعرض لضغط من السعوديين لضرورة الضغط بهدف تغيير مواقف الحكومة اللبنانية تجاه حزب الله.
لا يخفي بعض المتحمسين للقرار السعودي والتصعيد الذي يترافق معه، باصابتهم بخيبة أمل مما صدر عن الجامعة العربية، معتبرين أن القرار هو أدنى الطموحات، ولم يكن على مستوى التوقعات، لأنه لم يرفق بأي خطوات عملانية أو وضع رؤية واضحة لمسار الأمور، وكيفية تنفيذ ما كتب. ويشيرون إلى كلام وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، الذي ركّز على اليمن ولم يذكر لبنان. وهذا ما يجعلهم يعتبرون أن السعودية قابلة للتفاوض بشأن الحصول على تنازلات إيرانية في اليمن، بدون التركيز على لبنان.
في المقابل، هناك من يفصل قرار الجامعة العربية عن التوجهات السعودية، والإجراءات التي يمكن اتخاذها. ويستندون إلى ما قاله الجبير خلال زيارته إلى اسبانيا، حين اعتبر أنه لا يمكن للبنان أن ينعم بالاستقرار قبل ازالة سلاح حزب الله. ويشيرون إلى رسالة خطيرة مررها الجبير، لها علاقة بالقطاع المصرفي اللبناني، حين قال إن الحزب سيطر على القطاع المصرفي. ما يعني أن ثمة في الخفاء إجراءات بحق لبنان قد تكون موضوعة جانباً، معبرين عن خشيتهم من أن تصل هذه الإجراءات إلى حد مقاطعة لبنان مالياً وإقتصادياً.
في موازاة هذا التصعيد السعودي، وصل السفير الجديد وليد اليعقوبي إلى بيروت، وهو كما بات معروفاً أحد أقرب المقربين للوزير ثامر السبهان، الذي كان قد أطلق المواقف التصعيدية ضد حزب الله والحكومة قبيل استقالة الرئيس سعد الحريري. ووصول اليعقوبي سيشكل مفارقة في مسار الأزمة. وفيما كان من المتوقع أن تخفض السعودية تمثيلها الدبلوماسي في لبنان، تأتي الخطوة معاكسة. ما يضعه البعض في سياق نية السعودية بالتصعيد والمواجهة من داخل لبنان وليس من خارجه. على أن يتابع السفير الجديد مسار التطورات في البلد عن قرب. فيما هناك من يشير أيضاً إلى أن اليعقوبي سيتابع عن كثب المسار السياسي الذي سيرسيه الحريري بعد عودته.